انفجار بيروت .. دلالات التوقيت و من يخطط لقلب الأوراق؟
إذا اهتز لبنان اهتز الإقليم بكل من فيه، والإشكال الكبير ليس فيمن يقف وراء ما جرى في ميناء بيروت، وإنما فيمن يخطط لقلب الأوراق وتغيير المشاهد، وإيصال لبنان إلى حافة الهاوية، بل والعمل على إدخال الدولة اللبنانية في دائرة من الفراغ، وإعادة سيناريو الحرب الأهلية في ظل واقع جديد يتشكل، ويستهدف ضرب الاستقرار في لبنان بأكمله.
عشر ملاحظات
1-قبل ساعات من التفجير المروع الذي تم في مخزن بحري وداخل ميناء هو الأهم في لبنان، وليس في أي مدخل بحري آخر، كانت استقالة وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي، وترشيح آخر، والبدء في نقاشات مفتوحة حول احتمال انهيار الحكومة، وتقديم استقالتها وتولي حكومة جديدة، وعلى رغم إنكار رئيس الحكومة ذلك رسمياً، إلا أن كل الشواهد كانت تشير إلى أن هناك من يعمل على إدخال لبنان في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما بدا جلياً بحادث الميناء، الأمر الذي قد يفتح الباب على مصراعيه لتكراره، حتى يدخل لبنان في متاهات جديدة من أعمال العنف والإرهاب غير المسبوق.
2-إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا على وجه الخصوص مساعدة لبنان، وتقديم كل الخدمات المتاحة والممكنة لإنقاذه له ما يبرره، فلبنان هو ترمومتر الاستقرار في الإقليم، وبالتالي فإذا تجددت الحرب الأهلية في لبنان فلربما سيكون لها تداعيات أخرى على دول الجوار، سواء أكانت العراق أم سوريا أم الأراضي الفلسطينية، وقد تصل لعواصم عربية أخرى، ولهذا كان التحرك الديبلوماسي والإعلامي العاجل واللافت للتفاعل مع ما جرى والتنديد به على المستويات كافة.
3-بقاء حزب الله في دائرة محددة من المعادلة اللبنانية، فالحزب متهم بأنه زجّ بلبنان في مواجهات مفتوحة، وأن تدخله في سوريا أضرّ بالمصالح اللبنانية، وأن خروجه وعودته إلى لبنان كان وما يزال مطلوباً، ولكن الحزب الذي رفض الإنصات للدعاوى اللبنانية، ورفض نزع سلاحه، هو ذاته الذي حدد ورسم بدقة قواعد الاشتباك مع إسرائيل، والتزم بها حتى في المواجهة الأخيرة، ورفض الخروج عنها على رغم تتالي تصفية عناصره الميدانية، ولكنه فضّل أن يحتفظ بالرد في وقت لاحق، سواء أكان من سوريا أو مزارع شبعا، أو من مناطق التماس، ولكن الحزب التزم ولم يخرج عن الإطار المحدد، كما ظلت قياداته تمتلك خطاباً إعلامياً أكثر منه سياسياً.
4-تعجلت قيادات أمنية محسوبة على حزب الله، وأيضا اللواء عباس إبراهيم، الإعلان عن أن الحادث تمّ في سياق محدد، ومن خلال وجود المتفجرات مخزنة في داخل الميناء من سنوات، وأنه لا يوجد عمل إرهابي، وكأن قيادات الحزب وبعض المسؤولين اللبنانيين يسعون لابعاد الشبهة المباشرة عن اتهام الحزب، أو على الأقل العلم ببعض تفاصيله.
