هل العالم مستعد لأزمة مالية جديدة؟


بعد مرور أكثر من 10سنوات على انهيار بنك "ليمان براذرز"، واندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية، لا يزال السؤال الذي يشغل بال كثيرين، وهو هل نحن محصنين أكثر مقارنة بالوضع الذي كان سائدا في 2008؟.

وسلط تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الضوء على هذا السؤال، معتبرا الإجابة عليه إيجابية ولكن "ليس بشكل كاف"، فبالرغم من التقدم الملحوظ بالأنظمة المالية منذ الأزمة السابقة، فلا تزال هناك مخاطر جديدة محتملة تنبثق من المشهد المالي المتطور سريعا.

فالبنوك تمتلك مخزونا أكبر من حيث رأس المال، بالإضافة إلى تمتعها بسيولة أفضل مقارنة بذلك الذي كانت تمتلكه في 2008.

كذلك اتخذت البلدان خطوات حثيثة في ميدان التنظيم، وانصب اهتمامها على مراقبة الاستقرار المالي ، فضلا عن قيامها على نحو مفاجئ باختيارات للتحقق من سلامة الإجراءات المصرفية، وتحويل جزء كبير من المتاجرة بالمشتقات كالذهب والسندات والأسهم إلى أنظمة أكثر أمانا تخضع لرقابة البنوك المركزية.

ومن جانبه، حسّن صندوق النقد الدولي من قدرته على تحليل ومراقبة مصادر المخاطر، ودخل في شراكات مع السلطات الوطنية لمساعدتها على تحديد نقاط الضعف المحتملة كالديون الكبيرة على المستهلكين والشركات، هذا إلى جانب تطوير أدوات لكبح جماح المخاطر، وتعزيز قراءة وتحليل الأنظمة المالية.

وتضخمت الديون غير المالية لتسجل 182 تريليون دولار في 2017، وهو ما يمثل 224 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبزيادة تقارب الـ60 في المئة عن الرقم المسجل سنة 2007.

وفي الولايات المتحدة، قاد طلب المستثمرين على الديون الصادرة عن الشركات ذات الاستدانة العالية إلى معايير ضعيفة في الأسواق المالية، الأمر الذي ضاعف خطر التخلف عن السداد من جانب المقترضين.

أما في الأسواق الناشئة، فقد وصل الدين العام إلى مستويات سجلت آخر مرة في ثمانينيات القرن الماضي، وسط تحذير من أن استمرار ذلك سيجعل البلدان منخفضة الدخل تتحمل أعباء ديون ستعجز حتما عن سدادها.

ويعد نظام "الظل المصرفي" وهو مجموعة من الوسطاء الماليين غير المصرفيين الذين يقدمون خدمات مماثلة للبنوك التجارية التقليدية، أحد مصادر الخطر، حيث يتوجب على السلطات المعنية وخصوصا في الأسواق الناشئة التصدي لها بكل ما أوتيت من قوة.

وتمثل الهجمات السيبرانية أيضا عاملا مقلقا للمستهلكين والمستثمرين، كما أنها تهدد الاستقرار المالي للاقتصاد، علما أن خطورتها تأتي من صعوبة فهمها أو توقعها دائما.

ويؤجج عدم اليقين بشأن السياسة المالية في أوروبا، المخاوف المتعلقة بالترابط بين الحكومة والدين المصرفي الذي هز منطقة اليورو في السنوات الأولى من هذا العقد.

دور صانعي السياسات المالية

ويتوجب على صانعي السياسات المالية العمل على إصلاحات بالأنظمة المالية تواكب المتغيرات التي تفرضها الأوضاع الراهنة.



ومن المهم أيضا زيادة رأس مال البنوك، ووضع استراتيجيات طوارئ للتعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الفاشلة.



ولتفادي أزمة جديدة، على المسؤولين عن السياسات المالية العمل بجد لتخفيض عجز الميزانية، وإعادة معدلات الفائدة تدريجيا إلى المستويات الطبيعية حسب ما تسمح به الظروف الاقتصادية.



وبالنسبة للحكومات فعليها العمل لدعم النمو المستدام الذي يساهم في تأمين أسعار صرف مرنة تمتص الصدمات، وأن تتعاون فيما بينها لمجابهة النمو السكاني المتنامي.