ثقافة الفقر حقيقة أم تهمة
إذا كنت فقيراً وعاطلاً عن العمل فلا تلومن إلا نفسك! هذا ما قاله رئيس سابق لمجلس النواب الأميركي من الحزب الجمهوري. وعندما زار المرشح الرئاسي من الحزب الجمهوري ميت رومني إسرائيل قبل عدة أسابيع للحصول على البركة، أبدى ملاحظة اعتبرناها في حينه عنصرية، عندما فسر الفرق في مستوى الوضع الاقتصادي المزدهر للإسرائيليين والمتخلف للفلسطينيين بأنه يعود لأسباب ثقافية.
في حينه هاجمنا رومني واتهمناه بالعنصرية وأكدنا له أن الحالة البائسة للفلسطينيين تعود للاحتلال الإسرائيلي.
أما وقد مر الحادث وطواه النسيان، فربما وجب علينا أن نعطي هذه التهمة شيئاً من التحليل الموضوعي، فقد يكون رومني على حق، وقد يكون الفقير مسؤولاً عن فقره ولو جزئياً، فالاحتلال الأميركي لم يمنع اليابان وألمانيا من تحقيق إنجازات اقتصادية مشهودة.
وإذا كانت حصة الفرد الفلسطيني من الدخل لا تقارن بحصة الفرد الإسرائيلي بسبب الاحتلال وحده، فما هو السبب في الفرق الشاسع بين دخل الفرد الأردني والفرد الإسرائيلي؟.
في الإحصاءات الدولية أن الناتج المحلي الإجمالي في الأردن يبلغ حوالي 28 مليار دولار (2011) في حين أن الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل في نفس السنة يبلغ 243 مليار دولار. وبما أن عدد السكان متقارب في الجانبين فإن حصة الفرد الإسرائيلي تعادل أضعاف حصة الفرد الأردني.
إذا صح أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول عن تدني إنتاجية ودخل الفرد الفلسطيني، فما هو السبب في تدني إنتاجية ودخل الفرد الأردني بالمقارنة مع ما عليه الحال في إسرائيل.
في وقت من الاوقات لاحظ المغفور له الملك حسين رحمه الله بأن إنتاج الدونم في الجانب الإسرائيلي من الأغوار يعادل عشرة أمثال إنتاج الدونم في الجانب الأردني، وإذا صحت هذه النسبة فإن توفر الماء يفسر جانباً من الفرق.
لنسأل أنفسنا بصدق وصراحة: هل هناك فروقات ثقافية تكمن وراء هذا التفاوت في التقدم وصنع الثروة؟ سؤال يستحق البحث، خاصة وأنه ليس هناك خلاف على أن الفروقات الثقافية في المجتمع العالمي تنتج فروقات في مستوى الإنجاز والنجاح الاقتصادي، فهناك إجمـاع مثلاً على أن اليهود أغنى من المسيحيين في أميركا وأوروبا، وأن البروتستانت أنجح من الكاثوليك في الأعمال التجارية، وأن معظم الدول الإسلامية تقع ضمن قائمة أفقر الدول في العالم وأبعدها عن الديمقراطية.
سؤال مطروح للتفكير والإجابة بنزاهة بعيداً عن المكابرة.