5-جاء الحادث غير المسبوق في عدد القتلى والمصابين قبل أيام قليلة من احتمالات إصدار حكم قضائي من المحكمة الدولية في قضية رفيق الحريري، الأمر الذي يكاد يربط بين أمرين، أولاهما أن هناك من ينقل رسالة مهمة لتيار المستقبل قبل صدور الحكم المتوقع، ويريد أن يفرض تشويشاً حقيقياً ومباشراً على ما سيجرى، وثانيهما أن حزب الله نفسه سبق وأن قام بعمليات مشابهة في عام 2008، وأن عناصر الحزب لديها إمكانات عدة في هذا الإطار، وبطبيعة الحال لم يكن الحزب يسعى إلى إسقاط الحكومة أو إحداث فراغ سياسي، ولكن الواقع كان يشير قبل الحادث بأيام إلى أن لبنان مقبل على مرحلة جديدة من عدم الاستقرار نتيجة فشل الحكومة الكبير في مواجهة التأزم الاقتصادي، والفشل في إدارة الوضع الداخلي، واستمرار التظاهرات في الشوارع بصورة كبيرة، وبالتالي فإن الحادث جاء في سياق ما يواجهه لبنان في الفترة الاخيرة.
6-تعجلت إسرائيل التعليق على حادث التفجير، واستبقت عواصم عربية ودولية في ذلك، ولكن لوحظ أن التعليق جاء إعلامياً وعبر قنوات الكابل (ق12) و (ق13) وليس بياناً رسمياً، قبل أن تعلن إسرائيل وفقاً لمصادر مسؤولة بأن إسرائيل لا علاقة لها بالحادث من قريب أو من بعيد، خصوصًا وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خرج قبل 8 ساعات محذراً وموجهاً تحذيره لحزب الله ولخلية الجولان، ولما دار على طول مناطق التماس في إطار مسعاه لتسجيل دوره في المشهد اللبناني الراهن لاعتبارات انتخابية لا أكثر، على رغم أن جنرالات كبار في هيئة الأركان بل ووزير الدفاع بين جانتس، لا يسعى لجر إسرائيل لمواجهة مع حزب الله على الاقل في المدى القصير.
7-هناك رابحون وهناك خاسرون مما يجري في لبنان، وجرّه إلى مواجهات جديدة قد تؤدي إلى حال من عدم الاستقرار، خصوصًا وأن الرهان على رشادة الرئاسات الثلاث في لبنان في الوقت الراهن سيحتاج إلى ضوابط جديدة في ظل قواعد حقيقية ينبغي أن توضع في الاعتبار، ومنها أن عودة سعد الحريري للحكم وتولي منصب رئاسة الوزراء علىى سبيل المثال ستحتاج إلى اتفاق مختلف ودعم إقليمي ودولي، وارتضاء داخلي، على اعتبار أن حزب الله سيظل ممسكاً بقواعد التغيير، كما أنه سيصدر حق النقض على أي سيناريو أو خيار ستمضي فيه لبنان في الفترة المقبلة، سواء هدأت الأوضاع أو تصاعدت الأحداث، على غرار ما جرى في مشاهد الحرب الأهلية السابقة.
8-لا زال موقع إيران من الأحداث يحتاج إلى ترابط فيما يجري، فحزب الله - الذي لايزال ذراعاً قوياً لإيران في الإقليم، شأنه شأن سائر الأذرع الأخرى - متهم بالكثير من التهم المباشرة وغير المباشرة، وبصرف النظر عن دوره إلا أنه في قلب ما يجري بصرف النظر عن مسؤوليته أو عدمها عما حدث في هذا التفجير غير المسبوق، فإيران أيضاً شهدت تفجيرات عدة غير مسبوقة، شملت مواقع استراتيجية وخدمية، والمؤكد أن بصمات الموساد وراء ما جرى كرسالة أولى لايران بالقدرة على التحرك والعمل والاستهداف، بل وإيقاع الضرر على عدد من المنشآت النووية - نتانز تحديداً- لكي تعرف إيران أنها لن تنجح في الوصول لمرحلة العتبة النووية، وأن إسرائيل بمفردها لن تقبل بهذا في إطار احتكارها للخيار النووي في المنطقة، ومن دون دعم أميركي حقيقي، والاكتفاء بإعلام الطرف الأميركي ببعض الخطوات، والرسالة هنا متشابهة بين ما جرى في إيران، ثم المواجهة المحسوبة مع حزب الله، وأخيراً في الساحة اللبنانية.
