خبراء: ترك القطاع الصناعي دون بديل عن برنامج إعفاء الصادرات يُدخله في نفق مظلم
بعد أقل من شهرين سينتهي العمل ببرنامج إعفاء أرباح الصادرات الصناعية من ضريبة الدخل وسيدخل القطاع الصناعي نفقا مظلما لا تبدو نهايته قريبة، كما يرى خبراء.
ورغم ما تعانيه الصناعة، كما باقي القطاعات في الأردن، إلا أن الحكومة سوف تفرض ضريبة على أرباح الصادرات دون وجود برنامج بديل والسبب في ذلك ليس الحاجة للإيرادات أو وجود فائض مالي لدى القطاع الصناعي بل لأن صندوق النقد الدولي يريد ذلك.
ويحذر خبراء من عدم وجود بديل عن برنامج إعفاء الصادرات لأن عمليات التصنيع سوف تتقلص بسبب زيادة الأعباء المالية ولذلك سوف يصبح الاقتصاد أكثر خمولا وسيفقد المنتج المحلي ميزة المنافسة خارجيا وهو بأمس الحاجة لها.
ويشدد هؤلاء على ضرورة التزام الحكومة بقراراتها السابقة بمنح إعفاءات ضريبية جزئية للصناعة الوطنية بنسب تصل الى 70 % ضمن مشروع قانون ضريبة الدخل مشيرين إلى أن العديد من الدول تقدم اعفاءات وحوافز ضريبية لصادراتها بهدف تعزيز تواجد منتجاتها في الأسواق الخارجية.
وكانت الحكومة السابقة قررت بعد حوار دام أكثر من عام مع القطاع الصناعي، تقديم إعفاء جزئي للقطاع ضمن مشروع قانون ضريبة الدخل بنسب تصل إلى 70 % من صافي دخل المنشآت الصناعية من ضريبة الدخل كبرنامج بديل عن إعفاء أرباح الصادرات الذي ينتهي العمل به مطلع العام المقبل، غير أن صندوق النقد الدولي رفض إدراج ذلك ضمن مشروع القانون.
وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية د.خير أبو صعيليك إن "عدم إيجاد برنامج بديل عن أرباح الصادرات يلحق الضرر بالقطاع الصناعي حتما".
وأكد أبو صعيليك أهمية إيجاد برنامج بديل عن اعفاء ارباح الصادرات من ضريبة الدخل الذي ينتهي العمل به نهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن العديد من الدول خصوصا مصر وتونس وإثيوبيا تقدم مزايا ضريبية مخفضة لصادرات منتجاتها.
وبين أن اللجنة خاطبت الحكومة بضرورة إعادة التفاوض مع منظمة التجارة العالمية من أجل الحصول على إعفاء جديد لإعفاء أرباح الصادرات الوطنية من ضريبة الدخل.
وأوضح أبو صعيليك أن اللجنة تسعى إلى منح اعفاءات ضريبة للقطاع الصناعي ضمن مشروع قانون ضريبة الدخل ضمن شروط وأسس واضحة.
وحذر رئيس جمعية المصدرين الأردنيين م.عمر أبو وشاح من تراجع الصادرات الوطنية وانكماش الصناعة في حال غياب برنامج بديل وفاعل عن اعفاء ارباح الصادرات من ضريبة الدخل.
وقال أبو وشاح إن "الصادرات الوطنية سوف تفقد ميزتها في الأسواق الخارجية من ناحية التنافس مع نفس المنتجات التي تصدر من دول أخرى الأمر الذي يؤدي الى تراجع الصادرات التي تلعب دورا رئيسيا في تعزيز احتياطي المملكة من العملات الاجنبية".
وأكد رئيس الجمعية أن عدم وجود برنامج بديل لدعم الصادرات الوطنية يؤدي أيضا إلى تقليص عمليات الانتاج والتوسع ما يدفع أصحاب المصانع الى تقليل العمالة لمواجهة ارتفاع الكلف عليهم جراء تراجع التصدير.
وقال إن "الجمعية طالبت خلال الفترة الماضية الحكومة بضرورة ايجاد برنامج واضح وعملي لدعم الصادرات الوطنية قبل انتهاء العمل بالبرنامج الحالي نهاية العام الحالي وذلك تجنبا لزيادة الاعباء المالية وحدوث تراجع في عمليات التصدير".
