خبراء يدعون النقد الدولي للتعاون مع الحكومة لصياغة قانون ضريبي

تريثت الحكومة قليلا في إقرار مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، بعد استكمال صياغته شبه النهائية، لكن هذا التريث لن يطول بانتظار حسم حكومي للمسودة إن آجلا أم عاجلا.
المسودة الآن هي محور الاهتمام بما تحتويه من بنود ومتطلبات، وستفتح باب المقارنة بينها وبين سابقتها التي أودت بالحكومة السابقة.
يأتي ذلك في ظل ضغط شعبي ومطالبات بقانون ضريبة دخل عادل لا يمس الطبقتين الفقيرة والمتوسطة من جهة، وبين برنامج إصلاح مالي تعهدت به لصندوق النقد الدولي يهدف إلى تحصيل إيرادات أكبر لتقليص عجز الموازنة والدين من جهة أخرى، بحسب خبراء.
ورأى الخبراء أن على الحكومة الطلب من صندوق النقد زيادة عدد سنوات برنامج الإصلاح ليتسنى لها العمل بشكل أشمل على إصلاحات مالية، وأن على الصندوق التعاون من أجل مساعدة الحكومة لتجنب احتجاجات شعبية جديدة.
وطرحوا مطلبا ملحا بإعادة النظر في منظومة الضرائب المفروضة جميعها وليس فقط ضريبة الدخل.
يأتي ذلك وسط معلومات غير رسمية عن وجود خلاف بين الحكومة وصندوق النقد حول مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، الذي تعكف الحكومة على إعداد مسودته شبه النهائية قبيل مناقشته وإقراره بمجلس الوزراء، للسير بالإجراءات الدستورية لإقراره.
إلا أن صندوق النقد قال إنه "لم تقم بعثة صندوق النقد الدولي بزيارة الأردن منذ شهر أيار (مايو) الماضي ولا يوجد تخطيط لزيارة جديدة للبعثة في هذه المرحلة".
وزير المالية الأسبق، سليمان الحافظ، قال إن على الصندوق أن يتعاون مع الحكومة في موضوع قانون ضريبة الدخل بشكل خاص وأن يعيد النظر في مدة برنامج الإصلاح بشكل عام.
وأضاف الحافظ "لتجنب إحداث مشاكل اجتماعية واحتجاجات، يجب أن يتعاون الصندوق مع الأردن".
وأكد على مطلب قديم جديد بضرورة إعادة النظر في المنظومة الضريبية بشكل شامل وأن لا يتم دراسة ضريبة الدخل وحدها بمعزل عن الضرائب الأخرى.
ورأى الحافظ أنه "كان يجب عدم رفع سقف التوقعات وجرعة الأمل بحدوث تغييرات إيجابية كبيرة بشأن قانون الضريبة لكي لا تكون ردة الفعل قاسية".
وأكد ضرورة المصارحة والمكاشفة بين الحكومة والمواطنين من أجل كسب تأييد شعبي أكبر.
وبدوره، اتفق الخبير المالي، مفلح عقل، مع الحافظ، حول أن الحكومة قامت بإعطاء جرعة أمل كبيرة للمواطنين بشأن تغييرات إيجابية لصالحهم، وخاصة في موضوع الضريبة.
ورأى مفلح أن الحكومة في مأزق بين إرضاء الشعب من جهة وزيادة التحصيلات الضريبية لسد عجز الموازنة وتقليص الدين العام وفقا لبرنامج الإصلاح مع صندوق النقد من جهة أخرى.
وتوقع أن تضطر الحكومة لوضع قانون ضريبة دخل لن يرضي جميع الأطراف المعنين من أجل استكمال برنامج الإصلاح والحصول على قرض من الصندوق.
ومن جانبه، اتفق خبير الاستثمار وإدارة المخاطر، الدكتور سامر الرجوب، مع عقل، حول قلة المرونة التي تتوفر لدى الحكومة في موضوع مشروع قانون ضريبة الدخل وعدم قدرتها على إيجاد حل وسط بين الشعب من جهة والصندوق من جهة أخرى.
ورأى أن الحكومة "في مأزق كونها قد وقعت على برنامج اصلاح مالي هدفه زيادة التحصيلات الضريبية من أجل حل مشاكل الموازنة العامة".
وحذر الرجوب من عودة الاحتجاجات ضد قانون ضريبة الدخل، متمنيا من الصندوق أن يتعاون مع الحكومة للوصول إلى حلول ترضي جميع أطراف المعادلة.
وحول رأي صندوق النقد الدولي بشأن التغييرات في قانون ضريبة الدخل، بين الصندوق في تصريحات سابقة أن الإصلاحات توسع الوعاء الضريبي على نحو يتسم بالكفاءة ويحقق مزيدا من الإنصاف والعدالة. وسوف تساعد كذلك على تحويل ميزان تصحيح أوضاع المالية العامة بعيدا عن تطبيق ضرائب على الاستهلاك (التي تضر في الغالب بالفقراء والطبقة المتوسطة) وتوجيهه نحو ضرائب الدخل، وخاصة أولئك الأقدر على دفعها. وستؤدي كذلك إلى التخلص من التشوهات وسد الثغرات، وتوسيع وعاء ضريبة الشركات.
وإصلاح ضريبة الدخل في الأردن سيتيح كذلك للحكومة سد التكاليف الأمنية المرتفعة وتلبية الاحتياجات الاجتماعية الكبيرة، والتي أخذت تزداد بسرعة في السنوات الأخيرة، بينما تعكس مسار تراكم الدين العام. ومن الأمور بالغة الأهمية لنجاح الإصلاح المقترح توخي الحزم في تطبيق إجراءات تعزيز الإدارة الضريبية، وكذلك إجراءات الحد من الحوافز على التهرب الضريبي وزيادة الغرامات ذات الصلة.