9-إن استمرار مراقبة ما سيجري في لبنان أميركياً وأوروبياً لن يطول كثيراً، خصوصًا إذا بدأت تفجيرات أخرى، وهو أمر متوقع، ما قد يؤدي لتداعيات على مصالح الجميع، ولن يشمل لبنان ودول جواره فقط، بخاصة وأن دعم لبنان اقتصادياً كان مطلوباً، وهو ما لم يتم، كما أن الحكومة اللبنانية الحالية واجهت أزمات حقيقية من اليوم الأول، وكان التربص بها قائماً، كما ظلت هيمنة حزب الله قائمة، والمراقبة والمتابعة مستمرة، الأمر الذي أدى إلى توظيف كل ما جرى في الوصول إلى التفجير الأخير، وبهذه الصورة الكبيرة كرسالة أولى، وربما سيعقبها رسائل أخرى قد تجري وتستهدف استمرار حال التأزم في لبنان بأكمله.
10-قبل أن نحدد أي السيناريوهات الأكثر طرحاً والأوقع، والتي قد تفسر ما جرى، فإن هذه السيناريوهات يجب أن تفهم في سياق ما جرى، وتربط بمصالح الأطراف المعنية التي لها اليد الطولى في الساحة اللبنانية بكل تعقيداتها السياسية والحزبية بل والطائفية، وأن ما قاله رئيس لبناني كبير بثقل الرئيس الأسبق شارل حلو حين استقبل وفداً من الصحافيين اللبنانيين بعبارة "أهلا بكم في وطنكم الثاني لبنان"، وهو ما ينطبق وللأسف على الساسة أيضاً.
الخلاصات الاخيرة
أياً كانت السيناريوهات المطروحة لتحليل ما جرى بالضبط أمنياً وسياسياً، فإن هناك السيناريو الأول الذي طرحه وزير الصحة اللبناني، والذي قال إن الانفجار بسبب مفرقعات، فيما أكد اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبناني - يمكن اعتباره الشخصية الشيعية الثالثة في البلاد بعد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري – أن السبب مواد متفجرة مخزنة في الميناء منذ سنوات، ولكن السؤال المنطقي حول كيف تخزن مثل هذه المواد في ميناء بيروت المجاور لمناطق سكنية؟ ومن كان سبب التفجير أصلاً إذا توافرت هذه المواد؟ والسؤال: هل الهدف من الإعلان التشويش على دور لحركة أمل أو حزب الله، والثاني على وجه الخصوص، وكرسالة استباقية لتيار المستقبل قبل الإعلان عن قرار المحكمة الدولية التي تحاكم أعضاء من الحزب بتهمة اغتيال رفيق الحريري، وتذكر بأحداث 2008 التي افتعلها حزب الله، ويشار إلى أن هذا الانفجار أعنف من التفجير الذي استهدف موكب رفيق الحريري بعشرات المرات، والسيناريو الثاني هو توجيه الاتهام لإسرائيل سواء باستهدافها أهدافاً قابلة للتفجير تابعة لحزب الله أو غيره، أو أن الانفجار برمته من تدبيرها، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الأخيرة عن شن مقاتلات إسرائيلية هجوماً على أهداف عسكرية في سوريا، منوهاً بأن الضربات جاءت "رداً على محاولة من عناصر معادية لزرع قنبلة على السياج الحدودي"، وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الجيش الإسرائيلي ضرب الخلية التي حاولت تنفيذ هجوم عند حدود الجولان، كما أنه قتل من أرسلها. وعدّ أن "ما جرى رسالة إلى حزب الله، عليهم أن يأخذوا هذا بالاعتبار. وقد يكون اختيار إسرائيل أو طرف آخر لمسرح العمليات، وهي بيروت، وبالقرب من بيت رفيق الحريري سعياً إلى إدخال لبنان في أزمة حقيقية، وفي توقيت له حساباته وتقييماته. ولتبقى كل السيناريوهات والمشاهد المحتملة أمنياً وسياسياً قائمة في الداخل اللبناني، والمؤكد أن الإقليم سيتأثر بكل ما سيجري.
