وترجل الفارس
وترجل الفارس عن صهوة جواده بعد ان اتعبه القتال في ساحات الوغى ، وانطلقت الفئران من جحورها مرحبة ومهللة ، وانطلقت الغربان تنعق وتصم الاجواء بنشيزها .. نعم خرج معالي الوزير الطويسي من وزارة التعليم العالي لكن الارث الذي تركه سيبقي اسمه محفورا في السجلات التاريخية لهذه المؤسسة والوطن ككل ، فما قام به في الفترة التي تولى فيها دفة الوزارة امر يقارب المستحيل ، استلم الدفة وهو مصمم على التغيير وانتشال مؤسسات التعليم العالي من الضعف والخلل الذي اعتراها نتيجة سياسات نابعة من استغلال شخصي ومنافع ذاتوية بعيدا عن مصالح المؤسسات ومسيرة التعليم العالي ككل ، ويكفي الوزير فخرا انه اول من دق ناقوس الخطر ، ولم يلعن الظلام ووقف صامتا ازاء ذلك ، بل شمر عن ذراعيه وبدأ العمل فورا ، نقل الوزارة نقلات نوعية على طريق المأسسة والشفافية ، لكنه وفي طريق الاصلاح الذي قرر خوضه بلا هوادة وجد خللا وصل الى رؤوس مؤسسات التعليم العالي، فكر مليا فمواجهة هذا الامر ليس هينا والتغيير صعب ومن يحمي هؤلاء ليسوا بالقلة ولا تنقصهم القوة ، امتشق حسام التغيير والاصلاح وجهز نفسه لمعركة مضنية خاضها بكل بأس وبلا هوادة ، ورغم جميع المعوقات وقوى الشد العكسي والحرب العلنية عليه استطاع بشجاعته وايمانه ان الحق نصيره ان يصل الى انجاز تاريخي ، ليس اقله ان انهى خدمات ثلاثة من رؤساء الجامعات فهذا الامر على اهميته يبقى في اطار زمني ولشخوص فقط ، بل انه استطاع بلوغ هدف عظيم ان يضع الية لتقيم رؤساء الجامعات دوريا واقر نظاما لذلك ، بعد ان كان رئيس الجامعة يعمل دون حسيب او رقيب فاذا وصل الامر الى ضعاف النفوس عاثوا بالمؤسسة التعليمة فسادا وكأنها مزارع خاصة والشواهد كثيرة على هذا .
من الطبيعي ان هذه الاجراءات لم تعجب بعضهم ، فالمصالح توقفت ، وشلة الفساد حوصرت ، والمخالفات ستفتح عاجلا ام اجلا ، فكانت الشماتة كبيرة بخروج الوزير من بعض اولئك الذين يصنفهم البعض – وللأسف - بقادة المجتمع والرأي العام .
واسكات اولئك سهل جدا ، فيكفي ان اشير الى ان القضاء ايد اجراءات الوزير بإنهاء خدمات بعض رؤساء الجامعات الذين ثبت انهم ارتكبوا مخالفات جسيمة ، وربما كان خطأ الوزير انه لم يحولهم للقضاء لينالوا جزاء ما اقترفوا نبلا منه وترفعا ، ويكفي ان اشير الى ان الوزارة على عهد معالي الطويسي نالت جائزة الملك عبد الله الثاني للتميز الاداء الحكومي والشفافية بالإضافة الى ختم التمييز في الفئتين الرئيسية والتحول الإلكتروني فيكفيه فخرا ان يحمل مثل هذه الجائزة باسم سيد البلاد .
والله ان الالم ليعتصرني كما يعتصر اي شريف في هذا الوطن على خروج قامة بحجم الوزير الطويسي وليس مرد ذلك انتهاء ولايته فهذه طبيعة الامور ولو دام المنصب لإنسان لما آل لغيره ، لكن فتح باب الشماتة على مصراعيه وعدم تروي دولة رئيس الوزراء في ذلك مؤلم حقا ، فدولته لم يعش فترة انهاء خدمات رؤساء الجامعات وما صاحبها من لغط وجدل ، وحبذا لو ان دولته اطلع على انجازات الوزارة وتذكر ما حملته من جوائز وانجازات لعرف حجم العمل المنجز ، وليته طلب تقييم للجان رؤساء الجامعات واطلع عليها لادرك ما وراء الحملة على الوزير الطويسي ، ولعل اكبر مثال على ذلك تلك القائمة الخاصة بقبولات بعض الطلاب التي اتخذت قميص عثمان للنيل من الوزراء ، والغريب ان من يقف وراء هذه الحملات ويكيل الانتقادات ممن شغل منصب رئاسة الجامعة ووزارة التعليم العالي كان قد امضى عددا من مثل تلك القائمة .
لم يخسر معالي الوزير الطويسي فهو جندي من جنود الوطن يخدمه أيا كان مكانه ، لكننا خسرنا رجلا بألف رجل قاد مسيرة التعليم العالي نحو الافضل والمستقبل كفيل بإظهار ذلك .
كل امنياتي بالتوفيق للوزير الجديد على امل ان يسير على خطى الدكتور الطويسي في خدمة مسيرة التعليم العالي والوطن.
حمى الله هذا الوطن في ظل صاحب الجلالة الملك المعظم