إجازة الأحبّة
طقوس الصيف في بلدي معروفة كما هي طقوس رمضان وطقوس فصل الشتاء وغيرها ولكن حلاوة طقوس فصل الصيف أجمل لأن الطقس من السهل التكيُّف معه سواء بتخفيف الملابس او سهولة استخدام المراوح الهوائية او اجهزة التكييف وفي كل الأحوال يكون أخف حِدّة من طقس دول الخليج العربي الذي يأتينا معظم الأحبّة منها واهمُّ ما يُميِّز هذه الطقوس هو إستقبال الأحبّة الأقارب والأصدقاء والحبايب في إجازاتهم السنويّة وخاصّة الأطفال من أحفاد وُلدوا هنا او في بلاد الإغتراب .
العاملون المغتربين يأخذون إجازاتهم السنويّة والتي غالبا ما تكون ثلاثون يوما حسب قوانين العمل السائدة في معظم دول العالم وخلال هذه الإجازة يحاولون التحرُّر من روتين الوقت والعمل الى الفوضى المرغوبة بلقاء الأقارب والأحبّة وسرد اخبار البلد ومن تزوج اوخلّف او قضى نحبه وكأنه كشف حساب سنويّْ يهتمُّ به الرجال قبل غيرهم واخبار ما إستجدّ من قضايا القساد واسماء الفاسدين الجدد بينما تهتم النساء بجولات في المولات والمهرجانات والمعارض والمطاعم خاصّة تلك الأماكن التي أنشأت خلال تلك السنة بحجّة انهن سيجرِّبن تلك الأماكن وخلال تلك الجولات يكثر احاديثهن عن اسرار العائلات في البلد وفي دول الإغتراب وتتعجّب كيف تفهم النساء من بعضها في حين تكون اكثر من سيِّدة تتكلّم بصوت عالي وفي نفس الوقت موجِّهة حديثها للسيِّدة المتكلِّمة التي توجِّه حديثها لها في نفس الوقت ولذلك يُقال حديث نسوان حيث كلهن يتكلمن وكلهن لا يسمعن .
وما يُكسب تلك الطقوس البهجة والسرور والمرح هو وجود الأطفال الذين تكون الإجازة بالنسبة لهم هي عالم مليئ بالأطفال في مثل أعمارهم يلهون ويركضون بعد اشهر من الدراسة والحشر بين اربع جدران إلاّ من كان لدى اهليهم أقارب وأصدقاء ويأخذوهم للمولات ومدن الملاهي وما قلّ من زيارات لأصدقاء لهم بالغربة .
والأجمل هم الأطفال الذين تعلّموا الكلام والمشي حديثا او تعلّموا حركات طفوليّة بريئة يعشقها الأجداد والجدّات ويتسابقان على ان يلفظ الطفل تاتا او سيدو أوّلا .
كم هو العالم متَّسِع فمِن سامع ومهتمِّ باخبار ترمب والغاء الإتفاق النووي الإيراني إلى مهتمِّ لكلمة تاتا على شفتي طفل او رضيع ومن سيِّدة باكية على طفل يقتله الجيش الإسرائيلي بدم بارد الى أب او جدِّ باكي في إستقبال أحبّته او في وداعهم خوفا ان لا يراهم في السنة التالية وهو يشعر انه لم يشبع منهم بعد .
وقد نكون نحن الشعوب العربيّة نخاف على اولادنا ولكننا لا نحسن تربيتهم ليعيشوا حياتهم بمسؤولية واتذكّر اننا تعلمنا ان الشعب الياباني لديهم عادة عندما تلد المرأة مولودا يأخذه اباه الى اعالي الجبال وبينما يكون الطفل عاريا يقول اباه هكذا الميكادو علمنا لكي نكون للأوطان أمّا وأبا , تلك أمّة نفضت عن نفسها عار جريمة انهزامها في الحرب العالميّة الثانية وانتبهت لشبابها وإبداعاتهم وإمكاناتهم واصبحت من اهم الدول الصناعية وتكاد تكون هي الدولة الأولى في حسن الإدارة والإستغلال الأمثل للوقت .
لقد مرّت إجازة الصيف للأحبّة المغتربين وفرحنا بهم بيننا فيا ترى كم أسرة حاولت استغلال تلك الإجازة بالإستمتاع مع أطفالنا وتعليمهم أشياء وأقوال وأفعال تفيدهم في مستقبلهم إضافة أنّ اهلهم أشركوهم في النوادي الصيفية ليتعلموا السباحة أوالعاب الخفّة والقوى وغيرها من نشاطات رياضية وثقافية .
إنّ خطوط الطيران وخطوط الإتصالات قد قرّبت المسافات بين المغتربين في مختلف البلدان وبلدهم الأم وبالتالي فإنّ ذلك يسهِّل على الطرفين معرفة أخبار كل منهم للآخر وقد يتمكّنوا إن توفرت الأموال أن يتبادلوا الزيارات اكثر من مرّة في السنة .
لذلك يقتنصون أيّاما من إجازتهم للسياحة الداخلية في جرش والبحر الميت والبتراء والعقبة وطبقة فحل وغيرها وكذلك للسياحة الخارجيّة في تركيا ومصر وماليزيا وسيريلانكا وجورجيا وغيرها .
غادرنا الأحباب الى مكان إغترابهم وموقع عملهم وبلدان ارزاقهم والحمدلله حمدا كثيرا اننا قضينا اوقاتا ممتعة معهم متمنين لهم سفرا طيبا وعودة سالمة وتوفيقا دائما في اعمالهم وإطمئنانا وراحة بال في البلدان التي يعيشون بها وأن يعودوا الينا بالسنة القادمة بسلام لقضاء احلى الأوقات معهم بإذن الواحد الأحد .