حين تصبح فلسطين قضية كلام !


بالفعل ، هى الآن كلام في كلام مع بضعة تصريحات ، فقد انقضت مدة طويلة لم نسمع خلالها ألحان وشدو وتغريد هالبلبل ، كنا مرتاحين من سماع هالصوت الذي يمتاز بكل ما هو نشاز سياسي ووطني ، أين كانت هذه الغيبة الطويلة ؟ الله ، وياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أعلم ، فالشهور القليلة الماضية كانت فيها ساحة السلطة خالية لشقيقه صائب عريقات الذي كان يطل علينا بين الفينة والفينة ببعض التصريحات ، حتى ظهر أخيرا القمر ياسر بحديث خص به صحيفة " القدس العربي " التي صدرت الثلاثاء الماضي الموافق الثامن عشر من الشهر الجاري أيلول / سبتمبر

 

 
من يقرأ تصريحات أمين سر منظمةالتحرير التي أعقبت إجتماعات " القيادة الفلسطينية " سيدرك كم هو مشوش وضائع هذا الأمين ، وهو في ذلك يعكس بأمانة وصدق أوضاع الحال الداخلي لهذه القيادة التي خرج علينا متحدثا بإسمها ، ولذلك فقد صدق المثل القائل – هالطين من هالعجين – والجود غالباً ما يكون من الموجود ، أليس كذلك ، فالقادة العظام والرجال الذين قد يتمتعون بالحد الأدنى من المرجلة والمصداقية و المسؤولية السياسية والإنتماء الوطني للقضية والشعب أصبحوا اليوم سلعة نادرة وللأسف ، فماذا بمقدور ياسر عبد ربه أن يقول عن فجوى إجتماعاتهم يا ترى ؟ هل يخترع مواقف وفاقد الشيء لا يعطيه ! .

 


التأتأة واللعثمة وعدم القدرة على النطق بجملة وطنية واحدة مفيدة ، كان هو الطاغي على حديث الأمين أطال الله في عمره ، فمرة يتحدث عن إلغاء أوسلو ، ثم يعقب بالقول القضية ليست إلغاء أوسلو ، ثم يضيف متسائلا عن الفائدة و الهدف من قتل ما هو ميت وفي ذلك إشارة أيضا لإتفاق أوسلو ، والتي لم تنجح تفاهمات جنيف التي أدارها ورعاها حضرة جنابو و على مدى شهور في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مخلفات وقمامة أوسلو وما جرته من وبال على نضالنا الوطني ، وأوضاعنا الداخلية على الأقل في ما يخص الفصائل التي لا تزال تتمسك بهذه المنظمة التي يتحدث بإسمها .

 


الأنكى ، وما يبعث على الأسى أن يأتي هذا " القيادي " ليقول لنا وبعد عقدين من العبث بالمصير الوطني بأن أوسلو و إن كان لا يزال مطروحاً ، لكننا نبحث عن بديل أفضل لأن نتنياهو خلق وقائع إستيطانية جعلت من قيام دولة في حدود 67 أمرا مستحيلا ، خصوصا بعد إنهيار العملية التفاوضية ، وإنتهاء أوسلو إلى الفشل فيما يخص هدف تحقيق الإستقلال الوطني ، ولكن المشكلة ، وحسب أقوال ياسر أفندي أن القيادة دام عزها وبعد يومان من الإجتماعات المكثفة تعيش و لا تزال تباين في وجهات النظر حول البدائل وجدوى الإلغاء ، طبعا هذا صحيح ، فإلغاء أوسلو وحرقه ودفنه بحاجة إلى نوعية معينة من القادة الرجال ، هى اليوم في حكم المفقودة و للأسف .

 


يقولون أن ما تريده وتسعى إليه " القيادة " برئاسة محمود عباس هو بدائل أفضل تساعد السلطة في مواصلة دورها الوطني ، فهل قامت هذه السلطة منذ تأسيسها أصلا بممارسة هذا الدور ؟ والكل يعلم أن إنجازاتها إنصبت على التنسيق الأمني وخدمة الإحتلال ، وعلى المحافظة على دور التابع الإقتصادي الذي لا يجيد سوى لغة التوسل والتسول ، عدنا بذلك إلى ذات المربع ، فالرئيس أبو مازن وكما يذكر الجميع أشعبنا حديثا وتهديدا باللجوء إلى الخيارات التي ستقلب كل الموائد و قد المنطقة برمتها ، ولكن بلا فائدة ، ذبلت وتلاشت " خيارات " أبو مازن لأنها لم تكن في الحقيقة سوى فقاعات صابون ، فهل ستنفع " فقوسات " ياسر وبدائله التي يأتي اليوم ليحدثنا عنها و بعد يومين من الإجتماعات المكثفة و المركزة للزعماء و القادة ! .

 


بعد ستة عقود وأكثر من الثورة والنضال ، تأتي هذه القيادة وناطقها الرسمي لتقول لنا أننا بحاجة إلى مشروع سياسي متكامل تتوافق عليه القوى الوطنية ، وحتى لا نقوم بقفزات في الهواء ونطرح بدائل لا نعرف نتائجها وعواقبها ، فكيف يمكن لنا أن نعلق على هذا الكلام الذي يبكينا قبل أن يضحكنا ، فهم يعترفون بعدم وجود مشروع سياسي من ناحية ، وحسب ما جاء في ختام تصريحات السيد ياسر ، و يقرون بأن عليهم التوقف عن " اللعب في الملعب " الذي يحدده الإحتلال دائما وعن الدوران في ذات الحلقة التي ترسمها حكومات العدو المتعاقبة .

 


الخلاصة ، هذه ليست إجتماعات قيادة مؤهلة لقيادة شعب نحو تحرره الوطني ، وهذه ليست سوى مجموعة أو شلة عاجزة عن الدفاع عن المصير الوطني ، وعليه ، فالمطلوب منها هو الرحيل والتقاعد وإعلان الإفلاس ، و بالتالي إغلاق ملف هذه السلطة العبثية ، ولتتفضل الأجيال الجديدة بتحمل مسؤولياتها في البحث عن البدائل الوطنية الكفيلة بالدفاع عن هذا المصير الوطني وقيادة الشعب نحو تحقيق أهدافه ، وأقل المطلوب هو إعلان الإنتفاضة الثالثة التي ستعيد لنا كرامتنا ، و بغير ذلك ستظل فلسطين قضية كلام لا أكثر و لا أقل .