حرب إسرائيل على إيران ... مسألة أسابيع فقط ؟!

أهي حلقة جديدة من حلقات الحرب النفسية، أم هو الاستعداد لشن الحرب على إيران وقد بلغ أعلى وآخر مراحله؟...سؤال يشغل الأوساط السياسية والمحللين الاستراتيجيين في إسرائيل ويشغلنا معهم، وأحسب ألا جواب سهل على هذا السؤال السهل.

إسرائيل، بخاصة مكتبي نتنياهو – باراك، لا تكف عن “تسريب” المعلومات والتقديرات والتقارير التي تذهب باتجاه التأكيد على تسارع وتائر تطور البرنامج النووي الإيراني، ولقد صادقت الإدارة الأمريكية على التقديرات الإسرائيلية الأخيرة التي تعطي إيران فاصل بضعة أشهر عن القنبلة النووية... وتأسيساً على فرضية منع البرنامج النووي الإيرانية من بلوغ “لحظته الحرجة”، فإن بعض التقديرات المُسربة تقول إن هذه الضربة إما أن تكون في موعد أقصاه أكتوبر المقبل، أو لا تكون...إما أن تقوم إسرائيل بضرب وتدمير البنى التحتية الإيرانية خلال الفترة القليلة المتبقية (12 أسبوعاً) أو أنها لن تفعل ذلك أبداً، لا في المستقبل القريب ولا البعيد.

ولجعل مهمة التحاق الرأي العام الإسرائيلي بركب حكومة نتنياهو وركاب الوزيرين باراك وليبرمان، كان لا بد من تضخيم “الخطر القنبلة الإيرانية على مستقبل إسرائيل وحياة شعبها من جهة...وحقن الرأي العام الإسرائيلي، بمعلومات تقلل من شأن خسائر إسرائيل في حال شن ضربة استباقية (قبل فوات الأوان) من جهة ثانية...وهنا تقول التقديرات المسربة أيضاً، إن إجمالي عدد القتلى الإسرائيلي في أي هجوم إيراني محتمل على إسرائيل لن يزيد على 200 – 300 قتيل، تخلص بعدها الدولة العبرية من كابوس القنبلة “الشيعية”.

ولا ندري إن كان سباق قادة الأجهزة الأمنية السابقة للتحذير من مغبة القيام بعملية إسرائيلية من جانب واحد ضد إسرائيل، هو أمر متروك لتقديرات”الجنرالات السابقين” وجاء بمحض الصدفة المجردة، إما أنه جزء من “لعبة الحرب النفسية” التي تسبق الحرب الفعلية وتهيئ لها، إذ ليس بلا معنى أن يخرج في أسبوع واحد كل من داغان وديسكن وهاليفي وفركش، للتنبية إلى خطورة خروج إسرائيل إلى حرب مع إيران، لكأن هؤلاء يريدون أن يوصلوا رسالة لقادة طهران: احذروا!..الغلاة قادمون، فإما التجاوب مع مطالب المجموعة الدولية وإما مواجهة “النازلات الماحقات”.

كما أننا لا ندري حقيقة، كيف انتهت عمليات “الطمأنة” وزرع الاطمئنان التي مارستها إدارة أوباما مع إسرائيل لكبح جماحها، ومنعها من توريط أمريكا في حرب عشية الانتخابات الرئاسية أو بالتزامن معها، فخلال أقل من شهر واحد، كان مستشار رئيس مجلس الأمن والقومي ووزيرة الخارجية ووزير الدفاع ومدير السي آي إيه يؤمون تل أبيب في محاولة منهم لإقناع قادتها بالكف عن أي تفكير بتوجيه ضربة منفردة لإيران.

على أية حال، نحن نعرف أن إسرائيل تفكر جدياً بهماجمة إيران وبنيتها النووية والصاروخية...ونعرف أيضاَ أنها قد تعمل على فتح هذه الجبهة قريبا جداّ..لكننا لا نعرف كيف ستكون “ردة فعل” إيران أو “ٍسيناريو اليوم التالي” لهذه العملية، ، ولا نعرف كيف سيتصرف “حزب الله” ، هل سيغلب حساباته العقائدية وتحالفاته الإقليمية، أم أنه سينطلق من واقع كونه “حزباً لبنانياً” تتقدم مصالح لبنان عنده على أية حسابات وخطابات ذات طابع عقائدي.

كثيرون في معسكر نتنياهو – باراك، يرون أن فاعلية صواريخ إيران وقدراتها التدميرية، لن تتخطى كثيراً ما حدث في العام 2003 إثر قيام نظام صدام حسين بقصف رشقات متقطعة من صواريخه على إسرائيل، وهذا أمر لا يجوز أخذه على أنه “مسلّمة” ، فإيران ليست العراق، وحزب الله يجب أن يؤخذ على محمل الجد....ثم أن مواجهة من هذا النوع، قد توفر للنظام السوري وحلفائه، فرصة لتنفيذ أكبر عملية خلط أوراق إقليمية، تصبح معها معارك كتلك التي تجري في “حي صلاح الدين” و”بابا عمرو” تفاصيل صغيرة، في مشهد إقليمي/كوني عاصف.

طبول الحرب تقرع بقوة في إسرائيل، لكن القرار بإشعالها لم يصدر بعد، والأرجح أنه إن صدر، سيكون له وقع الصاعقة على المنطقة بأزماتها المشتعلة، وسيكون له ولتداعياته، أثر لا يمحى في تشكيل صورتها وتقرير مساراتها.