تحديات في عالم الريادة تطيل الطريق إلى النجاح

بينما يقبل شباب أردنيون على عالم الريادة بشغف ويحقق العديد منهم نجاحات مميزة إلا أن رياديين خاضوا غمار التجربة يؤكدون أن هذا الطريق قد يكون مليئا بالمصاعب والتحديات.
فإنشاء المشاريع الريادية في الأردن ليس سهلا وسريع النتائج وليس وسيلة للثراء السريع كما يأمل البعض دون مواجهة عوائق تتطلب عملا دؤوبا لسنوات.
ورغم ما وصلت إليه بيئة ريادة الأعمال في المملكة من تقدم إلا أن رياديين وخبراء يؤكدون أن عوائق وحواجز ما زالت قائمة في وجه انشاء أو تطوير مشاريعهم الريادية مطالبين الجهات المعنية لا سيما الحكومة بالوقوف على هذه التحديات وحلها بالتنسيق مع المعنيين في القطاع.
وتنوعت وتعددت التحديات   بين تحديات تواجه الريادي في مرحلة التأسيس واخرى في مرحلة النمو والتوسع، كما توزعت هذه التحديات بين مواضيع التمويل والاستثمار والموارد البشرية والقدرة إلى الوصول إلى الأسواق والارشاد والتوجيه والتشريعات الحكومية والضرائب.
وتقول الريادية الأردنية ، الشريك المؤسس في شركة " مسموع" الناشئة آلاء سليمان إن من أبرز التحديات التي تواجه الرياديين في الأردن هي صغر حجم السوق المحلية وضعف القيمة الشرائية فيه مما يصعب تطبيق الأفكار الريادية أو اختبارها بكفاءة.
وترى سليمان في القوانين والتشريعات الحكومية، تحديا آخر حيث فرض العديد من الرسوم والضرائب، مشيرة ايضا إلى الفجوة التكنولوجية بين موظفي الحكومة والأفكار الريادية الناشئة.
شركة " مسموع" تعمل على إنتاج ونشر الكتب العربية الصوتية بجودة عالية ومقاييس عالمية، ويبلغ عمرها 7 سنوات، ومن خبرتها خلال هذه الفترة ترى سليمان أن هناك تحديات اخرى تتمثل في قلة التمويل والاستثمار، وضعف المواصلات العامة، مما يجعل صعوبة التنقل وأزمة السير التي تأخر سير العمل وتهدر الكثير من الأوقات، فضلا عن غلاء أجور التوصيل والشحن، مما يجعل أسعار المنتجات وترويجها أكثر صعوبة وضعف في إقبال الزبائن.
كما أشارت سليمان إلى تحدي قلة الموظفين أصحاب الكفاءة المناسبين للعمل وارتفاع الأجور لذوي الخبرة.
ويرى الريادي الأردني محمد ظاظا المؤسس والمدير التنفيذي لشركة washbox لخدمات الدراي كلين من خلال تطبيق ذكي يقول من واقع تجربته في انشاء مشروعه الذي انطلق بداية العام 2017 إن "التمويل وجذب الاستثمار هو تحد كبير للشركة الريادية الأردنية وخصوصا في مرحلة النمو والتوسع".
ويضيف ظاظا أن الريادي الذي لا يملك خبرة تقنية سيواجه ايضا مشاكل وتحديات تتعلق ببناء وتطوير تطبيقه بالشكل المثالي مع عدم التزام كثير من المطورين المستقلين بتقديم العمل بالشكل المطلوب، ومطالبتهم بأسعار مرتفعة لقاء عملهم.
ويقول ظاظا "الضرائب والرسوم المفروضة في السوق الأردني لا تفرق بين شركات كبيرة وريادية، مطالبا بتقديم إعفاءات وتسهيلات من قبل الحكومة لتشجيع الشركات الناشئة ومساعدتها وخصوصا في بدايات التأسيس".
وأكدت أهمية ما تساهم به الشركات الناشئة في الاقتصاد والتوظيف إذ يوظف مشروعه اليوم فرص عمل لـ14 شابا أردنيا.
