شبح التغيُّر المناخي
لقد تسبب التغير المناخي في حدوث تغيرات خطيرة وربما تكون دائمة في حالة كوكبنا الجيولوجية والبيولوجية والنظم البيئية, حيث أن اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ كانت اعلنت أن "هناك دليلًا جديدًا وأكثر قوة على أن معظم السخونة الملاحظة على مدار آخر 50 عامًا يمكن نسبتها إلى الأنشطة البشرية", وقد أدت هذه التغيرات إلى حدوث الكثير من المخاطر البيئية تجاه صحة الإنسان، مثل نضوب طبقة الأوزون، فقدان التنوع الحيوي، الضغوط على الأنظمة المنتجة للغذاء وانتشارالأمراض المعدية عالميّا, وقد قدرت منظمة الصحة العالمية وقوع مائة وستون الف حالة وفاة منذ عام 1950 لها علاقة بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية, والكثيرون يعتقدون أن هذه تقديرات أقل من الحقيقة.
وإلى الآن يوجد مظهر مهمل من مظاهر مشكلة التغيرات المناخية, فقد تم إجراء قدر أقل من البحوث حول تأثيرات التغير المناخي على الصحة ,ووفرة الطعام ,
والنمو الاقتصادي والهجرة والأمن والتغيرالاجتماعي والمنافع العامة مثل مياه الشرب مقارنةً بتلك الأبحاث التي أجريت حول التغيرات الجيوفيزيائية المرتبطة بالاحتباس الحراري العالمي.
إن تأثيرات البشر ربما تكون إيجابية وسلبية على حد سواء, فتغيرات المناخ في إقليم سيبيريا على سبيل المثال يتوقع أن تحسن من إنتاج الطعام وأنشطة الاقتصاد المحلي، وذلك على المدى القصير إلى المتوسط على الأقل, ولكن العديد من الدراسات أشارت إلى أن الآثار الحالية والمستقبيلة للتغير المناخي على الإنسان والمجتمع سلبية وستظل سلبية بصورة دائمة.
وغالبية الآثار العكسية للتغير المناخي تعاني منها المجتمعات الفقيرة وذات الدخل المنخفض حول العالم، والتي تتميز بمستويات كبيرة من التعرض للعوامل البيئية المؤثرة المتمثلة في الصحة والثروة والعناصر الأخرى، بالإضافة إلى مستويات منخفضة من القدرة المتوفرة للتأقلم مع التغيرالمناخي, حيث أظهر أحد التقارير حول التأثير البشري على تغير المناخ والذي صدر عن المنتدى الإنساني العالمي عام 2009 والذي يتضمن رسمًا حول العمل الذي تم من قبل منظمة الصحة العالمية في فترة مبكرة من ذلك العقد وبيّن أن الدول النامية تعاني من حوالي 99% من الخسائر المنسوبة إلى التغير المناخي, ولقد أثار هذا أيضًا تساؤلاً حول العدالة المناخية حيث أن أكثر من 50 دولة نامية حول العالم لا تعتبر مسؤولة عن أكثر من 1% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتي تتسب في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية.
يمكن للتغير المناخي التأثير بصورة مأساوية , على سبيل المثال فإن الظروف الجدبة ربما تتسبب في انهيار الغابات المطيرة كما حدث في الماضي, كما ان التغير المناخي يتميز بنطاق واسع من المخاطر على صحة الأشخاص والتي سوف تزداد في العقود القادمة وغالبًا ستصل إلى مستويات خطيرة، في حالة استمرار تغير المناخ في مساره الحالي, وتتضمن الفئات الثلاث الأساسية للمخاطر الصحية وهي أولا التأثير المباشر كالموجات الساخنة وتلوث الهواء على نطاق واسع والكوارث الجوية الطبيعية وثانيا التأثيرات التي تحدث نتيجة للتغيرات المناخية المتعلقة بالنظم والعلاقات البيئية كالمحاصيل الزراعية وعلم البيئة والإنتاج البحري وثالثا التوابع الأكثر انتشارًا المرتبطة بشكل غير مباشر بالفقر والنزوح والصراع على الموارد كالمياه.
وبناءً على ذلك فإن التغير المناخي يهدد بأن يقلل أو يعيق أو يعكس التقدم العالمي تجاه تقليل عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والوفيات الناتجة عن مرض الإسهال وغيره من الأمراض المعدية, ويعمل التغير المناخي بصورة سائدة من خلال زيادة حدة المشكلات الصحية الموجودة غالبًا، خاصة بالمناطق الفقيرة من العالم, إن لحالات تنوع الثروات المعاصرة العديد من التاثيرات العكسية على صحة الأشخاص الفقراء بالدول النامية , وهذه التأثيرات من المحتمل أن "تتضاعف" هي الأخرى من خلال الضغوط الإضافية للتغير المناخي الذي يتميز بنطاق واسع من المخاطر على صحة الأشخاص,وهي مخاطر سوف تزداد في العقود القادمة وغالبًا ستصل إلى مستويات خطيرة في حال استمرار تغير المناخ كما في مساره الحالي.
