محققو "كونان الفيسبوكيون" شكرا لكم

فزع المجتمع الأردني بحدث جريمة قتل الطفلة نيبال أبو دية ذات الأربعة أعوام ، ومنذ لحظة اختفائها انشغل الرأي العام بقضيتها ، وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات البحث عنها ، إلى أن تكشفت الحقيقة المؤلمة والمتمثلة بالعثور على جثتها.

ومنذ إعلان الأجهزة الأمنية العثور على جثتها أمس وفي أقل من 24 ساعة ، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من الاشاعات حول تفاصيل وحيثيات جريمة قتلها ، وبات المواطن في كل ساعة يقرأ رواية مختلفة ، وأضحى كل يؤدي دور المحقق الكرتوني المعروف "كونان" في محاولة للوصول الى السبق ، وجمع اللايكات والتعليقات ، حتى لو كان ذلك على حساب مجرى التحقيق ، ومشاعر ذوي الطفلة.

اليوم ، وبعد أن بدد بيان الأمن العام حول تفاصيل الجريمة وحيثياتها ، كل ما تفتق به عباقرة التحقيق "الفيسبوكيين" و"التويتريين" نود أن نتساءل ما هو شعورهم تجاه أنفسهم أولا ؟ ثم تجاه الطفلة البريئة وهم ينصبون أنفسهم قضاة ومحققين ، ويطلقون الاشاعات هنا وهناك ، وكادوا بفعلتهم أن يضللوا التحقيق والعدالة؟

ما هو شعور الذين طالت اشاعاتهم إساءات لذوي الفتاة ، ودفعتهم للمناشدة بعدم اطلاقها ، بعد أن باتوا بين نارين ، نار قتلها وفقدانها ، ونار اشاعات تطلق بلا وعي ، من شأنها تدمير الأسرة ؟

سادتي محققو "كونان الفيسبوكيون" ، منصات التواصل الاجتماعي وجدت لأجل البناء والنهضة والتعاون في تبديد كل ما هو يضر وينخر بمجريات وقنوات الفضيلة والإزدهار ، منصات التواصل استحدثت لتعميق أطر التواصل ، وتمتين بنى المجتمع ، لا للتدمير والتعذيب النفسي بشكل مخز يندى له الجبين ، كما شهدناه أمس وحتى ساعات صباح اليوم.

سادتي محققو " كونان الفيسبوكيون" لتكن روح الطفلة نيبال ، ملهمة لكم في التوقف عن المضي بدرب الاشاعات، وتداول التكهنات ، فكفانا تدميرا لأنفسنا بيدنا ، وكفانا حربا على أنفسنا بأنفسنا ، ولتكن روح الطفلة نيبال انطلاقة جديدة لتصحيح المسار الخاطئ على مواقع التواصل الاجتماعي ، وإلا ستكون خصيمة لكم ولنا ولو بعد حين.