إماطة اللثام عن مسرحية التسول الأردني والإبتزاز الخليجي
صرح وزير المالية الأردني السابق امية طوقان ان العجز المالي في ميزانية الدولة الأردنية بلغ مستوى الخطر، وأشار محللون الى أن الأردن على وشك الوصول الى حالة انهيار مالي ونقدي يهدد كيانه واستقرار،هذه الحالة الصعبة لم يكن ليصل لها الاردن لولا اتباع الحكومات المتعاقبة والحكومة الحاليه لسياسات فاشله ، تمثلت باتباع منهج ليبرالي اقتصادي منفلت تحت عناوين الخصخصة وفتح باب الاستثمار.
فتم بيع مؤسسات هامة للدولة الاردنيه بثمن بخس شابها الكثير من الفساد ، فادت الى مديونية ضخمة تجاوزت العشرين مليار دولار، فتم رفع شعار مكافحة الفساد والاصلاح السياسي من قبل النظام لاسترداد المليارات التي نهبت ، لكنه تبين لاحقا أن قوى الشد العكسي والتي تغلغلت داخل النظام الاردني لم تسمح ولن تسمح بفتح ملفات الفساد الكبرى فتم إغلاقها وغسيلها .
وأمام هذه الحالة كان لابد من الحكومة اللجوء الى الاقتراض والبحث عن مصادر للتمويل عن طريق القروض والمساعدات ، فتوجهت نحو دول الخليج المنقذ دائما !،فكانت الخطوة الأولى تحرك الوزير(جوده) بتبنيه الخيار الأول ( المملكة العربية السعوديه )، فقد طلب بشكل صريح من المسؤولين السعوديين معونة مالية عاجلة وضرورية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وكان يأمل في الحصول على المليار الاول منها قبل عودته، الذي ظل حافلاً بالوعود المعسولة، وقاحلاً من حيث المردود الفعلي•
ولم تكن حصيلة زيارة رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة الاخيرة للكويت، أفضل حالاً من مردود زيارة وزير خارجيته (جوده) ، ولم تتجاوز حد الوعود والاستعداد لتشجيع الاستثمار الكويتي في الاردن ، وكذلك الامر كان بالنسبة لطلب الحصول على قروض من صندوق البنك الدولي ،حيث جوبه باشتراط حزمة من الاصلاحات الاقتصاديه وفتح الاستثمار في الاردن بشكل كامل مع رفع الاسعار .
هنا لابد من طرح سؤال هام ، لماذا رفضت الرياض والكويت والبنك الدولي تقديم مساعدات وقروض ماليه للاردن ؟؟ ولماذا تم توجيه الاعلام لاقناع الشعب الاردني والخليجي بأن سبب سلبية دول الخليج ومماطلتها يخفي وراءه أجندة سياسية لها علاقة بالملف السوري ، مع أن الاردن قدم الدور المطلوب منه في الأزمة السوريه على اكمل وجه .
الحقيقة أن الأوامر من واشطن ، فهي التي تصدر الأوامر بالمنح والمنع وهي التي تملك أوراق قوى الظل في مفاصل الدول العربيه بما فيها الأردن وتحركها حسب الاستراتيجيه المرسومة في مؤسسسات واشنطن ، خلاصة التحليل وزبدة القول أن واشنطن أصدرت أوامرها للجميع ((اتركوهم حتى يعانوا الأمرّ )) ، وحين يطلبون الفرج لن يجدوا مجيبا على وجه الأرض الاّ دولة قطر! .
هكذا كان السناريو المعتبر لتمرير دور قطر، لانقاذ اقتصاد الأردن ، والحقيقة أن الكرم القطرى لن يكون خالصا لوجه الله ، بل سيكون أداة لتنفيذ مخطط أمريكي ، من خلال التسلل الى الاقتصاد الاردني بامتلاك مؤسسات مصرفية كبرى، وكيانات استثمارية أردنيه يتيح لقطر ومن ورائها أمريكا وإسرائيل إحكام قبضتها على مفاصل الاقتصاد الأردني الهش، لتشكيل جماعة مصالح جديدة، تبني علاقة حميمة بينها وبين السلطة ، بحيث يسهل مساومتها سياسياً لتمرير المخططات القادمة وأهما التوطين السياسي ، وتذويب الهوية الوطنية للشعبين (الأردني والفلسطيني)، من خلال بناء نظام سياسى جديد يعتمد على الخارج ولاءً وبقاءً، وتتنازعه الصراعات الحزبية والمصالح الضيقه، استناداً إلى سلطة يديرها القطاع الخاص في ظل شعب ممزق تغلغلت فيه قيم الرأسماليه المجردة من قيم العقيدة والأعراف العريقة ومن قيم الولاء للوطن الى قيم الولاء للسلطه.
وفي هذا السياق يمكن تفسير التعيينات الأخيره التي اصدرتها حكومة الطراونه وخصوصا في مؤسسة الضمان الإجتماعي ، فكان الهدف من ورائها فتح باب الاسثمارات القطريه ذات الأبعاد السياسيه، فإقالة رئيس هيئة الإستثمار الدكتور ياسر العدوان ومدير الضمان معن النسور الذي سبق له أن رفض بيع حصة الضمان في البنوك الأردنية، له علاقة وثيقة بالمخططات الجديده .
وهو ما تكشف لنا بعدما نشرت جريدة (القبس) الكويته تقريرا عن مستثمر كويتي يعمل وسيطا لدى مجموعة إستثمارية قطرية طالبت الإدارة الجديدة للضمان الإجتماعي ببيع حصتها في بنك الاسكان ( ثاني أكبر بنك أردني ) . لم يعد بإمكان حكومة الطراونه الآن تقديم التبريرات والحجج الواهية لاقناع الاردنيين بنهجها ومهمتها الحقيقيه ودورها المشبوه في مخطط أمريكي لرسم الدولة الاردنية القادمة وفق الاهداف المرسومه في البيت الأسود وبتمويل قطري مفضوح . حمى
الأردن وشعبه من كل مكره ..اللهم آمين