حزمة أمان مع اتفاق الصندوق
من المآخذ على برامج التصحيح الاقتصادي التي نفذتها الحكومات الأردنية خلال الفترة (1989- 2003) ، انها تجاهلت الابعاد الاجتماعية في مضمونها، مقابل تركيزها على الاصلاح المالي الذي اعتمد اساسا على ركيزتين هما : استحداث ضريبة المبيعات والتخاصية .
لم تفق الحكومات من التداعيات السلبية الاجتماعية لبرامج التصحيح التي ركزت على سياسات التقشف معتمدة في ذلك على فرض ضرائب ورسوم جديدة ورفع تدريجي للدعم الا في عام 1998 عندما ارتفعت معدلات الفقر إلى مستويات كبيرة وانتشرت جيوبها في مختلف انحاء المملكة ، مصحوبة بارتفاع كبير على اعداد البطالة ، مع انخفاض حاد في معدلات النمو الاقتصادي في ذلك الوقت.
هنا تدخلت الحكومة بالتعاون مع البنك الدولي واطلقت حينها ما كان يعرف بحزمة الأمان الاجتماعي ، ورصدت لها ما يقارب ال48 مليون دينار معظمها منح وتسهيلات من المؤسسات والمانحين، لكن للاسف كان الوقت متاخرا ، ومعالجة الفقر والبطالة كانت تتطلب برامج اكبر بكثير من حزمة الأمان التي كان مقرها وادارتها في وزارة التخطيط.
لذلك اكد رئيس وزراء سابق في احد لقاءاته الاقتصادية ان جميع برامج محاربة الفقر والبطالة فشلت رغم ان الحكومات انفقت اكثر من 700 مليون دولار لمعالجتهما دون فائدة.
اليوم الأردن يدخل مرحلة جديد ومشابهة لما كان عليه في نهاية عقد الثمانينات ، حيث اقر برنامج تصحيح مدته ثلاث سنوات ، يركز في جوهره على رفع تدريجي على اسعار الكهرباء وصولا الى كلف انتاجها ، اضافة إلى تحرير اسعار المحروقات تدريجيا .
البنود السابقة ستترك اثارا اجتماعية سلبية على الأمن المعيشي للمواطنين ، وقد يتكرر المشهد على النحو السابق الذي كان فيه الوضع معمولا به ببرامج التصحيح طيلة عقد التسعينيات.
حتى لا يتكرر مشهد جيوب الفقر المنتشرة اصلا في جميع انحاء المحافظات يدور حولها الاف المتعطلين عن العمل ، لا بد من ان تتدارك الحكومة هذا الوضع باستحداث شبكة أمان اجتماعي تكون قادرة على امتصاص التداعيات السلبية الاجتماعية على معيشة الأردنيين .
شبكة الأمان يجب ان تكون خطتها من ضمن الموازنة العامة ، بمعنى ان يتم رصد المخصصات الكافية لها طيلة عمل برنامج التصحيح، وفي هذا الاطار لا بد من تطوير المضمون النوعي لشبكة الأمان بحيث تتضمن فكرا انتاجيا جديدا للأردنيين ، يعيد في النهاية بناء الطبقة الوسطى من جهة، ويساعد الطبقة الفقيرة على التطور والتقدم للامام من جهة اخرى.
شبكة الأمان المقترحة يجب ان تكون ذات صلة باستراتيجية التشغيل وبصندوق تنمية المحافظات ، فالهدف ، هو خلق برامج تدريبية وتاهيلية للمتعطلين عن العمل والخريجين معا ، والابتعاد عن سياسة الاعطيات ومأسسة المنح والهبات التي لا تجدي نفعا .