خبراء: الإيرادات الضريبية المقدرة في الموازنة صعبة المنال
لم يظهر خبراء اقتصاديون تفاؤلهم تجاه الأرقام المعلنة في مشروع موازنة 2019؛ حيث رأوا أن الإيرادات الضريبية المقدرة في الموازنة من الصعب تحقيقها في ظل الانكماش الذي يعيشه الاقتصاد.
وفي الوقت الذي يرى بعضهم أن الأرقام المعلنة "معقولة" أبدوا تخوفهم من عدم إيراد بعض الديون والمستحقات على الحكومة في الموازنة كما حصلت مع حكومات سابقة.
وربط هؤلاء الزيادة في الإيرادات من ضريبة الدخل بقانون الضريبة الجديد الذي أقر أخيرا، فيما اشاروا إلى أن الزيادة في بند ضريبة المبيعات من المستبعد أن يتحقق بسبب الانكماش الاقتصادي.
وانتقد هؤلاء الانفاق الرأسمالي حيث أنه كان في معظمه مخصص لمشاريع قيد التنفيذ ومستمرة، مع تواضع الانفاق على مشاريع جديدة.
كما انتقدوا توجه الحكومة إلى الاقتراض الداخلي الذي سيقلل من فرص القطاع الخاص للحصول على تمويل وبالتالي عدم التوسع في الانتاج وهذا سيؤثر على الانموالاقتصادي.
وزير تطوير القطاع العام الأسبق، الدكتور ماهر المدادحة، اعتبر المؤشرات العامة في الموازنة "مقبولة" في ظل الظروف الاقتصادية العامة، إلا أنه أبدى تخوفا من أن يكون هناك "استحقاقات أخرى من ديون غير ظاهرة في الموازنة، وذلك كما حدث في سنوات سابقة".
ويفسر المدادحة رقم الإيرادات الضريبية من ضريبة الدخل بالمليار بسبب "قانون ضريبة الدخل"الذي أقر أخيرا؛ حيث يرى أنّ الزيادة في هذه الإيرادات لم تزد عن الـ 245 مليونا في الوقت الذي كان من المتوقع أن تكون 280 مليونا وفق تنبؤات الحكومة السابقة، مشيرا الى أنّ هذا الرقم تراجع بسبب تعديلات النواب الأخيرة على القانون.
ويرجح المدادحة ارتفاع بند "الإيرادات من ضريبة المبيعات" بسبب توقعات بارتفاع النمو الاقتصادي.
ويرى المدادحة أن الإيرادات المحلية كانت أكبر من الإنفاق الجاري وهذا يعطي "مؤشرا جيدا"؛ حيث أنّه يساهم في التخفيف من الاقتراض الخارجي.
غير أنّ الخبير الاقتصادي زيان زوانة أشار إلى أنّ الحكومة "غالت في تقديراتها لضريبة المبيعات" فمن جهة فإنّ أسعار النفط عالميا في طريقها إلى الانخفاض ما يعني أنّ تحصيل الحكومة من الضريبة الخاصة على المحروقات سيتراجع، ومن جهة اخرى فإن معدلات النمو المتوقعة في الموازنة وبالتالي انعكاسها على المبيعات "ستكون بعيدة المنال" في ظل فرض ضريبة الدخل وفي ظل ارتفاع تكلفة الاقراض الناجم أيضا عن أخذ الحكومة حصة كبيرة من السيولة المتوفرة لدى البنوك حيث تشير الموازنة الى توجه الحكومة إلى الاقتراض الداخلي بحجم حوالي 5 مليار دينار ما يقلل من حصة القطاع الخاص في الاقتراض، وبالتالي التوسع ويزيد من تكاليف الاقتراض على القطاع الخاص.
ويضيف زوانة بأنّ هذا كله، وبحكم أن المؤشرات الاقتصادية مترابطة، سيؤدي الى تواضع ارقام النمو الاقتصادي وعدم تحقيق المعدلات المرجوّة من الضرائب غير المباشرة.
ولفت زوانة الى أنّه في الوقت الذي أشارت فيه الحكومة الى تحويل موازنات29 هيئة مستقلة الى الموازنة العامة فإنها ابقت على هذه الهيئات ضمن موازنة الهيئات الحكومية.
وأشار زوانة إلى "ضعف بينة الانفاق الرأسمالي" حيث أنّ معظم الانفاق الرأسمالي في الموازنة ذهب الى المشاريع المستمرة وقيد التنفيذ فيما لم يخصص سوى 267 مليون دينار لمشاريع رأسمالية جديدة.
الخبير الاقتصادي محمد البشير يرى أن الحكومة كانت متفائلة في تحقيق الإيرادات الضريبية المتوقعة سواء من الدخل أو المبيعات "فهو يرى بأنّ هذه الأرقام لا يمكن أن تتحقق في ظل "الانكماش الاقتصادي" الحاصل منذ أعوام والذي سيزيد مع ارتفاع ضريبة الدخل والأرباح.
ويوضح البشير أن الانكماش الاقتصادي يعني مزيدا من تراجع التحصيلات الضريبية كما حصل في 2017 حيث تراجعت هذه التحصيلات بحوالي 700 مليون دينار، مشيرا الى أنّ الانكماش الحاصل حاليا سببه تراجع في القوى الاستهلاكية والاعتماد على الاستيراد، وتوقف بعض خطوط الانتاج "تراجع القدرة الانتاجية".
وأكد أنّ الموازنة الحالية اعتمدت على ظروف مشابهة للسابقة فلا يمكن أن يتم تحقيق مؤشرات إيجابية.