في الأردن .. كل شخص عامل يعيل نفسه و 3 آخرين

إنخفض معدل الإعالة في الأردن من 68.4 (لكل 100 شخص في أعمار القوى البشرية) عام 2006 ليصبح 61.4 عام 2018، مما يؤشر الى إقتراب دخول الأردن في الفرصة السكانية. ويتم إحتساب معدل الإعالة على أساس نسبة السكان صغار السن (دون 15 عاماً) وكبار السن (فوق 65 عاماً) الى مجموع السكان في الأعمار (15-64 عاماً).

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن هذا المعيار لحساب معدل الإعالة الذي يأخذ بعين الإعتبار العمر فقط يشوبه العديد من المحددات التي تجعل من مصداقيته في مهب الريح، حيث تفترض طريقة الحساب هذه بأن جميع الأفراد ذكوراً وإناثاً الذين في المرحلة العمرية الإنتاجية (15-64 عاماً) على أنهم نشيطين إقتصادياً، والحقيقة عكس ذلك تماماً حيث هنالك عوامل أخرى تؤثر في حالة النشاط الاقتصادي كأن يكون الأفراد على مقاعد الدراسة أو يعانون من المرض أو عاطلين عن العمل أو متقاعدين مبكراً أو ربات منازل بالنسبة للإناث، لا بل قد يكون العديد ممن تجاوزت أعمارهم 65 عاماً لا زالوا يعملون.

وتضيف "تضامن" بأنه إذا ما تم الأخذ بهذه العوامل فإن معدل الإعالة في الأردن سيقفز من 61.4 الى 311، حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح 37.7% فيما بلغ معدل المشاركة الاقتصادية الخام 24.3% وفقاً لمسح العمالة والبطالة لعام 2018، بمعنى آخر فإن كل شخص عامل في الأردن (ذكر أو أنثى) يعيل نفسه ويعيل ثلاثة أفراد آخرين.

وعليه فإن القوة العاملة في الأردن تبلغ 2.499 مليون عامل وعاملة من بينهم 460 ألف عاطل / عاطلة عن العمل.

يذكر بأن عدد سكان الأردن بلغ 10.309 مليون نسمة عام 2018، منهم 34.3% أعمارهم أقل من 15 عاماً، و 62% تتراوح أعمارهم ما بين 15-64 عاماً، و 3.7% منهم أعمارهم فوق 65 عاماً وبعدد 381.4 ألف نسمة. وفقاً لكتاب "الأردن بالأرقام 2018" الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.

وتنوة "تضامن" الى أنه لا بد من إعادة ضبط معدل الإعالة ليكون أكثر دقة وواقعية، نظراُ للإحتياجات المتزايدة لكبار وكبيرات السن والمرتبطة بشيخوخة السكان، حيث تصبح هذه الفئة من السكان أكثر حاجة للمساعدات الحكومية على كافة المستويات الصحية والنفسية والاجتماعية، وعلى مستوى المشاركة في الحياة العامة والحماية من العنف والإيذاء والإستغلال.

ضعف المشاركة الاقتصادية تحد من إستثمار الفرصة السكانية

إن مفهوم الفرصة السكانية أو ما يعرف بـ 'النافذة الديمغرافية' يعود الى فترة زمنية يكون فيها التطور الديمغرافي لدولة ما قد أظهر وبوضوح تفوق نسبة الفئة العمرية العاملة 'النشطة إقتصادياً' عن الفئات العمرية صغيرة السن (أقل من 15 عاماً) وكبيرة السن (أكثر من 65 عاماً) ، وتستمر فترة الفرصة السكانية ما بين (30-40 عاماً) حسب مؤشرات معينة تختلف من دولة الى أخرى.

وتحدث الفرصة السكانية عندما تصبح التركيبة الديمغرافية للسكان أصغر سناً وتكون النسبة المئوية للأفراد القادرين على العمل ذكوراً وإناثاً في أعلى مستوياتها ، فأوروبا مثلاً إستمرت الفرصة السكانية فيها خمسة عقود (1950-2000) ، ودخلتها الصين عام 1990 ومن المتوقع إنتهائها عام 2015 ، فيما لا يتوقع أن تدخل معظم الدول الأفريقية بالفرصة السكانية حتى عام 2045 أو بعدها.

وتشير وثيقة السياسات المتعلقة بالفرصة السكانية في الأردن والصادرة عن المجلس الأعلى للسكان الى توقع حدوث الفرصة السكانية في الأردن عام 2030 ، حيث من المتوقع أن تصل نسبة الإعالة العمرية ولأول مرة الى أدنى مستوياتها وهي 44.9% (لكل 100 شخص في أعمار القوى البشرية) ، وستصل نسبة السكان في أعمار القوى البشرية الى ذروتها وهي 69.01% ، ويتوقع إستمرار الفرصة السكانية لعقدين من الزمن مع بدء الإنخفاض التدريجي لنسبة السكان في أعمار القوى البشرية إعتباراً من عام 2040 وبدء الإرتفاع التدريجي لنسبة الإعالة العمرية.

سيكون للنساء والفتيات دوراً بارزاً في تحقيق الفرصة السكانية ودخول الأردن بها فعلياً كما هو متوقع مع حلول عام 2030 ، كما وأن تمكينهن وضمان مشاركتهن الفعالة بمختلف المجالات وعلى وجه الخصوص بمجالات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والمشاركة الإقتصادية ستعمل جميعها على جني ثمار الفرصة السكانية. ومن بعض مؤشرات تحقيق ذلك العمل بجدية وضمن سياسات وخطط تنفيذية قابلة للتطبيق على خفض معدل الإنجاب ليصل الى 2.1 مولود لكل إمرأة في سن الإنجاب (3.38 مولود لكل إمرأة عام 2016)، وتوافق السياسات التعليمية الخاصة بالفتيات لتتناسب مع متطلبات سوق العمل ، وخفض معدلات البطالة بين النساء والفتيات وزيادة مشاركتهن الإقتصادية.