الخطاب البرلماني الفلسطيني و الصهيونية

لجنة أخلاقيات الكنيست
تشكلت لجنة أخلاقيات الكنيست عام 1983 ،ويدلل العنوان أن الهدف من لجنة الأخلاقيات المحافظة على خطاب الكنيست بهوية صهيونية وإغلاق كافة الخطابات التي تخالف ذلك، حيث ينص قانون الكنيست على الهوية اليهودية ،والحفاظ عليها ،ومما يدلل على ذلك عدد أعضاء الكنيست الذي يعبر عن امتداد الكنيست للقواعد التوراتية التي نصت على وجود مجلس بهذا العدد ،بحيث يوظف الرمز الديني لإحداث تعاطف ديني مع دولة الاحتلال واستمرارها التاريخي .
ولذا تعمل الصهيونية على توظيف استراتيجيات كيفية تحويل الصراع العربي الصهيوني في الداخل الى جماعات أصلانية تسعى للمحافظة على حقوق اقتصادية واجتماعية وحركة مدنية لتطويع النضال الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني .
وعلى الرغم من ذلك فلقد تعرض نواب فلسطينيين من الداخل لإجراءات عقابية من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، فلقد عدل الكنيست عتبة الانتخاب إلى 3،25 لاستبعاد الفلسطينيين والطعن بحق ترشحهم بحجة إنكار يهودية الدولة (الانتخابات الإسرائيلية،2015 (لمحة عامة))، وبعد زيارة أعضاء عرب من الكنيست لعائلات فلسطينية استشهد أبناءها في هجمات صهيونية، تم التقدم بمبادرة تشريعية بقانون لاستبعاد أعضاء الكنيست بأغلبية 90 عضوا من المجلس(خلف الجدار ) חוק ההדחה" "قانون التفريغ أو الفصل أو الإقالة أو قانون حنين الزعبي " والذي طعن به بعدم الدستورية ،إلا أن محكمة العدل العليا صادقت عليه .
واتخذ الكنيست إجراءات برلمانية ضد كل من أحمد الطيبي ومحمد معياري، حيث كانت هناك محاولتان لإزالة حصانتهما البرلمانية، وتعرضت النائبة حنين زعبي لطلبات بعدم ترشحها لمشاركتها بأسطول الحرية وتم إبعادها وزميلها باسل غطاس لمدة أربعة أشهر عن الكنيست مع حفظ حق التصويت (القرار رقم 20/13 تاريخ 8/1/2016) ، إذ قدمت بحقهم(450)شكوى من عدة جهات ومنهم رئيس الوزراء نتنياهو ، مما يدلل على حجم الاندفاع اتجاه اسكات الصوت الفلسطيني البرلماني .
وصدر حكم أخر (החלטה מס' 20/27 )بتاريخ 12/نوفمبر / 2017 ضد باسل غطاس بحرمانه من حقه بحضور مداولات المجلس ولجانه مدة ستة أشهر مع حفظ حقه بالتصويت لإدخاله أجهزة اتصال لمعتقلين في سجون الاحتلال ،على الرغم أن اللجنة لا تصدر حكمًا تأديبيا عن لجنة الاخلاقيات الصهيونية بموضوع قضية جزائية منظور في ساحات المحاكم .
وأُبعد النائب جمال زحالفه لمدة شهرين عن حضور جلسات الكنيست، واتهم النائب العربي الدرزي سعيد نفاع بالتواصل مع عدو أجنبي لزيارته سوريا وحكمت المحكمة الإسرائيلية عليه بالسجن لمدة سنة ، وتعرض النائب عصام مخول لمضايقات برلمانية وسُجن شقيقه مدة تسع سنوات لالتقائه عام 2008 مع مسؤول من حزب الله ،وأصدرت اللجنة القرار رقم 20/53 تاريخ 14/3/2018 ضد حنين الزعبي المتضمن منعها من الاشتراك في مداولات المجلس مع حفظ حقها بالتصويت ،وإن الوقائع المحددة في بعض هذه الأحكام تصدر لذكر عبارات مثل قتل الأطفال والقدس عاصمة فلسطين وذلك لنزع شرعية مقاومة طغيان الاحتلال وخطابه حتى بحجاج هادئ ومتزن أو بيان موقفهم السياسي من قضايا مؤيدة ومعززة بالقانون الدولي .
