التاريخ قد يعيد نفسه
سئل أحد شيوخ بني أمية عن أسباب زوال ملكهم فقال ..انأ شغلنا بلذاتنا عن تفقد ما كان تفقده يلزمنا ،فظلمنا رعيتنا ،فيئسوا من إنصافنا ،وتمنوا الراحة منا ،وتحومل على أهل خراجنا فتخلوا عنا ،وخربت ضياعنا فخلت بيوت أموالنا،ووثقنا بوزرائنا فآثروا مرافقهم على منافعنا ،وامضوا أمورا دوننا اخفوا علمها عنا ،واستدعاهم أعادينا فتضافروا معهم على حربنا ،وطلبنا أعداؤنا فعجزنا عنهم لقلة أنصارنا ،وكان استتار الأخبار عنا من أوكد أسباب زوال ملكنا.
وقيل أيضا ،لقد اتسعت خروق الدولة الأموية على أي راقع ،وكان رصيد الدولة من الفساد والتحلل والظلم والضعف قد أصبح اكبر وأضخم من طاقة أي إنسان. وسقطت الخلافة العباسية نتيجة اللهو والمجون وقلة حزم الخلفاء ،وظهور الشعوبية ،وضعف الخلفاء ولم يكن للخليفة المستعين من الأمر سوى الاسم.
ومن عوامل زوال العثمانيين ازدياد أعمال السلب والنهب والفسق والفجور والانحراف ،وظهرت حركات العصيان ،وفقدت الدولة هيبتها،أما القائد قطز فقد كانت نهاية على يد من حوله من بطانته التي كان يثق بها .وفي مصر ثار الناس على قانصوه الغوري وأزالوا ملكة عام 1517 م ،عندما مال إلى التعسف والظلم والنهب من أموال الناس حتى انقطعت بسببه المواريث.
يجري المحللون مقاربات بين مثل هذه العوامل والأسباب وبين ما يحصل في الربيع العربي، وقالوا إن هذا الربيع لا زال في أول أيامه ،ورحلة بقية الأنظمة مع شعوبها طويلة ،ورصد الخبراء حالة من الذعر والارتباك أصابت أركان الدولة الأردنية ،كان من أهم مظاهرها برمكة المناصب الحكومية العليا الثلاث خلال الأيام الماضية ، وأصبحت معظم المواقع السيادية في الدولة مبرمكة ،وشاغلوها من أصلاب شخصيات تاريخية متناسلة طالما سيطرت على مفاصل الدولة الأردنية منذ القدم.
أصبح رصيد الحكومة من الفساد والضعف أضخم من طاقة أي إنسان. لكن العين ترى كل شيء إلا نفسها حسب المثل العالمي الشهير ،وضل سعي رموز الدولة في إدارة شؤون البلاد وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ،فضعفت مؤسسة الحكم ،وعاد البرامكة لاستلام مقاليد الحكم ،واغتصب بعضهم قبل أيام المواقع الحكومية الثلاث وخصوها لأقاربهم وذويهم ،وقبل ذلك حصل أربعة منهم على مليوني دينار لقاء بقائهم في دائرة الولاء.
وتشهد مديرية الأمن العام حاليا تجاوزات مالية نتيجة قيامها بتوزيع مبالغ نقدية طائلة على كبار الضباط المتقاعدين مقتطعة من مخصصات مكافحة الجريمة للغاية ذاتها ،وقبل ذلك صنفت مستشارية العشائر القبائل الأردنية إلى طبقات حسب سطوتها وقوة تأثيرها على النظام ووزعت الملايين على شيوخ ووجهاء عشائر الطبقات العليا المفضلة ويعتقد ان هذه النفقات الترفيهية تمثل خارطة طريق المساعدات السعودية للأردن ،فيما لم تتوصل الدولة إلي نتيجة واحدة تثبت قيامها بالإصلاح الموعود أو محاربة الفساد ،ولا زالت الأموال الأردنية منهوبة واللصوص ينعمون بها بلا ملاحقة وبعضهم خارج البلاد.
مواريث الأردنيين على وشك الانقطاع ،ويبدوا أن استتار الأخبار وحجب الحقيقة شجع الحكومة على إخفاء علم رفع أسعار المحروقات عن جلالة الملك ،لكن جلالته سرعان ما ألغى القرار ويأمل المواطنون أن يلي ذلك استعادة المناصب العليا المنهوبة ،وان يكون التوجه السامي بداية لحركة تصحيحية تعيد الأمور إلى نصابها ،وتخفف من ضنك العيش الذي يسيطر على حياة اغلب الناس ،وتجنيب الوطن ويلات ما يحدث في دول الجوار
fayz.shbikat@yahoo.com
المقالة مرسلة لجراءة نيوز ولكن لعدم وجود متسع ننشرها في زاوية مقالات مختارة عذرا ومحبة للكاتب والقراء الأكارم