خبراء: القطاع الزراعي لن ينهض من دون إرادة سياسية
أكد اقتصاديون وعاملون في القطاع الزراعي، أن القطاع لن ينهض إلا إذا كانت هنالك إرادة سياسية واستراتيجية واضحة تعالج المشكلات التي يعاني منها.
وانتقد هؤلاء سياسات الحكومات المتعاقبة في فرض ضرائب وتخفيض الإعفاءات، بدلا من دعمه وإيجاد حلول لمشاكله.
يأتي هذا في الوقت الذي كان فيه التعداد الزراعي للعام 2017 والمنفذ من قبل دائرة الإحصاءات العامة، قد أشار الى أنّ مساحة الأراضي (الحيازات الزراعية) المستغلة للزراعة أو لتربية الثروة الحيوانية في المملكة بلغت حوالي 2.818 مليون دونم؛ أي ما نسبته 3 % من إجمالي مساحة المملكة البالغ 89.342 مليون دونم (89.342 ألف كم مربع).
وأشار التعداد إلى أن مجموع مساحة الحيازات الزراعية زاد خلال السنوات العشر الماضية بنسبة 7.7 % فقط؛ حيث بلغ 2,818,598 دونماً العام 2017 مقارنةً مع 2,615,076 دونماً العام 2007.
ووفقا للتعداد، فإنّ "الحيازات الزراعية، تعرّف بـ"أنّها قطعة الأرض المستغلّة للزراعة أو تربية الثروة الحيوانية".
رئيسة مجلس ادارة الجمعية العربية لحماية الطبيعة، رزان زعيتر، قالت "إن عدم وجود إرادة سياسية لتطوير الزراعة في الأردن من أهم الأسباب التي تؤدي الى تراجع هذا القطاع عاما بعد عام".
وبينت أن هناك الكثير من الادعاءات حول فشل الزراعة لعدم توفر المياه في الأردن، على أنه من الممكن التوجه الى حلول أخرى مثل زراعة المحاصيل التي لا تحتاج الى الماء، وإدارة الماء بشكل أفضل، إضافة الى التوجه الى تفعيل "الحصاد المائي" الذي يعني حصاد مياه الأمطار من خلال جمع وتخزين وتوزيع الأمطار، وغيرها من الحلول التي يمكن اللجوء لها لحل هذه المشكلة.
ولفتت الى أنّ هناك الكثير من العوامل التي تحبط المزارعين أهمها الضرائب، وعدم تشجيع ما يسمى بالتصنيع الزراعي والمشاريع الزراعية، ولا حتى التسويق الزراعي الذي من شأنه أن يزد التصدير من المواد الزراعية، إضافة الى وجود الزحف العمراني العشوائي على الأراضي الزراعية.
وأشارت الى أن هناك إهمالا للأبحاث الزراعية التي من شأنها أن تبحث في الأسباب وتطرح حلولا لتطوير هذا القطاع وإيجاد بدائل وحلول لمشاكله.
فيما أنّ معظم المساعدات التي تقدم للأردن لا تتوجه لهذا القطاع.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك د.قاسم الحموري، أشار الى أنّ هناك الكثير من العادات التي أسهمت في هجر كثير من المواطنين لمهنة الزراعة عبر السنين وأهمها الوظيفة، ما أدى الى خسارة الأراضي الزراعية.
وأضاف الى الأسباب الامتداد العمراني وعشوائية التنظيم، وتفتت الملكيات.
وحذر الحموري من أنّ استمرار ضعف مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي يهدد الأمن الغذائي للأردن، ويجعل الأردن دائما بحاجة الى المساعدات.
ودعا الحموري الى ضرورة إيجاد استراتيجية وطنية تهتم بالحصاد المائي وتجميع الملكيات والتركيز على تطوير أنواع معينة من الزراعة التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة، وتهدف الى زيادة حصة القطاع الزراعي من الناتج المحلي الإجمالي التي تعد ضعيفة جدا.
وتبلغ مساهمة القطاع الزراعي من الناتج المحلي الإجمالي 3.9 % فقط.
المزارع ونائب رئيس الجمعية الأردنية لمنتجي ومصدري الخضار والفواكه، زهير جويحان، قال "إنّ السياسات الحكومية الأخيرة أسهمت وستسهم في تقليص القطاع الزراعي ودوره في الاقتصاد".
وزاد من مشاكل القطاع -وفق جويحان- إغلاق الحدود مع العراق وسورية الذي انعكس بشكل كبير على المزارعين.
وذكر أن الحكومة قامت بمنع المزارعين من توظيف العمالة الوافدة في الزراعة، وهذا أوجد مشكلة للمزارعين؛ حيث إنّه ليس هناك عمالة محلية كافية للعمل في المزارع، كما قامت بإلغاء الإعفاءات التي كان يحصل عليها القطاع وهذا زاد من تكاليف المزارعين.
وقال "الإنتاج المحلي الذي يصل الى حوالي 2.5 طن من الخضار والفواكه سنويا كفيل بأنّه يغطي الطلب المحلي لا بل من الممكن أن يزيد على ذلك ويصدّر للخارج، إلا أنّ القطاع يحتاج الى دعم ولا يحتاج الى ضغوطات إضافية".
وأشار الى أنّ هذه السياسات من شأنها أن تقلص وتلغي الزراعة في الأردن، واصافا القطاع بأنّه "في العناية المركزة"، ومشيرا الى أن مزارعي وادي الأردن، وتحديدا الأغوار الجنوبية، باتوا يتعرضون مؤخرا الى خسائر.
وكان رئيس الوزراء، عمر الرزاز، قد أكد أول من أمس، خلال محاضرته في الجامعة الأردنية، ضرورة إعادة النظر في بعض الضرائب فيما يخص المدخلات المهمة كقطاع الزراعة، الذي يعد مشغلا أساسيا للمواطنين في المحافظات والأطراف ويسهم في الأمن الغذائي.
يشار الى أنّ هناك 6212 ألف أسرة "غير آمنة غذائيا" في المملكة، بحسب إحصائيات رسمية سابقة صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، وأنّ هناك 71347 ألف أسرة أخرى تصنف تحت اسم "هشة غذائيا". وهذا يعني أنّ 0.5 % من إجمالي الأسر في المملكة غير آمنة غذائيا، فيما أنّ 5.7 % من أسر المملكة هشة نحو انعدام الأمن الغذائي.