الشمع الابيض
في عهد البقالات الصغيرة أو ما كان يعرف بالسوبر ماركت لم تستطع الجهات المعنية السيطرة على بعض الخدع وعمليات الغش في هذه المحلات الصغيرة , فما بالك بالشركات المساهمة في المولات والتي يمتلكها بعض من يعرف بالحيتان والتجار الذين يفعلون ما يحلو لهم , والذين لا تجرئ بعض وسائل الإعلام بالحديث عن عمليات النصب الكبرى فيها والسبب بسيط , فحين يكون هناك عقد سنوي إعلاني بمئات الآلاف بين صحيفة وبين مول هل تعتقد أن تجرئ تلك الصحيفة بالكتابة عن عمليات الغش والخداع في هذه المولات ؟ بالطبع لا .
تقوم هذه المولات أو المحال التجارية التي تزعم أنها مولات بعرض الأسعار التجريبية لتجربة ردود الموطن حول سعرها أو كمية الشراء بطرحها لأيام محدودة وإن كانت ايجابية عملت بها وإن لم تكن عدلت على سعرها وكمية عرضها وهي نفس الطريقة التي تعرف "بمنطاد الاختبار" , وهي نفس الإستراتيجية المتبعة من الحكومة حينما تعرض قرار ما , بأن تبث إشاعة غير مباشرة حتى تعرف الآراء حول القرار أو القانون وإذا كان الردود ايجابية عملت به وإن لم تكن ايجابية عدلت عليه ثم عملت بنفس الطريقة الأولى , وهذه الطريقة مأخوذة من الدعاية الجوبلزية في زمن هتلر إبان الحرب العالمية الثانية .
ومن بعض الجمل التي توضع على البرشور أو الإعلان بكافة أشكاله, لحق حالك , عروض مذهلة , الكمية محدودة , الإدارة غير مسؤولة عن انتهاء الكمية , الإدارة لها الحق في نهاية تاريخ العرض , عروضنا هي الأفضل , هذه هي بعض الجمل التي تجتذب المواطنين إلى السلع بشكل ترويجي فليس غائب عن الجميع أن المولات أنها تطرح في كل مدة بروشورات دعائية وتروجيه لبعض السلع داخل هذا المول , تلك ليست مشكلة لان التنافس هو يأتي لصالح الموطن البسيط من ذو الدخل المحدود الذي تفرق معه أن تكون السلع ارخص ولو بقروش قليلة , المشكلة الحقيقية أن هناك ممارسات غائبة عن التموين وعن السلطات المسؤولة ولذلك أحببت أن ألخصها في هذا المقال .
تعلن بعض المولات عن تخفيض عن المنتجات لديها عبر بروشورات خاصة تصطاد ذلك الموطن البسيط من خلال وضع بعض المنتجات بسعر ارخص وواضح وذلك حتى تجتذب المستهلك إلى المول , و يغيب عن ذلك المواطن عبارة تكتب على البروشور وهي ( أن الإدارة غير مسؤولة عن انتهاء الكمية ) أو عبارة لها نفس الخصال هي أن ( لحق الإدارة تحديد الكمية ) وبذلك تكون أولى الأكاذيب في بعض هذه البروشورات , ومن العبارات التي تأتي بخط صغير جدا يحتاج إلى مجهر ويتم وضعه في مكان لا يمكن أن يخطر في بال المستهلك وبهذا تكون حجة للمول أنه وضع هذا التحذير ولا شأن له باختلاف الأسعار , ثانيا تصوير صورة لا علاقة لها بالمنتج فحين ينظر المستهلك إلى المنتج في البروشور يجد منتج مشابه له في المول ونحن للأسف ننخدع بالصور والألوان في جاذبية البروشور, نفسه لا في السلعة التي نعرفها.
ومن الطرق أن يضع منتج محير بشكل "دينمايكي" وهو أن يكون المنتج له عدة أوزان فمثلا علبة من صنف معين تنتج الشركة علبة من 100 جرام وعلبة من 150 جرام وبذلك تجد العرض الحقيقي على علبة ألـ 100 جرام ولكن البروشور يضع للمستهلك صورة للعبة فقط ،ثالثا السعر الغير حقيقي وهو لا علاقة له بالبروشور وهو عند وصول المواطن المسكين إلى هذا المول وخاصة من ذوي الدخل المحدود يضطر الأمر لشراء مئونة للشهر كامل عند استلامه الراتب وبذلك تجد السلع التي يشتريها متنوعة وكثيرة لأنها لشهر كامل وهنا تبدأ اللعبة , المشكلة الحقيقة حينما يصل هذا الموطن المسكين إلى المول تجد الأسعار على اللاصق بجانب السلعة ليست حقيقية في بعض الأحيان فمثلا سلعة ثمنها دينارين ونصف هي عند الكاش بأربعة دنانير ونظرا لعدد السلع لن ينتبه لسببين الأول كثرة السلع التي يتم شرائها بكونها مئونة الشهر والسبب الثاني الدور على الكاش لا يمكنه أن يراقب كل سلعة كم ثمنها وكم تم تدخيلها على الكاش وهنا هي اللعبة .
في الأردن ما يزيد عن أكثر من 40 مول وما يزيد عن أكثر من 100 محل تجاري تدعي أنها مولات , فيظن التاجر إن كان لهذا المبنى الصغير بابين وكتب على احدهما للخروج وأخر لدخول انه قد تملك مول وتجده من الداخل سوبر ماركت فقط ، لا يهم أن كان مول أم لا ولكن المول هو يمكنه أن يخفض في السعر بشكل كبير لأنه يشتري بشكل كبير أو أن يكون التاجر الوكيل لهذا السلعة ولذلك لا يمكن لصاحب المحل التجاري الصغير الذي يدعي بأنه مول منافسة هذا المول ولذلك لا يمكنه شراء كمية بنفس المول حتى يعرض أسعار بأقل من السوق , وهذا ما يفسر إغلاق المولات الصغيرة في الآونة الأخيرة لأنها تفتقر إلى الدراسة الحقيقة عند افتتاحها .
هذه بعض الآثار لمشكلة المولات في الأردن وإذا أردنا حلول فهي بسيطة ولكن لا توجد إدارة حقيقية لملاحقة التجار هؤلاء فكل بساطة يجب قبل أن يتم نشر أي بروشور أن يتم عرضه على الجهات الرسمية تماما كالنص الرقابي ,والتدقيق عليه من حجم الخط والصورة والتأكد أن هذه الأسعار حقيقية وليست خدعة فمن غير المعقول المولات موجودة من سبع سنوات ولم نسمع عن أي مول قد أغلق بسبب تلاعبه بالأسعار فكل ما في الأمر انه يتم تحرير مخالفة بقيمة بسيطة فإذا كانت أرباح مول هي مئات الآلاف أسبوعيا هل سيكترث بمخالفة قيمتها 500 دينار .
أن يتم عرض لجنة دائمة بلباس عادي تقوم بالتجول في أرجاء المول وتقارنه بين السعر الاعتيادي في المول و الكاش , ثالثا أن يتم فتح باب لشكاوي على هذه المولات فمن غير المعقول أن يشتري شخص مجموعة سلع حسابها على رف المول بعشرة دنانير وعن الكاش بخمسة عشر دينار .
واختم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من غش فليس منا) لذلك أتمنى أن لا يتم إهمال الغش بهذا التقصير الواضح للمولات سواء الكبيرة أو الصغيرة أو حتى المحال التي تدعي أنها مولات .