البتراء .. والمشهد ابعد مما تظنون

فكر خارج الصندوق ، اقرأ ما بين السطور ، اعد قراءة المشهد ،اعرف عدوك جيدا ، تمسك بالمنطق قبل أي شيء

لربما تستغرب عزيزي القارىء لماذا بدأت مقالتي الجديدة بنصائح قادمة من ردهات التنمية البشرية ، سأجيب وبكل صراحة ان هنالك عدد كبير لا ينضوي تحت مفهوم الكل ، ولا هو بالقليل لتبعيضه ، هم كثيرون ممن يتحدثون ويحللون ويكتبون ويعبرون دون معرفة مسبقة لابعاد المشهد ايا كان سواء سياسي تجاري ، اقتصادي ، حتى مجتمعي ، فمعايير قياس المشهد السياسي - على سبيل المثال -وفهمه متعددة ، ولتصل الى خلاصة محكمة وموسومة باختام المنطق يجب الالمام بتتابع التاريخ وبالمعطيات الداخلية والخارجية وبأن تراقب من عدة زاويا ..

هذه المقدمة ليست الا انتقادا حقيقيا لجهل كثير من ابناء العروبة - بوجه عام - لمفاهيم ومصطلحات يجب معرفتها حفظا لهذه العروبة ودرءا للمخاطر وذودا للاطماع عنها ولتكرار المشهد من جهل وتجهيل قررت الكتابة مستمدا من حدث وقع في أردننا تحديدا في مقام النبي هارون عليه السلام ..

الجهل بالتاريخ وغياب الخبراء والناطقين الرسميين وضعف الرقابة على المواقع الاثرية لمواجهة مثل هذه المواقف المخجلة ، فالفترة الحالية تشكو الدولة من تحديات كبيرة وعلى جميع اجهزتها وحتى السياحية التيقظ والحذر لمثل هذه المؤامرات ..

قبل فترة قصيرة تم الاعلان عن تصوير فيلم في جنوب الاردن وتحديدا البتراء ويحكي الفيلم عن احقية اليهود بالبتراء ، وحاليا يأتي اليهود الى البتراء ليسوا كسياح عابرين انما كمصلين ومتعبدين في رسالة قوية وواضحة وصارخة ومصدقة لمؤامراتهم بدءا من اغتصاب ارض كنعان ( فلسطين العربية) حتى يومنا هذا عبر صفقة القرن الوحش المستيقظ النائم الذي سينقض في لحظة ما جراء تحريك قطعة ما على رقعة الشرق الاوسط .

الغريب في الطقوس الذي تم تصويرها على مقام النبي هارون هو ارتدائهم لملابس دينية عميقة الرسالة بحسب ديانتهم وطقوسهم ، وللعلم فقد لعبت اسرائيل (العلمانية المتطرفة) ذاك الكيان الصهيوني الغاصب على وتر الدين لقيامها على الارض الفلسطينية ، وان ارتداء هؤلاء لمثل هذه الملابس وحملهم لهذه الادوات لا يعبر الا عن احقية جديدة في المنطقة ، وللمشهد رسالة أخرى أعمق الا وهي الادوات والملابس المختارة في صلاتهم عند مقام النبي هارون ..

فللباحثين في طقوس اليهود وكيفية تسخير الدين خدمة للسياسة سيعرف عمق المشهد جيدا ، حيث ارتدوا التيفلين (الرباط الاسود) الذي يعبر عن العصمة من الخطأ ، في ايصال فكرة ليهود العالم انهم مختارون من الرب في كل افعالهم وحلهم وارتحالهم ، اما الرسالة الثانية من هذه الطقوس استخدامهم لقرن الكبش والذي يسمى في فقه اليهود الشوفار ويستخدم في اوقات معينة لا تناسب هذا الوقت من السنة الا في حالة واحدة لدعوة الناس للخروج للحرب، أو لإثارة خوف العدو .. فهل تعي مؤسساتنا الدينية والثقافية والسياحية والسياسية جميع هذه الرسائل ..

البتراء تلك المدينة الجميلة الوردية غاية قديمة السنوات لليهود ، مع غياب الدليل التاريخي الذي يعطيهم الاحقية بها ، لكن التاريخ المزور الذي يغذي احقية الدولة الاسرائيلية بيهوديتها (يهودية الدولة) هو ذاته الذي يريد ان يزور تاريخنا ايضا ويمنحهم احقية ما ليس لهم به أي حق ..
فهل يكفي يا معالي الوزير ويا وزارة السياحة ويا وزارة الاوقاف اغلاق المقام في مثل هذا التراخي في ادارة المواقع التي تمس هويتنا وعقيدتنا وتجذرنا بالمكان ...
هل تعبرون عن تراخيكم بمواقف ضعيفة وانسحابية ام يجب ان تصرحوا للعالم بأكمله أن هذه البقعة من الارض لم يصافح فيها التاريخ ايادي اليهود بل ويجب محاسبة كل من تسبب بنقل هذه الادوات ووصولها للمقام وغياب المسؤولين هناك وانشغالهم عن خارج نطاق خدمتهم واستهتارهم بوظيفتهم ..

الى متى ؟!

#روشان_الكايد