ويجوز الطعن بالأحكام الصادرة عن لجنة الأخلاقيات لمحكمة العدل العليا ،إذ أن الأحكام التي تصدر عنها نهائية دون عرضها على مجلس الكنيست ، إن الرقابة القضائية على تلك الأحكام تستند للمبدأ القضائي الذي أرساه أهارون باراك والمتضمن بأن كل شيء قابل للتقاضي .
ومن القرارات الصادر عن لجنة الأخلاقيات القرار رقم 20/51 تاريخ 12 أذار /2018، و القرار رقم 20/44 ،والمتضمن توجيه عقوبة التوبيخ لنائب أحمد الطيبي لزيارته للمسجد الأقصى وبشكل يتعارض مع حريته الدينية بناء على الحظر لأسباب أمنية ، وفي سابقة أخرى ضد النائب أحمد الطيبي قدمت شكوى من وزير الأمن العام جلعاد أردان لدخول الطيبي المسجد الأقصى دون تنسيق أمني ،وصدر القرار رقم 44/20تاريخ 17ديسمبر 2017المتضمن عقوبة التوبيخ لإساءته لواجبات العضوية وعدم محافظته على شرف الكنيست وكرامة أعضائه، مما يدلل على أن الأحكام تصدر بتلاعب لغوي قانوني بقصد إقصاء النواب العرب ،وبالنتيجة لا يمكن عزل القوانين الصهيونية عن ادلوجة الاقصاء والاستبداد تجاه النواب العرب في الكنيست (Committee Decisions) .
فالاحتلال يهدف الى وجود أقلية منزوعة عن الهوية الفلسطينية العربية ،وأسرلة الفلسطينيين ،مما يدلل على ذلك اختلاف استرايجيات الاحتلال بمواجهة الشعب الفلسطيني فغزة كيان معادي والقدس عاصمة لدولة الاحتلال والضفة قابلة للقضم تحت الحكم العسكري .

ففي فلسطين المحتلة أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية بتاريخ 10/03/2017 عن نهج الاحتلال العسكري تجاه النواب الفلسطينيين في المجلس التشريعي ،إذ أن عدد أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الأسرى في السجون الإسرائيلية ارتفع إلى (10)إثر اعتقال النائبة سميرة حلايقة من مدينة الخليل في الضفة الغربية.
وأضافت الهيئة في بيان صحافي أن "النواب الفلسطينيين جزء من الاستهداف الإسرائيلي، فهم ليسوا بمعزل عن الاعتقال، فقد أُدخل كثير منهم السجون أكثر من مرة". وأوضحت أن "اعتقال إسرائيل للنواب تصاعد بشكل لافت وخطير منذ منتصف العام 2006، ليصل عدد من اعتقل منهم إلى أكثر من 65 نائبا من ذكور وإناث، يشكلون نحو 50% من إجمالي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 132 نائبًا".
وذكرت أن "غالبية النواب الذين تعرضوا للاعتقال الإسرائيلي أُخضعوا للاعتقال الإداري (بدون تهم أو محاكمة)، لفترات مختلفة، وقليل منهم صدرت بحقهم أحكام بالسجن لفترات متفاوتة، تحت ذرائع وتهم مختلفة".
وأعلنت الهيئة أن النواب المعتقلين تعرضوا مرارا لـ"التنكيل"، أثناء عمليات اعتقالهم واعتبرت أن "عملية اعتقال النواب المنتخبين إجراء سياسي انتقامي مخالف للقانون والعرف الدولي، ويُشكل انتهاكًا فاضحًا لأبسط الأعراف ". حيث لا زالت النائب الفلسطينية خالدة جرار قيد الاعتقال الإداري بدون تهمة ،والنائب مروان البرغوثي الذي سرد تجربته الاعتقالية في مذكراته ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي ، والذي عذب لتسمية ابنه بالقسام ،فجوهر الاحتلال لا يختلف وإن تنوعت أدواته في اسكات الخطاب البرلماني الفلسطيني وتقديم أحكام تشكل رشاوى مجانية للهوية الصهيونية التي تسعى لإلغاء كل ما يمس هوية الشعب الفلسطيني .