عشر ملاحظات
1-قبل ساعات من التفجير المروع الذي تم في مخزن بحري وداخل ميناء هو الأهم في لبنان، وليس في أي مدخل بحري آخر، كانت استقالة وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي، وترشيح آخر، والبدء في نقاشات مفتوحة حول احتمال انهيار الحكومة، وتقديم استقالتها وتولي حكومة جديدة، وعلى رغم إنكار رئيس الحكومة ذلك رسمياً، إلا أن كل الشواهد كانت تشير إلى أن هناك من يعمل على إدخال لبنان في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما بدا جلياً بحادث الميناء، الأمر الذي قد يفتح الباب على مصراعيه لتكراره، حتى يدخل لبنان في متاهات جديدة من أعمال العنف والإرهاب غير المسبوق.
2-إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا على وجه الخصوص مساعدة لبنان، وتقديم كل الخدمات المتاحة والممكنة لإنقاذه له ما يبرره، فلبنان هو ترمومتر الاستقرار في الإقليم، وبالتالي فإذا تجددت الحرب الأهلية في لبنان فلربما سيكون لها تداعيات أخرى على دول الجوار، سواء أكانت العراق أم سوريا أم الأراضي الفلسطينية، وقد تصل لعواصم عربية أخرى، ولهذا كان التحرك الديبلوماسي والإعلامي العاجل واللافت للتفاعل مع ما جرى والتنديد به على المستويات كافة.
3-بقاء حزب الله في دائرة محددة من المعادلة اللبنانية، فالحزب متهم بأنه زجّ بلبنان في مواجهات مفتوحة، وأن تدخله في سوريا أضرّ بالمصالح اللبنانية، وأن خروجه وعودته إلى لبنان كان وما يزال مطلوباً، ولكن الحزب الذي رفض الإنصات للدعاوى اللبنانية، ورفض نزع سلاحه، هو ذاته الذي حدد ورسم بدقة قواعد الاشتباك مع إسرائيل، والتزم بها حتى في المواجهة الأخيرة، ورفض الخروج عنها على رغم تتالي تصفية عناصره الميدانية، ولكنه فضّل أن يحتفظ بالرد في وقت لاحق، سواء أكان من سوريا أو مزارع شبعا، أو من مناطق التماس، ولكن الحزب التزم ولم يخرج عن الإطار المحدد، كما ظلت قياداته تمتلك خطاباً إعلامياً أكثر منه سياسياً.
4-تعجلت قيادات أمنية محسوبة على حزب الله، وأيضا اللواء عباس إبراهيم، الإعلان عن أن الحادث تمّ في سياق محدد، ومن خلال وجود المتفجرات مخزنة في داخل الميناء من سنوات، وأنه لا يوجد عمل إرهابي، وكأن قيادات الحزب وبعض المسؤولين اللبنانيين يسعون لابعاد الشبهة المباشرة عن اتهام الحزب، أو على الأقل العلم ببعض تفاصيله.
5-جاء الحادث غير المسبوق في عدد القتلى والمصابين قبل أيام قليلة من احتمالات إصدار حكم قضائي من المحكمة الدولية في قضية رفيق الحريري، الأمر الذي يكاد يربط بين أمرين، أولاهما أن هناك من ينقل رسالة مهمة لتيار المستقبل قبل صدور الحكم المتوقع، ويريد أن يفرض تشويشاً حقيقياً ومباشراً على ما سيجرى، وثانيهما أن حزب الله نفسه سبق وأن قام بعمليات مشابهة في عام 2008، وأن عناصر الحزب لديها إمكانات عدة في هذا الإطار، وبطبيعة الحال لم يكن الحزب يسعى إلى إسقاط الحكومة أو إحداث فراغ سياسي، ولكن الواقع كان يشير قبل الحادث بأيام إلى أن لبنان مقبل على مرحلة جديدة من عدم الاستقرار نتيجة فشل الحكومة الكبير في مواجهة التأزم الاقتصادي، والفشل في إدارة الوضع الداخلي، واستمرار التظاهرات في الشوارع بصورة كبيرة، وبالتالي فإن الحادث جاء في سياق ما يواجهه لبنان في الفترة الاخيرة.