ومن ثّم فإن المناخ المتغير يؤثر سلبًا على متطلبات صحة الأفراد وهي الهواء والماء النقي والطعام الكافي والعوائق الطبيعية لعوامل العدوى المرضية والمأوى المناسب والآمن, فالمناخ الحار والمتغير يؤدي إلى مستويات مرتفعة من بعض ملوثات الهواء وزيادة تكرار الحوادث المرتبطة بالطقس المتطرف, حيث يزيد من معدلات ومجالات نقل الأمراض المُعدية من خلال الماء غير النظيف والطعام الملوث وبالتأثير في الكائنات عن طريق ناقل مثل الناموس وفصائل المضيف المتوسط والمستودع التي تأوي العامل المعدي مثل الماشية والخفافيش والقوارض .
إن التغيرات التي تطرأ على درجات الحرارة وسقوط الأمطار الموسمية تعرض الإنتاج الزراعي في العديد من المناطق للخطر بما يتضمن بعضًا من البلدان الأقل تطورًا, وذلك يشكل مخاطر على حياة الأطفال ونموهم والصحة العامة والقدرة الوظيفية للبالغين, ومع استمرار تزايد ارتفاع الحرارة، فإن خطورة الكوارث المرتبطة بالطقس ستزداد , ويبدو أن هذا قد حدث بالفعل في عدد من المناطق حول العالم خلال العقود الماضية العديدة, ونتيجة لذلك فإن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بالإضافة إلى التغيرات التي تطرأ على موارد الطعام والماء,مع زيادة سخونة المناخ، فإنها تغير طبيعة سقوط الأمطار والتبخر والثلوج وتدفق ينابيع المياه والعناصر الأخرى التي تؤثر في وفرة المياه وجودتها على مستوى العالم, وتعتبر موارد الماء العذب شديدة الحساسية تجاه التغيرات التي تطرأ على الطقس والمناخ.
ومن المتوقع أن يؤثر التغير المناخي على توفر المياه, ففي المناطق التي تعتمد فيها كمية مياه الأنهار والجداول على ذوبان الثلوج، تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى زيادة نسبة الترسبات الساقطة على هيئة أمطار بدلاً من الثلج، مما يؤدي للوصول إلى الحد الأقصى السنوي الربيعي لسريان المياه بشكل مفرط في فترة مبكرة من العام, وهذا قد يؤدي إلى احتمالية حدوث فيضان شتوي وتقليل معدل تدفق المياه في الأنهار في الفترة المتأخرة من الصيف, ويؤدي ارتفاع منسوب البحار إلى دخول المياه المالحة إلى المياه العذبة الجوفية وجداول المياه العذبة, وهذا يقلل كمية المياه العذبة المتوفرة للشرب والزراعة, وتؤثر أيضًا درجات المياه الأكثر حرارة على جودة المياه وتزيد من سرعة تلوث المياه. وما حدوث الجفاف في بعض الدول او الهزات الأرضية في دول اخرى او الحرائق التي انتشرت في كاليفورنيا الأمريكية والتي تنتشرجنوب غرب برلين في المانيا والحمم البركانية والعواصف الرعدية في هاواي وزلزال البيرو ما كل ذلك سوى نذير شؤم على العالم الذي نعيشه وعلى اجيال المستقبل وبيئتهم المنتظرة .
وآخر ما تناقلته الصحف هو دلالة خطيرة على ان تأثير الإنحباس الحراري وتداعيات التغيُّر المناخي قد بدء فعلا او يكاد يكون قريبا جدّا وليس كما كان متوقّعا حيث ذكرت تقارير أن شقوقاً «مقلقة» جرى رصدها في آخر بؤرة جليدية متكاملة على سطح الأرض، وهو أمر يحصل لأول مرة في التاريخ، وسط مخاوف بيئية من تبعات كارثية.
وبحسب ما نقلته صحيفة «ديلي مـــيل»، فإن الشـــقوق رصدت في البؤرة المتــجمدة على الساحل الشمالي لغرينلاند، وهي أكبر جــزيرة في العـــالم تقع بين القـــطب الشمالي والمحيط الأطلسي.
وظلت هذه المنطقة الباردة، المسماة بـ «آخر مساحة جليدية» معروفة بجليدها الذي تبلغ سماكته حوالي اربعة امتار، الذي قاوم التغيرات المناخية، ولكن يبدو أن ارتفاع درجة الحرارة بصورة لافتة في الصيف الحالي أربك التوقعات.
وأوضح الباحث في المعـــهد الدنماركي للطقـــس، روث موترام، أن أغلب الجـــليد الموجود في شمال غرينلاند يعاني الشقوق، كما أنه صار أكثر حــركة في المـــياه, وأشار الباحث إلى تراجع حجم الجليد في البحر بشكل لافت في بداية الصيف الحالي، ويرجح خبراء أن يكـــون قد انحسر في أدنى مستوى له في 40 عاماً.
قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)صدق الله العظيم
اللهم احمي كوكبنا من غضبك وغضب المناخ علينا واجعلنا نعيش في كنف رحمتك ورضوانك ولا تؤاخذنا بم فعل ويفعل السفهاء منّا واحفظنا من شرورهم واجعل كيدهم في نحرهم .
اللهم احفظ بلدنا ارضا وشعبا وجيشا وقيادة من ايِّ من كيد الأشرار والإرهابيّين والفاسدين .