جريمة البحر الميت .. من المسؤول يا رزاز !
ليلة دامية مزقت قلوبنا ، وأسالت دموعنا قهرا على أطفال ومواطنين ذهبوا ضحية فساد واستهتار مشترك وقع فيه متنفذون في وزاراتنا و أجهزتنا الحكومية ، و أطعمت الوطن والشعب مر الحنظلى أسى على أرواح بريئة صعدت الى بارئها شاكية فساد المفسدين و استهتار المستهترين.
وعقب الحادثة ، وكعادتهم دوما توجه كل مسؤول برفقة الكاميرات التلميعية ، مستعرضا عضلاته ، في محاولة لتضليل الشعب و تبرئة نفسه عن مسؤولية ما جرى ، وإمعانا بالجرم رموا كرة المسؤولية على جهات ليس لها علاقة بما جرى .
رئيس الوزراء عمر الرزاز ، وزارة التربية والتعليم ، وزارة الأشغال العامة ، وزارة السياحة ، المقاولون المنفذون ، وأجهزة الدولة التنفيذية ، هؤلاء جميعا مارسوا جميعا شتى محاولات تلميع أنفسهم ، إلا أن الفيديوهات المتداولة والموثقة ، وشهادات من عاينوا الحادثة ، أثبتوا كذبهم ، وعروا سوءة تضليلهم.
البداية في وزارة التربية والتعليم ، والتي ضلل وزيرها الرأي العام بإدعائه أن المدرسة خالفت اتجاه الرحلة الذي تقدمت به رسميا ، و من منطلق كشف الحقيقة ، فإن المدرسة وبموجب الكتب التي سنعيد نشرها هنا ، تقدمت بطلب الموافقة على إقامة تلك الرحلة في منطقة زرقاء ماعين ، والتي يعلم كل مواطن أردني أنها تقع في البحر الميت ، وقبل شلالات المياه الساخنة بمسافة 3 كم ، إلا أن الوزارة ردت بالموافقة على إقامة الرحلة في منطقة الأزرق المعروفة شرقي الأردن ، بمعنى أن موظفي الوزارة التي تتولى قطاع التعليم لا يستطيعون التمييز بين منطقة عين الزرقاء بالبحر الميت ، و الأزرق شرقي الأردن ، وتلك طامة كبرى يا وزير التربية والتعليم .
من ناحية أخرى ، جميع محطات الأرصاد العالمية ، وكذلك مواقع الرصد الجوي المحلية ، حذرت منذ أسبوع عن حالة عدم الاستقرار الجوي التي اجتاحت المملكة أمس ، أيعقل يا وزير التربية أن وزارتك لم تسمع بذلك ، وبالتالي تبادر بإلغاء قرارها الصادر بالسماح لإقامة الرحلات المدرسية بهذا الوقت من الزمان ؟ سيما أن وزارتك تعلم علم اليقين تقلب أحوال الطقس في مملكتنا بهذا الوقت .
إذن الأمر جليّ واضح أن وزارة التربية عليها مسؤولية أخلاقية وقانونية مباشرة لا يمكنها التنصل منها ، وعلى حكومة الرزاز تقديم المسؤولين بوزارة التربية وعلى رأسهم الوزير الى التحقيق بموجب الكتب المنشورة .
و المؤسف حقا أنك يا رئيس الوزراء عمر الرزاز انسقت وراء معلومة مضللة من وزيرك محافظة دون مجرد أدنى تثبت ، وصرحت بتلك المعلومة ، وزادت الطين بلة ، فضللت و ضلّلت ، و حسبتم أنكم خالوا المسؤولية .
أما وزارة الأشغال العامة والإسكان ، فلا ندري كيف لوزيرها الحالي يخرج بتصريحات صباح الجمعة ، يقول فيها أن ما وجدناه قليل من الطين والتراب ، وسنعمل على ازالته ، وكأن وزارة الأشغال التي أشرفت على بناء الجسر مكمن الكارثة لم تمرر من تحت الطاولة ، الفساد الذي استشرى خلال أعمال تنفيذه ، وكأن اللجنة التي تسلمت الجسر ليست منها ، وكأن عمودا واحدا يحمل الجسر الذي تمر من فوقه مركبات ثقيلة و آليات تحمل مئات الأطنان قادر على التحمل ، أو أن هذا الجسر وبحسب مهندسين حذروا الوزارة ، يستطيع أن يصمد أمام حجارة و سيول تهبط من ارتفاع 1200 متر وبسرعات عالية ، و بالتالي انهارت عبّارة المياه التي تحته وجرى ما جرى .
إذن إن كنت يا رزاز شجاعا ، فهاهو وزير الأشغال السابق والحالي ولجنة الاستلام ، أمامك قدمهم الى المحاسبة ، وليحالوا أمام القضاء لينظر فيهم ، ويقول كلمته الفصل انصافا لأرواح الطلبة والمواطنين .
هذه المعطيات أمامك يا رزاز ، وهذه الجهات المسؤولة أمام الجميع ، فلتتقدم بقرار شجاع جرئ بإحالة كل هؤلاء الى التحقيق ، وإحالة الكوادر التنفيذية التي تأخرت بالقدوم الى الموقع ، حيث وصلت في تمام الساعة السادسة مساء علما أن الحادثة وقعت في تمام الثانية ظهرا ، وبشهادات من عاينوا الحادثة عبر الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل ، و إلا فلتستقل حكومتك كلها وأنت على رأسهم .