6-تعجلت إسرائيل التعليق على حادث التفجير، واستبقت عواصم عربية ودولية في ذلك، ولكن لوحظ أن التعليق جاء إعلامياً وعبر قنوات الكابل (ق12) و (ق13) وليس بياناً رسمياً، قبل أن تعلن إسرائيل وفقاً لمصادر مسؤولة بأن إسرائيل لا علاقة لها بالحادث من قريب أو من بعيد، خصوصًا وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خرج قبل 8 ساعات محذراً وموجهاً تحذيره لحزب الله ولخلية الجولان، ولما دار على طول مناطق التماس في إطار مسعاه لتسجيل دوره في المشهد اللبناني الراهن لاعتبارات انتخابية لا أكثر، على رغم أن جنرالات كبار في هيئة الأركان بل ووزير الدفاع بين جانتس، لا يسعى لجر إسرائيل لمواجهة مع حزب الله على الاقل في المدى القصير.
7-هناك رابحون وهناك خاسرون مما يجري في لبنان، وجرّه إلى مواجهات جديدة قد تؤدي إلى حال من عدم الاستقرار، خصوصًا وأن الرهان على رشادة الرئاسات الثلاث في لبنان في الوقت الراهن سيحتاج إلى ضوابط جديدة في ظل قواعد حقيقية ينبغي أن توضع في الاعتبار، ومنها أن عودة سعد الحريري للحكم وتولي منصب رئاسة الوزراء علىى سبيل المثال ستحتاج إلى اتفاق مختلف ودعم إقليمي ودولي، وارتضاء داخلي، على اعتبار أن حزب الله سيظل ممسكاً بقواعد التغيير، كما أنه سيصدر حق النقض على أي سيناريو أو خيار ستمضي فيه لبنان في الفترة المقبلة، سواء هدأت الأوضاع أو تصاعدت الأحداث، على غرار ما جرى في مشاهد الحرب الأهلية السابقة.
8-لا زال موقع إيران من الأحداث يحتاج إلى ترابط فيما يجري، فحزب الله - الذي لايزال ذراعاً قوياً لإيران في الإقليم، شأنه شأن سائر الأذرع الأخرى - متهم بالكثير من التهم المباشرة وغير المباشرة، وبصرف النظر عن دوره إلا أنه في قلب ما يجري بصرف النظر عن مسؤوليته أو عدمها عما حدث في هذا التفجير غير المسبوق، فإيران أيضاً شهدت تفجيرات عدة غير مسبوقة، شملت مواقع استراتيجية وخدمية، والمؤكد أن بصمات الموساد وراء ما جرى كرسالة أولى لايران بالقدرة على التحرك والعمل والاستهداف، بل وإيقاع الضرر على عدد من المنشآت النووية - نتانز تحديداً- لكي تعرف إيران أنها لن تنجح في الوصول لمرحلة العتبة النووية، وأن إسرائيل بمفردها لن تقبل بهذا في إطار احتكارها للخيار النووي في المنطقة، ومن دون دعم أميركي حقيقي، والاكتفاء بإعلام الطرف الأميركي ببعض الخطوات، والرسالة هنا متشابهة بين ما جرى في إيران، ثم المواجهة المحسوبة مع حزب الله، وأخيراً في الساحة اللبنانية.
