قانون الانتخاب : من يحل «اللغز»؟

حسم رئيس الوزراء موقف الحكومة من “الطبعة” الثانية لقانون الانتخاب، فهي - بحسب تصريحاته - نسخة نهاية وغير قابلة للتعديل، الرسالة - بالطبع - وصلت على الفور، فالاسلاميون قرروا مقاطعة الانتخابات بالكامل، بما فيها التسجيل في قوائم الناخبين، والاحزاب اليسارية والقومية التي حاولت الحكومية “استمالتها” تبدو اقرب الى المقاطعة، وحتى لو شاركت فان وزنها في الشارع لن يشكل اية رافعة للانتخابات، زد على ذلك ما صدر من بيانات على مستوى العشائر والحراكات الشعبية، والجبهة الوطنية للاصلاح.. وكلها تؤكد ان خيارها هو المقاطعة.

فجأة، يوجه نحو “500” شخصية اردينة رسالة الى الملك، تناشده فيها بالتدخل لاجراء تعديل على قانون الانتخاب، وفيها يشرح الموقعون الاسباب التي تدفعهم الى التوجه “للقصر” والمسوغات التي تستدعي تجاوز “عتبة” الاعتصاء السياسي نحو انتخابات يشارك فيها الجميع.

في الاسبوعين الماضيين ايضا، يعقد الملك العديد من اللقاءات “الرمضانية” مع شخصيات سياسية، يرشح منها ان ثمة ارادة سياسية تدفع باتجاه اجراء تعديل جديد على قانون الانتخاب، لكن المفاجأة جاءت من رئيس الوزراء الذي اكد بوضوح ان الحكومة لن تذهب الى مثل هذا الخيار، وبان الانتخابات بعد صدور القانون رسميا ستجري في نهاية العام الحالي بمن حضر.

امام هذا “اللغز” يمكن استنتاج مسألتين: احداهما ان “المطبخ السياسي” اتخذ قرارا نهائيا بالابقاء على القانون واجراء الانتخابات البرلمانية على اساسه.. وبالتالي فان “الباب” اغلق تماما امام اي حوارات مع “المقاطعين” وان الدولة تستعد لمواجهة هذا الاستحقاق السياسي بما تمتلكه من ادوات وخيارات، وهي مطمئنة الى ان المقاطعة لن تؤثر عمليا على نتائج الانتخابات.

اما المسألة الثانية فهي ان الدولة امام “مرحلة” تحتاج فيها الى اجراء ما يلزم من عمليات جراحية، وهنا يمكن التفكير بسيناريو حل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة تسند اليها مهمة صياغة قانون انتخاب “توافقي” وهذا ممكن - زمنيا - في غضون الشهرين القادمين، وهنا يمكن استخدام الصلاحيات الدستورية المتاحة للملك للخروج من “عقدة” اصدار قانون مؤقت في غيبة البرلمان، كما يمكن تأجيل حل البرلمان لما بعد تمرير هذا القانون.

اعتقد ان القرار لم يحسم بعد، وهو يتوقف على ما يجري من تطورات في “الملف” السوري، ومدى ما يحدثه من تداعيات على الداخل الاردني، لكن المؤكد ان الحكومة الحالية لن تقوم بهذا الدور وستظل ملتزمة بموقفها الذي اعلنه الرئيس قبل ايام، وبالتالي فهي تراهن على مسألتين: احداهما تتعلق بقناعتها بان الدولة حسمت موقفها من “الانتخابات” وقانونها، وهي مطمئنة اي قرارها وبقائها ايضا، والمسألة الاخرى ان الحكومة ترفض ان تجري تعديلا على القانون لاحساسها بان ذلك يمس من مصداقيتها ويحرجها امام الرأي العام.

ومع ذلك يبقى سؤال: هل اخذت الحكومة الضوء الاخضر لتشهر اصرارها على القانون.. او انها اجتهدت وتتحمل وبالتالي ان تدف الثمن؟ الايام القادمة ستحمل لنا الاجابة بالتأكيد.