الأمن والاستقرار.. ركيزة الدولة الديموقراطية

ينبغي التأكيد دائما على ان أمن الوطن واستقراره هما من الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها في كل حال .
كما ينبغي القول إن الأمر لا يتصل من قريب أو بعيد بثوابت الحرية والعدالة والمساواة التي هي أيضاً عوامل ترسيخ للأمن وصون للاستقرار .
وفيما عدا هذا تصبح الصورة جلية لينفتح باب التنافس بين الناس على الخير والعطاء والعمل الصالح في خدمة الوطن والمواطن ، على قدم المساواة ، من باب : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
وأود هنا ان أحيي رجال الأمن العام بصنوفهم كلها ، مثلما أحيي قواتنا المسلحة الباسلة ، فهم درع الوطن الحصين وعينه الساهرة من مخاطر الداخل والخارج ، دون ان نتجاهل أبداً دور المواطن نفسه من باب : كل مواطن خفير ، وإذا كان لنا ان نذهب أبعد فإن هذا هو معنى : «كلكم راعٍ ٍ وكلكم مسؤول عن رعيته « وهو باب ينفتح على آفاق واسعة من العمل المخلص لله وللوطن وللأمة .
لقد لاحظت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها صديقنا الفريق أول حسين هزاع المجالي مدير الأمن العام ، وهو يؤكد على ان أمن الوطن هو ركيزة أساسية لكل الأهداف الخيرة ، حين ذهب إلى ان الأمن الناعم ، له استخداماته ، والأمن الخشن له دواعيه ، وان عصابة الأشرار التي أحبطت قوات الأمن والدرك مخططها وأطاحت بها ، وهم الآن في قبضة العدالة ، هذه العصابة لا يمكن استخدام الأمن الناعم معها ، فهم مسلحون وأصحاب سوابق ولهم أهداف تضر بأمن الوطن واستقراره وسلامة المواطن وطمانينة العيش في هذا الوطن ولا بد من إحباط أهدافهم والضرب على أياديهم .
كما ان الفرق واضح بين دور الأمن العام في حماية أمن الوطن والمواطن من خطر الجريمة والخروج على القانون ، وبين دوره في الحفاظ على الأمن في حالة التعبير عن الرأي أو المطالب من خلال المسيرات والاعتصامات والتظاهرات السلمية في إطار الحراك الشعبي ، بمختلف توجهاته وألوانه .
وهو حق مشروع كفله الدستور ومن الواجب حماية من يمارس مثل هذا النوع من التعبير دون السماح لأي كان بالتجاوز عن الحالة السلمية والسلوك الحضاري وإلاّ خَرَجَ الأمر عن كونه حقاً مشروعاً وتعبيراَ سليماَ حرّاَ عن الرأي .
إن الديموقراطية لا تعني الفوضى ، ولا تغطي الانفلات ، ولا يجوز العبث بمقدرات الوطن ومكتسبات المواطن ، أو ممتلكاته أو التأثير على حياته اليومية وعلى أمنه وأمانه بحجة التعبير الحرّ عن الرأي أو عرض المطالب أو الضغط لتحصيل حقوق أو غايات مشروعة .
ومثلما إن الديموقراطية مطلب والإصلاح غاية ، فالوسائل المفضية إليها هي في الأساس وسائل سلمية ، وليس بالتأكيد من بينها أي توجه لاستخدام العنف أو استعمال السلاح أو حتى العنف اللفظي أو الجسدي ، أيا كانت الأسباب . وما يتبقى بعد هذا إلا القول ان بلدنا سيظل عصياً على كل محاولات الاختراق طالما كنا أجمعين واعين لما يدور حولنا ، ومدركين لطبيعة الأهداف الشريرة التي تجد من يُداري عليها أو يغطيها ، باسم الوطن أو مصلحته ، أو باسم حرية التعبير أو التنظيم وحقوق الانسان.
وتظل كرامة الانسان أولاً وأخيراً ، مصانة ومقدرة ، واحترامها ينبغي ان يتقدم على كل الأهداف والتطلعات الخيّرة .
نعم للأمن الناعم ، حيث يجب ان يكون .ونعم للأمن الخشن ، حيث يصبح ضرورة للاستقرار وإسهاما في تثبيت ركائز الحياة الآمنة والعيش المطمئن ،وإن وطناً لا نحميه ، لا نستحق العيش فيه .وحمى الله الأردن من كل مكروه .