9-إن استمرار مراقبة ما سيجري في لبنان أميركياً وأوروبياً لن يطول كثيراً، خصوصًا إذا بدأت تفجيرات أخرى، وهو أمر متوقع، ما قد يؤدي لتداعيات على مصالح الجميع، ولن يشمل لبنان ودول جواره فقط، بخاصة وأن دعم لبنان اقتصادياً كان مطلوباً، وهو ما لم يتم، كما أن الحكومة اللبنانية الحالية واجهت أزمات حقيقية من اليوم الأول، وكان التربص بها قائماً، كما ظلت هيمنة حزب الله قائمة، والمراقبة والمتابعة مستمرة، الأمر الذي أدى إلى توظيف كل ما جرى في الوصول إلى التفجير الأخير، وبهذه الصورة الكبيرة كرسالة أولى، وربما سيعقبها رسائل أخرى قد تجري وتستهدف استمرار حال التأزم في لبنان بأكمله.
10-قبل أن نحدد أي السيناريوهات الأكثر طرحاً والأوقع، والتي قد تفسر ما جرى، فإن هذه السيناريوهات يجب أن تفهم في سياق ما جرى، وتربط بمصالح الأطراف المعنية التي لها اليد الطولى في الساحة اللبنانية بكل تعقيداتها السياسية والحزبية بل والطائفية، وأن ما قاله رئيس لبناني كبير بثقل الرئيس الأسبق شارل حلو حين استقبل وفداً من الصحافيين اللبنانيين بعبارة "أهلا بكم في وطنكم الثاني لبنان"، وهو ما ينطبق وللأسف على الساسة أيضاً.
الخلاصات الاخيرة
أياً كانت السيناريوهات المطروحة لتحليل ما جرى بالضبط أمنياً وسياسياً، فإن هناك السيناريو الأول الذي طرحه وزير الصحة اللبناني، والذي قال إن الانفجار بسبب مفرقعات، فيما أكد اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبناني - يمكن اعتباره الشخصية الشيعية الثالثة في البلاد بعد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري – أن السبب مواد متفجرة مخزنة في الميناء منذ سنوات، ولكن السؤال المنطقي حول كيف تخزن مثل هذه المواد في ميناء بيروت المجاور لمناطق سكنية؟ ومن كان سبب التفجير أصلاً إذا توافرت هذه المواد؟ والسؤال: هل الهدف من الإعلان التشويش على دور لحركة أمل أو حزب الله، والثاني على وجه الخصوص، وكرسالة استباقية لتيار المستقبل قبل الإعلان عن قرار المحكمة الدولية التي تحاكم أعضاء من الحزب بتهمة اغتيال رفيق الحريري، وتذكر بأحداث 2008 التي افتعلها حزب الله، ويشار إلى أن هذا الانفجار أعنف من التفجير الذي استهدف موكب رفيق الحريري بعشرات المرات، والسيناريو الثاني هو توجيه الاتهام لإسرائيل سواء باستهدافها أهدافاً قابلة للتفجير تابعة لحزب الله أو غيره، أو أن الانفجار برمته من تدبيرها، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الأخيرة عن شن مقاتلات إسرائيلية هجوماً على أهداف عسكرية في سوريا، منوهاً بأن الضربات جاءت "رداً على محاولة من عناصر معادية لزرع قنبلة على السياج الحدودي"، وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الجيش الإسرائيلي ضرب الخلية التي حاولت تنفيذ هجوم عند حدود الجولان، كما أنه قتل من أرسلها. وعدّ أن "ما جرى رسالة إلى حزب الله، عليهم أن يأخذوا هذا بالاعتبار. وقد يكون اختيار إسرائيل أو طرف آخر لمسرح العمليات، وهي بيروت، وبالقرب من بيت رفيق الحريري سعياً إلى إدخال لبنان في أزمة حقيقية، وفي توقيت له حساباته وتقييماته. ولتبقى كل السيناريوهات والمشاهد المحتملة أمنياً وسياسياً قائمة في الداخل اللبناني، والمؤكد أن الإقليم سيتأثر بكل ما سيجري.