أوبئة وحروب وظروف قاهرة أوقفت الحج كليا وجزئيا في الماضي .. تعرف على أبرز الحوادث
أعلنت السعودية، رسميا، إقامة موسم الحج هذا العام، لكن بشكل مختصر، بحيث يقتصر على سكان المملكة فقط، من مواطنين ووافدين أجانب، وبأعداد محدودة، كإجراء احترازي لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد بين حجاج بيت الله الحرام، لتضاف محطة تعطل جزئية جديدة لمحطات سابقة عديدة تسببت بها حروب وأوبئة وظروف قاهرة.
وتجمع كثير من الروايات التاريخية عن موسم الحج أن أداء المناسك تعطل بشكل كامل، أو جزئي، أو تعذر على حجاج دول وأقاليم ومدن عديدة، الوصول لمكة، لأكثر من 40 مرة.
تقول دارة الملك عبدالعزيز، وهي مؤسسة حكومية سعودية تعنى بتاريخ المملكة، إن ”انتشار الأمراض والأوبئة، والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الأمني، والغلاء الشديد والاضطراب الاقتصادي، إلى جانب فساد الطرق من قبل اللصوص والقُطّاع"، تسبب في تعطل جزئي أو كلي للمناسك لنحو 40 مرة منذ ظهور الدعوة الإسلامية بحسب ما تنقل عن علماء التاريخ الإسلامي.
ويعد هجوم القرامطة في العهد العباسي، أشهر حوادث تعطل موسم الحج، عندما هاجمت تلك الفرقة المكان المقدس في العام 317 للهجرة، الموافق لعام 930 ميلادي، أثناء موسم الحج، وتسبب بتعطيل أداء المناسك، وبدمار كبير في المكان، وخلف قتلى وجرحى تباينت الروايات حول أعدادهم، وذهبت بعضها لتحديدهم بعشرات الآلاف.
وتسبب الهجوم بخلع باب الكعبة المشرفة، وسرقة كسوتها، ونقل الحجر الأسود الذي يوجد في أحد جوانبها، إلى مركز دولتهم آنذاك، ليبقى هناك لمدة قاربت الـ22 عاما قبل أن يعود لمكة المكرمة.
ظروف قاهرة
تقول دارة الملك عبدالعزيز، إن الحج تعطل في العام 251 هجري، الموافق لعام 865 ميلادي، عندما هاجم إسماعيل بن يوسف العلوي ومن معه؛ جموع الحجاج فقتلوا منهم أعدادا كبيرة" فيما يُعرف تاريخيا بـ"مذبحة صعيد عرفة"، وأُبطِل الحج حينها.
كما توقّف الحج بشكل جزئي سنة 357هجري الموافق 968 ميلادي، بسبب انتشار ما يُسمّى بـ"داء الماشري" في مكة المكرمة، وبسببه مات عدد من الحجاج، وماتت جمالهم في الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة سِوى القليل".
وفي حادثة تعطل جزئي أخرى للمناسك، توقف موسم الحج في العام 390 هجري الموافق للعام 1000 ميلادي، بسبب شدة الغلاء، كما لم يحج أحدا من أهل المشرق ولا من أهل مصر في سنة 419 هجري الموافق 1028 ميلادي بحسب ”الدارة" التي لم تورد سبب ذلك التعطل.
وقالت ”الدارة" إنه في سنة 492هجري الموافق 1099، لم يحج أحدا، بسبب ما حلَّ بالمسلمين من ارتباك وفقدان للأمن في أنحاء دولتهم الكبيرة بسبب النزاع المستشري بينهم، وقبل سقوط القدس في يد الصليبيين بخمس سنوات فقط.
وأضافت أنه ”لم يحج المصريون سنة 563 هجري الموافق 1168، بسبب انشغالهم بحرب أسد الدين، وبعد ذلك لم يحج أحد من سائر الأقطار ما عدا الحجاز من سنة 654هجري الموافق 1256 ولمدة أربع سنوات" دون أن تورد سبب ذلك التعطل أيضا، كما عاد البغداديون للحج سنة 650 هجري الموافق 1252 ميلادي بعد توقّفهم 10سنوات إثر موت الخليفة المستنصر.
وفي سنة 1213هجري الموافق 1792 ميلادي، توقفت رحلات الحج في أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق، كما انتشر سنة 1246هجري الموافق 1830 ميلادي، وباء قادم من الهند وقتل ثلاث أرباع الحجاج بحسب ”الدارة".
ووفق ”الدارة" فإنه ”في سنة 1837ميلادي تفشّت الأوبئة بالحج واستمرت حتى 1892ميلادي، وشهدت تلك الفترة موت ألف من الحجاج يوميا نظرا لتفشّي وباء شديد الخطورة، بل في سنة 1871 ضرب المدينة المنورة وباء، كما شهدت تفشّي وباء يُعرف بالكوليرا الذي انتشر في موسم الحج، وتزايدت الوفيات في عرفات، وبلغت ذروتها في منى".
ومع التطور الذي الكبير في وسائل النقل والإقامة والخدمات، باتت الحج ميسرا في العقود الماضية، ولم يكن تعطيل موسم الحج كليا أو جزئيا، أمرا يخطر على البال قبل ظهور فيروس كورونا المستجد قبل أشهر قليلة، ليصيب الملايين ويخلف مئات آلاف الوفيات وسط استنفار عالمي لمواجهته.