درج الياسمين

لم أكابد كثيراً مع الوزنِ والقافية
هما: طيبانِ، وشابّانِ
يرتعشانِ من الضوءِ
مرّ على دربها جدولاً
ظامئاً
وهي خلفَ المنازلِ وافيةً حافية
... 
...هما: تينتان على نبعةٍ تدرزان المسرّة طيراً وظلّا
وراء منازلنا السنديانُ تجلّى
تصدَّعَ من رهبةٍ في السّماء فصلى
...وغمغم يستنزل الغيث سقيا 
رسوم منازلنا العافية
وأنا لم أكابد مع الحزن والوزن والقافية
أيها الشعر يا صاحبي نقّ بالثلج قلبي من المدحِ
نقّ جراحي من الملحِ
كن طيّباً مثل نصلٍ
وكن واضحاً كالضبابِ
وكن غامضاً كالكتابِ
بعيداً كحبٍ
وألف معي الفضةَ الذائبة
ونقّح كتابَ الحريرِ الذي يتلعثمُ في جسدِ الراهبة
ودارج أيائلها الغافية
واطمئن لقلبي ولا تطمئن إلى الحزن والوزن والقافية
هما طيبانِ وشابّانِ
كانا معي أمس لما نزلتُ إلى شارعِ السلطِ
يا درج الياسمين
أتذكرُ أولَ إمرأةٍ علّمتني كتابَ النحولِ ؟
أتذكر فستانها ؟
كان لا ليلكيّ ولا زهر
لكنّه كان يلسع كالنحل
لمّا تهرّب لي في الطريق حواف حموضتها الخافية
خلسةً
فأشيل ذراعي َمرتبكا
كلّما ناظرتني أو ابتسمت لي
على درج الياسمين
وقالت بعينينِ لوزيتينِ
خذ الياسمينَ وخذني الى الشعر
هذّب جنوني
وذوّب مزوني
مع الحزنِ والوزنِ والقافية
وكنت هناك على درج الياسمين
أراوغها ثعلباً 
عنبي في حواف حموضتها
ليس لي حصة في سدوم 
سوى حصة العابرين من الشمسِ
لكنها كلها لي ، كلها لي 
عندما ينتهي شكسبير من المسرحية
حين يعيد القضاة عباءاتهم و بواريكهم من وراء الستار
فأرمي لطاولةِ الزهرِ
نردَ الحبيبةِ
والحزن ِ
والوزنِ 
والقافية
عندما اتمزقُ كالناي إذ تترقرقُ دمعتها الصافية.