مجلس قادة الشركات الناشئة – الذي يمثل الشركات الريادية العاملة في التقنية – قام مؤخرا بجمع ملاحظات من شركات ريادية حول التحديات التي تواجهها في بيئة ريادة الأعمال الأردنية وكان أهمها الحصول على التمويل اللازم ولجميع مراحل نمو المشروع
وطول فترة الحصول على التمويل من قبل الصناديق الاستثمارية والبنوك، وعمليات فتح الحسابات البنكية وخاصة في حالة وجود مستثمرين أجانب، كما شملت التحديات : عمليات تشجيع الاستثمار والتغير المستمر باللوائح المتعلقة بالبيئة الاستثمارية، وتحديات سوق العمل المتمثلة بالموظفين وكلفهم، نقص الخبرات بالتكنولوجيا الجديدة والمستقبلية، وتدني نسبة الكفاءات لدى الخريجين الجدد، وعدم استقرار القوانين، وتحديات لها علاقة بالجمارك، وتضمنت التحديات : عملية تسجيل الشركات وهيكلها القانوني، والضمان الاجتماعي وكلفه العالية بالنسبة للشركات الرائدة، وعدم وجود بوابة لتواصل الشركات الرائدة مع بعضها البعض ومع جميع الأطراف التي تعنى بالريادة، وتحديات التسويق، والمنافسة مع الافراد الذين يقدمون خدماتهم بشكل مستقل، والإيجارات المرتفعة، وعدم توفر معلومات وابحاث ضرورية عن الأسواق، ومشاكل تتعلق بعملية التحقق من المنتج
المدير التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات " انتاج" المهندس نضال البيطار يرى بان بيئة ريادة الاعمال بشكل عام هي في تقدم مستمر لكن ما يزال هناك العديد من التحديات تواجه الشركات.
ويقول البيطار بان التحدي المالي في بيئة الريادة انحسر وتقلص بتعدد الجهات وصناديق التمويل التي تساعد الشركات.
ويضيف البيطار أن الريادي إذا امتلك فكرة جيدة وفريق عمل مؤهل فالتمويل لن يكون تحديا رئيسيا له.
وأشار في الوقت نفسه إلى أنه مع تعدد مصادر التمويل فما يهمنا ايضا ان يكون هناك مرونة لدى هذه المصادر في تقديم هذا التمويل والبناء عليه في تقديم خدمات مرافقة للريادي حتى يتمكن من تحويل فكرته إلى مشروع انتاجي.
بيد أن البيطار سلط الضوء على تحديات مثل : تحدي الوصول إلى الأسواق الخارجية وهو التحدي الذي يمكن أن تلعب الحكومة دورا في معالجته.
وأشار إلى تحد آخر يتمثل في وجود شبكة من المرشدين المحترفين الذين يمكن ان يوجهوا الريادي بالشكل الصحيح والمثالي وهو دور بدأت جمعية انتاج بمعالجته منذ فترة.
وقال " ايجاد الشركة الريادية للموارد البشرية المتخصصة والمؤهلة يمثل ايضا تحديا كبيرا لدى كثير من الشركات الناشئة".
من جانبه، قال المدير التنفيذي للقطاع التكنولوجي في مؤسسة مجتمع المهندسين الدولي محمد الهياجنة إن "نضج بيئة ريادة الأعمال لا يقاس بعدد الشركات الناشئة ولكنه يتجسد بتحول الريادة إلى منظومة متكاملة يتعاون فيها الجميع".
وبين الهياجنة أن توجه الشباب لتقليد أفكار الغرب واعتباره ابداعا هو تحد كبير، فضلا عن تحديات تتعلق بالمستثمرين وطريقة استثمارهم.
ويرى الهياجنة أن من ابرز التحديات هو تركز دعم الريادة في العاصمة عمان ومراكز بعض المحافظات ليغيب الدعم عن شباب المحافظات.
وأكد أن من التحديات هو عدم وجود قوانين واضحة للشركات الريادية وبيئة الريادة.
وقال الريادي إبراهيم القرالة مؤسس مشروع السحابة التقنية ويعمل من الكرك إن "بيئة ريادة الأعمال في الأردن بحاجة إلى الكثير من العمل لتصل إلى مرحلة النضوج الفعلي" مشيرا إلى أن أبرز تحديات هذه البيئة هو تركز حاضنات ومسرعات الأعمال في المدن الكبرى "إربد وعمان" الأمر الذي سبب فجوة كبيرة بين المخرجات الريادية بين المحافظات والمدن الكبرى.
وأشار القرالة إلى أن من التحديات عدم الاتفاق والتنسيق على رؤية وطنية تتعامل مع الريادة ومجالاتها والاهداف المرجوة منها وتوحيد جهود الجهات الراعية لريادة الأعمال وصناديق التمويل لتوجيه الدعم إلى من يستحق من الشركات الريادية في جميع محافظات المملكة.
وقال إن من التحديات ايضا وجود عوائق واضحة في البنية التشريعية للمشاريع الريادية أمام العديد من رواد الأعمال لتحويل افكارهم إلى مشاريع على ارض الواقع ، مع وجود متطلبات معقدة للحصول على التمويل لرواد الأعمال خصوصا للمشاريع الناشئة من ضمانات عالية ونسب فوائد مرتفعة الأمر الذي تسبب في بقاء العديد من المشاريع بمرحلة الأفكار أو النموذج الأولي غير القابلة للتوسع.