فوضى الإشاعات في غياب المعلومات

تحرك مؤسسة الغذاء والدواء لإغلاق وإنذار الكثير من المطاعم والمصانع والمستودعات الغذائية وخاصة تلك المتعلقة بالوجبات السريعة هو أمر مطلوب في دولة تحرص على حماية المستهلك من تناول أغذية ومواد غير صالحة للاستهلاك البشري أو مخالفة للمواصفات أو مسببة للأمراض والمشاكل الصحية. مثل هذا التحرك يجب أن يتضمن ايضا الحرص على كشف المعلومات الصحيحة والموثقة حتى لا يتم ترك الساحة نهبا للشائعات.

نعرف تماما حساسية الموقفن وأن هنالك مصالح تجارية بملايين الدنانير وحقوق وكالات لشركات عالمية وسمعة يجب الحفاظ عليها، ولكن في نهاية الأمر فإن مسؤولية مؤسسة الغذاء والدواء هي أمام الرأي العام وليس الشركات ولا بد من صدور بيان واضح يحدد حجم المخالفات ومواقع تواجدها والإرشادات الطلوبة للمواطنين حتى لا يقعوا ضحية الإشاعات التي قد تنتج عن غياب المعلومة أو حتى تصفية حسابات تجارية.

في الأيام الأخيرة تناقل المواطنون عبر وسائل الإعلام الإلكترونية والفيسبوك وغيرها من أدوات الاتصال معلومات حول اسماء المطاعم والشركات التي تم إغلاقها. الأخبار اشتركت في بعض الأسماء ولكنها اختلفت في أسماء اخرى، وقامت بعض المطاعم بإصدار ردود توضيحية بأنها لم تتعرض للإغلاق أو المخالفة. بعض هذه الأخبار “اختلقت” ايضا بيانا صادرا عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء يتضمن اسماء بعض المواقع والقول بأن هنالك “حالة استنفار لدى المؤسسة العامة للغذاء والدواء في المحافظات والعاصمة لوجود مواد سامة ومسرطنة داخل العديد من المطاعم السياحية والمشاغل الغذائية”. هذا النص لا يمكن أن يصدر عن اية مؤسسة عامة بهذه الطريقة العمومية والفجة، ولكن الضرر حدث.

موقع المؤسسة على الإنترنت غايب طوشة ولا يتضمن أية بيانات أو معلومات بينما كافة المواقع الإخبارية تنسب للمؤسسة تفاصيل حول المطاعم والمواقع، ولا يمكن لأحد أن يعرف فيما إذا كانت المعلومات صحيحة إلا إذا جال بنفسه على هذه المطاعم وتأكد منها. وفي مجتمع مثل مجتمعنا حيث تلوك الألسن كافة الشائعات وتضاعف من تفاصيلها فإن إضافة أي اسم لمطعم من قبل اي محرر في موقع الكتروني سيعني تشويها للسمعة وربما خسارة مادية كبيرة وخاصة في موسم رمضان المبارك. 

يتحمل الطرفان المسؤولية في انتشار الشائعات. الجهة الرسمية التي تمتنع عن نشر المعلومات الكاملة، ووسائل الإعلام التي تلجأ إلى التهويل والمبالغات بدون التأكد من المعلومات، والمواطن يقع فريسة الشائعات بدون أن يكون قادرا على التأكد من المعلومة الصحيحة. هذا طبعا لا يقتصر فقط على إغلاق المطاعم بل على كافة القضايا في الأردن بداية من مكافحة الفساد مرورا بالإصلاح السياسي وانتهاء بتفاصيل الإدارة العامة للمؤسسات. 

عندما تكون هنالك جهة رسمية تستطيع أن تخرج بشجاعة لتوضح المعلومات الصحيحة والمدعمة بالوثائق سوف تنتهي فوضى الإشاعات ولكننا لا نزال بعيدين عن هذه التقاليد الديمقراطية.