أزمة السير والمزيد من المعاناة
زادت مؤخراً حدة أزمة السير في أنحاء عمان الكبرى وحتى المدن الاخرى من المملكة وتصاعدت الامور خلال العطل والى ساعات متأخرة من الليل عدا عن ساعات الازدحام الصباحية وعند الظهيرة وقبيل المساء .
الملفت للنظر ان ساعات الازمة امتدت الى كل الاوقات وايام الاسبوع وفي جميع الطرقات دون امكانية التوصل الى موعد معين لتلافي الازمة والخروج من عنق الزجاجة المرورية والشعور بالراحة وهدوء الاعصاب .
ظروف ومعطيات كثيرة وعديدة تجتمع معا لتشكل عناصر الازمة المرورية والسؤال المتكرر : اين يكمن الحل وكيف يمكن التخطيط المستقبلي لحال السير بعد سنوات معينة ؟ وهل يمكن التعاون معا لحل الازمة المرورية والتي هي محصلة ونتيجة إجتماعية قبل ان تكون معضلة هندسية ؟
تحتاج الازمة المرورية الى تشخيص شامل لطبيعة الازمة من النواحي الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لتفسير العديد من الاخطاء والجرائم نتيجة عدم التقيد بنظام السير والالتزام الواعي باخلاقيات السير ؛ فالذي يحدث على الطرقات حري بالدراسة والبحث الاجتماعي والتربوي اضافة الى الدراسة الهندسية والفنية لحل الازمات المرورية بشكل مناسب على المدى القصير والمتوسط والبعيد ومشاركة الجميع في طرح البدائل المناسبة من عدة زوايا واجتهادات تلبي حاجة المجتمع للعيش بهدوء وسلام وأمان .
خلال فترة حرجة ومع ساعات أزمة مرورية تابعت عن كثب حالة طارئة لحادث وسط الازمة، حصل الامر الصعب ؛ حالة مرضية وارتال من السيارات والشاحنات تشكل الازمة وتمنع سيارة الاسعاف من الوصول الى موقع الحادث وكذلك دراجة شرطي السير او حتى أي تدخل لاجراء ما يلزم من اسعاف ونجدة، فهل نتخيل حالات مشابهة وهل نتصور عدم وجود خط طوارىء لمثل تلك الحالات على الطرقات، بل نتصور الوضع في حالات أصعب ؟
اسئلة مريرة تطرحها الازمة المرورية وتلقي بالمسؤولية على جميع من يستخدم المركبات ويمارس السواقة على الطرقات ومنها : هل هنالك توافق وتناسب بين الكم الهائل من عدد السيارات والمركبات على الطرق وعدد المستخدمين ؟ وهل يمكن ان تعترف فئة ممن لا يتقنون القيادة بان عليهم ترك المجال لغيرهم ؟ وهل يمكن سحب رخص من يرتكب أخطاء واضحة من عدم اعطاء الاولوية والتجاوز الخاطىء وقطع الاشارة الحمراء وتجاوز حدود السرعة وقائمة طويلة من المخالفات المدمرة ؟
على الرغم من الجهود الحثيثة لحل المشاكل المرورية الا ان تزايد الازمات بحدة يجعل الامور صعبة ومعقدة امام تحديات الانفاق والجسور وممرات المشاه ومع البدائل المتاحة لحل الازمات المرورية والتفكير في حلول عملية مثل السكك الحديدية والانفاق والطرق باتجاه واحد والتخفيف من اشارات المرور والمطبات وقائمة من امنيات السلامة على الطرق .
مع معاناة الوصول من شارع الى آخر ومن موقع الى آخر واستغراق ساعة كاملة للخروج من منطقة الى اخرى في عمان، هل نتصور حجم الضرر النفسي والمادي والمعنوي جراء البقاء في السجن المتحرك طوال رحلة المعاناة ؟
لا نستطيع القاء اللوم على هيئة تنظيم النقل العام وإدارة السير وأمانة عمان ومؤسسات الخدمات العامة، ولكن ثمة مسؤولية أخلاقية بل أزمة حقيقية في الشارع العام وسلسلة من الاعتداء على فسحة الامل بعيداُ عن ضجيج المركبات الزائدة عن الحد الطبيعي بشكل كبير .
أزمة السير الى تزايد والى تفاقم خصوصا الانماط الجديدة في قيادة المركبات وتبعيات الازدحامات المرورية واساليب المعالجة واشكال الاستعجال والتوتر ونفاد الصبر والمشاحنة والتذمر والضيق، فهل من سبيل لتخفيف تلك الحدة ؟
اعتقد ان نجاحنا في تخفيف حدة الازمة المرورية يعني نجاحنا في امور حياتية اخرى ومنها الاقلاع عن التدخين والتقليل من استعمال الخلوي والتجاوز الخاطىء وامور كثيرة اخرى يمكن التحلي بها عند تسلم امانة مقود القيادة .
أزمة السير مؤشر حقيقي ومحك صريح لكشف سير إتجاهنا في هذه الحياة ومشوارنا نحو المستقبل وسبيلنا تجاه التقدم والتحضر والاهم ؛ القيادة بسلام وأمان ونجاة، فهل تزيد الازمة من قبولنا للتحدي والتغيير ؟ ..... فعلا انها قصة كل يوم ومدخل لعلاج العديد من مشاكلنا اليومية ان استطعنا التغلب على الازمة المرورية ! .