دولة عمر الرزاز وشريعة الغاب
جراءة نيوز - ابو تركي يكتب ..
نحن أمة لا تقرأ ولو أننا نقرأ لما وصل حالنا لهذا الحال... فما يلفت القارئ العربي هو عنوان الكتاب او المقال ومن ثم بعدها يقرر إن كان يريد أن يكمل القراءة او يضع المقال أو الكتاب جانبا على الرف واضعا كتبا ومقالات ذا قيمة ولكنها بنظره بالية القيمة والمحتوى.
"دولة عمر الرزاز وشريعة الغاب" عنوانا لمقالي كي اجذبكم لقراءة المحتوى ولأنني رأيت أنني اوجزت واقع الحال بهذا العنوان.
فوضى السياسيين وعشوائيتهم وتخبط قراراتهم وفسادهم...فكل يغني على ليلاه في إصدار التشريعات والأحكام- هذا كله- من جعلني أستذكر مسرحية شريعة الغاب للشاعر أحمد شوقي... فعندما حل الطاعون الغابة.. اجتمع الأسد بالحيوانات كي يقدم أحد الحيوانات قربانا وأضحية كي يزول الطاعون ظانا أن الطاعون عندما يحل بقوم كان نتيجة ظلم القوم واستبدادهم وفسادهم.
فصاح النمر مستفردا عضلاته أمام الجميع: "يعيش مولانا الأسد" مادحا الأسد لحله للمشكلة.
وبخبث ومكر اقترح الثعلب ان يبدي الجميع رأيه...فاستثنوا الأسد القاتل من ان يكون أضحية تفاديا من أن يقتلوا بين يديه وتغنى الثعلب بالأسد قائلا:
"اقتل جميع الناس يا ملك الوحوش لنستريح"
وأيضا بعد حوار طويل استثنوا النمر والدب والذئب كذلك من أن يكونوا اضحية خوفا منهم لقوتهم وجبروتهم. فلم يجد الثعلب مخرجا للأضحية سوى الحمار:
" شر المنازل للفتى ما ليس ينفع أو يضر
إن الشجاع إذا رأى خطراً يحيط به يفر
(ملتفتا إلى الحمار)
والآن مالك يا حمار لزمت صمتك مستريحاً
ذي سكتة الجاني يخاف إذا تكلم أن يبوحا"
فأراد الحمار الدفاع عن نفسه قائلا
"قد كنت يوماً جائعا والليل يوشك أن يلوحــا
والأرض تبعث حرها ويكاد جسمي أن يسوحا
فمررت قرب الدير أشكو في الفؤاد له جروحا
وتكاد رجلي أن تزلل وكاد جفني أن ينوحــا
فوجدت عشباً ذابلاً في بعض ساحته طريحـا
وتمثل الشيطان يغريني ويبدو لـي نصيحـا"
فأصبح الحمار أضحية للغاب لأنه قد سد جوعه من أعشاب وقف ديني فكما قال الثعلب:
" من مس مال الوقف في قانوننا دمه أبيحا."
هكذا هي سياسة الدولة فالبقاء للأقوى...القوي هو من يملك السلطة ويشرع القانون ويطبقه, والضعيف هو من يكون أضحية وقربانا للسماء كلما حلت مصيبة أو حدثت كارثة. كيف لكم أن تجتمعوا مع القوي وأنتم تعرفون أن الدب والذئب والنمر والثعلب هم من حوله يساندونه ويمدونه بالقوة والجبروت...
الحمار سيبقى حمار وسيبقى أضحية وقربانا للأسد فمتى سيمتلك الحمار الجرأة ويقف ضد قرارات الأسد ومسؤوليه المستبدة والظالمة؟
أيها القارئ مقالي ليس سوى شروحا مختصرة لمسرحية عظيمة كتبها امير الشعراء أحمد شوقي تصلح لأن يقرأها الجميع في كل زمان ومكان مستلهما منها حال الدول وسياساتها المتبعة واتمنى أن يصلح حال الحمار فإلى متى سوف يبقى أضحية؟