دمنا الذي في سورية!

لا نتعامل مع تداعيات الأزمة الحاصلة في سورية بمنطق مشجعي كرة القدم فننحاز لهذا أو ذاك ونحن نجلس على فراش وثير وأمامنا شاشة فسيحة والكثير من المرطبات والعصائر على الطاولة.. نحن نتحدث عن مستقبلنا في المنطقة وطبيعة الإطراف الداخلة والمتآمرة ومآل المنطقة التي تتشكل الآن على وقع الصراع الدائر بين الأطراف.
كما أننا لسنا في صالة قمار لنضع «صلدنا» على رقم فإما أن نربح أو نخسر متمنين الربح الوفير فحين نتخذ موقفا ونقف إلى جانب فريق فإننا ننحاز إلى قراءة في الصراع بصرف النظر أكان هذا الفريق الذي ننحاز إليه سيظفر في نهاية المطاف أم لا، فقصتنا مع القوى الكبرى وأطماعها في بلادنا ليست لعبة نتسلى بها ونسأل نهاية اليوم من سجل أهدافا أكثر: المعارضة أم الحكم، فالأهداف إن سجلت فهي في مرمانا والدم الذي يسيل بفعل العمليات الإرهابية هي دمائنا.
هناك من لا يتقن غير الاستجمار حتى وان كان على ضفاف بحيرة وهذه الثقافة يراد لها أن تتسيد المشهد حتى في دمشق عاصمة الامبرطورية العربية، وبدلا من بناء اقتصاد حديث وفن راق والمشاركة في الحضارة الإنسانية، يراد لنا أن نختلف على أي الأقدام أولى أن تدخل الحمام أولا أهي اليسار أم اليمين.
لا ننظر إلى نتائج الصراع حين تخوضه شعوبنا فالقصة ليست رهانا بين طرفين وتنتهي القصة، فالساحة هي أجسادنا والدم دمنا وطرف في الصراع استكثر علينا الدولة الوطنية المنقوصة أصلا فأراد لنا الاختيار إما دولة القبيلة أو دولة الطائفة.
ليت إبراهيم هنانو وليت صالح العلي وليت سلطان الأطرش يستفيقون ليروا كيف يذهب الأحفاد بعكس اتجاه الزمن فيقسمون الوطن الذي كان مقسما من قبل.
يراد أن تكون سورية ليس فقط أربع دول بل يراد لها أن تكون فسيفساء من الدويلات الطائفية ولا باس أن تكون هناك ما يسمى سورية الداخلية وسوريات كثر على الساحل فعصر الامتيازات الأجنبية أيام الرجل العثماني المريض يبدو أنها قد عادت والحزب الذي أسسته القنصلية البريطانية في الإسماعيلية عام 28 من القرن الفائت على غرار الأخويات الأوروبية السرية في العصور الوسطى قد جاء دوره.
لا ننتظر بعين مشجعي كرة القدم حين ننظر إلى المشهد الدامي في سورية فالدم دمنا والجسد السوري هو جسدنا.