خبراء: تقدير الإيرادات الضريبية في 2019 ليس مبنيا على معطيات سليمة

أثارت الأرقام المعلنة في مشروع قانون موازنة العام المقبل حول إيرادات ضريبة المبيعات "السلع والخدمات” استهجان خبراء، فهم يرون أن الأرقام المتوقعة ليست مبنية على معطيات سليمة وسوف يكون تحقيقها صعبا.
ويرى هؤلاء أن الحكومة "بدت متفائلة” أكثر من اللازم في تقدير إيراداتها من "المبيعات”، في وقت وعدت فيه بأنها ستخفض من الضرائب الأخرى مقابل زيادة ضريبة الدخل الأخيرة.
وفي وقت يعاني فيه الاقتصاد من مؤشرات "انكماش” تبتعد فكرة زيادة الاستهلاك من قبل المواطنين، وانتعاش القطاع الخاص.
وكشف مشروع قانون ضريبة الدخل 2019 عن توقعات الحكومة بزيادة تحصيلها الضريبي من المبيعات بحوالي 400 مليون دينار عن المعاد تقديره للعام الحالي؛ إذ قدرت الإيرادات من ضريبة المبيعات وحدها بـ3.610 مقارنة مع 3.210 مليون معاد تقديره للعام 2018.
يأتي هذا في الوقت الذي تشير فيه أرقام القانون الى أن الدولة كانت قد قدرت إيراداتها من ضريبة المبيعات للعام الحالي بـ3.689 مليار دينار، فيما أنها حصلت فعليا 3.210 مليار وبفارق 480 مليون دينار؛ أي أنها "لم تحقق ما كانت تخطط له العام الحالي في ظل الانكماش الاقتصادي وتراجع الطلب الكلي على السلع والخدمات”.
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن توجه الحكومة لتخفيض ضريبة المبيعات على سلع وخدمات، سيشمل سلعا محددة جدا، وذات طلب بسيط؛ أي أن تأثيرها على الإيرادات في حال تم التخفيض لن يكون له أثر كبير على إيرادات الدولة.
ويرى الخبير الاقتصادي زيان زوانة، أن الحكومة من الصعب أن تحقق الرقم المنشود لأن "أسعار النفط عالميا في طريقها الى الانخفاض، ما يعني أن تحصيل الحكومة من الضريبة الخاصة على المحروقات سيتراجع”.
كما أن معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة للعام المقبل لا تبشر بالخير، وفق زوانة، الذي يرى أن هذا النمو لن ينعكس على إيرادات الدولة؛ حيث إن النشاط التجاري سيكون ضعيفا ومتواضعا، خصوصا مع فرض ضريبة الدخل الأخيرة على الشركات، وفي ظل ارتفاع تكلفة الإقراض الناجم أيضا عن أخذ الحكومة حصة كبيرة من السيولة المتوفرة لدى البنوك؛ حيث تشير الموازنة الى توجه الحكومة الى الاقتراض الداخلي بحجم حوالي 5 مليارات دينار، ما يقلل من حصة القطاع الخاص من الاقتراض.
واستبعد زوانة أن تقوم الحكومة بزيادة ضرائب أخرى جديدة على المبيعات؛ إذ يشير الى أن الحكومة تعي "حالة الإحباط” و”فقدان الثقة” التي تستولي على أحوال المواطنين والتي تشكل خطرا للأمن الداخلي اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا.
وتشير أرقام الموازنة أيضا الى أن ضريبة الدخل المفروضة مؤخرا ستورد للدولة حوالي 245 مليونا؛ إذ قدرت الحكومة إيراداتها من ضريبة الدخل وحدها بـ1.187 مليار مقارنة 942.7 مليار دينار.
وسيتم تحصيل 262.5 مليون دينار من ضريبة الدخل على الموظفين والمستخدمين مقارنة مع حوالي 139 مليون دينار بزيادة نسبتها 97 %، ومن ضريبة الدخل على الأفراد تتوقع أن تحصل 105.7 مليون دينار مقارنة بـ53.7 مليون العام الحالي وبزيادة نسبتها 89 %، كما سيتم تحصيل 819.7 مليون دينار مقارنة مع 750 مليون دينار العام الحالي بزيادة نسبتها 9 %.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، أشار الى أن "الحكومة متفائلة” جدا في تقديراتها في الايرادات الضريبية، موضحا أن النمو الاقتصادي الذي تشهده الأردن متواضع جدا ولا يمكن أن يزيد في ظل الضرائب والرسوم التي فرضت مؤخرا.
وأشار الحموري الى أن "الضريبة تقتل الضريبة” وهذا يعني أن تراجع الإيرادات الضريبية كان خلال السنوات الماضية سببه فرض ضرائب على السلع والخدمات وغيرها من رسوم.
وقال "الطلب الكلي اليوم متراجع في ظل تراجع قيمة الدخول للأفراد، وبسبب تخوف الناس من الإنفاق، وبالتالي فإن تأثير ذلك سينعكس على تحصيل ضريبة المبيعات التي تفرض على السلع والخدمات”.
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة مؤتة د.أحمد المجالي، أنه دائما وخلال السنوات الأخيرة يكون هناك فروقات بين المقدر والمعاد تقديره في موازنات الدولة وبفروقات كبيرة؛ إذ يرى المجالي أن "الموازنات التي يتم وضعها لا تعتمد على نماذج اقتصادية واقعية”. وأشار الى أن ما تم تقديره في الموازنة من إيرادات لضريبة المبيعات مؤكد أنه مبني على أرقام نمو اقتصادي متفائلة.