وقال مدير عام غرفة صناعة عمان د.نائل الحسامي إن "توقف الحديث عن تطبيق برنامج بديل لدعم الصادرات في ضوء انتهاء البرنامج القائم حالياً نهاية العام الحالي من خلال نظام إعفاء أرباح الصادرات من شأنه إضعاف كل الإنجازات".
وأكد الحسامي أن العديد من الشركات الصناعية قامت على أساس تصديري وبهامش ربحي يساعد على استدامتها لا بناء ثروات وأبرزها قطاع صناعة الملابس والمحيكات وقطاع الصناعات الدوائية إذ تعتبر هذه القطاعات قصص نجاح في مجال العمليات التصنيعية واختراق الأسواق وتشغل عشرات الآلاف من العمال الأردنيين وبحجم تصديري يصل إلى أكثر من ملياري دولار أميركي سنويا.
وبين أن هامش الربح في القطاع الصناعي لا يتجاوز 10 %، وفي حال الاستمرار بقرار رفع النسب الضريبية وعدم تطبيق برنامج دعم بديل للصادرات الوطنية فهذا من شأنه هدم القطاع القائم وكل فرص استقطاب استثمارات صناعية أخرى ويصبح هامش الربح على الودائع أعلى من هامش ربح الاستثمار ذا القيم المضافة.
واستعرض الحسامي بعض التجارب الدولية في دعم صادرات بلادها من خلال تقديم حوافز تتمثل بالإعفاء من ضريبة الدخل وتخفيض ضريبة المبيعات وتوفير أراضي مجانية للاستثمار وتصل إلى المساهمة في تكاليف الطاقة واقتطاعات الضمان الاجتماعي للعاملين في شركات التصدير، إضافة إلى حوافز التحضير للتصدير والحصول على الشهادات وحوافز للتسويق والمشاركة بالمعارض الخارجية ودعم الانتشار والتواجد الدولي لمصانعها المحلية كما في التجربة التركية في هذا المجال علاوة على تقديمها حافز نقدي يتمثل بنسبة معينة من إجمالي النشاط التصديري للمنشآت الصناعية التركية.
في حين تقدم تونس حاليا -بحسب الحسامي -حوافز ضريبية تتمثل بإعفاء كامل من ضريبة الدخل للسنوات الأربع الأولى من عمر المشروع المقام حديثا كما خفضت الحكومة التونسية الضريبة المفروضة على الشركات الصغيرة والمتوسطة بواقع 5 %.
كما أشار الحسامي إلى أن تجارب مصر والهند وسنغافورة وماليزيا التي تقدم حوافز مالية من خلال رفع إقتطاعات الدخل الخاضع للضريبة الأمر الذي يخفض الدخل الخاضع، حيث أثبتت التجارب في هذا المجال أن تكلفة فرصة بديلة توفر فرصة أكبر لجذب الاستثمار وعائد اقتصادي ومالي أعلى مقابل كل دينار ستفقده الخزينة نتيجة هذه الحوافز، الأمر الذي يساعد أيضاً على تخفيض هامش معدل الضريبة الفعلي (Marginal Effective Tax Rate) ورفع معدل الالتزام الضريبي للشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة مقدار الأرباح بعد الضريبة المتاحة لإعادة الاستثمار في الشركة، مما يقلل من تكاليف التمويل ويزيد من التدفق النقدي؛ ويجعلها أكثر جاذبية للاستثمار.
وأكد الحسامي ضرورة إطلاع المعنيين على التجارب الدولية في مجال دعم القطاعات الإنتاجية ذات القيم المضافة العالية سواء من خلال الحوافز الضريبية أو الحوافز العكسية من خلال مختلف أشكال الدعومات.
وشدد على ضرورة إطلاق البرنامج الوطني البديل لدعم الصادرات الذي أخذ وقتاً طويلاً من النقاش والحوار العام الماضي وصولاً إلى إقراره من قبل مجلس الوزراء السابق، إلا أنه لم ير النور لغاية اللحظة.
يشار إلى أن القطاع الصناعي يسهم بحوالي 24.7% من الناتج المحلي الإجمالي ويوظف أكثر من 175 ألف عامل، فيما تسهم الصادرات الصناعية بأكثر من 90 % من مجمل الصادرات الوطنية بقيمة تصل إلى 4.3 مليار دينار سنويا.