المبدعون في الأردن

. تم الاعلان بين الحين والآخر عن اختراعات جديدة لبعض المبتكرين الاردنيين في مجالات مختلفة، الا انها تبقى نادرة نسبيا قياسا بحجم المؤسسات الاكاديمية الاردنية وما يفترض ان يتمتع به المبدعون من طاقات علمية وعملية خلاقة، تنهل معارفها من مختلف جامعات العالم ومعاهده العالية وخبرات مميزة اكتسبوها على مر السنين في اعمالهم داخل الاردن وخارجه، مما يؤكد ان الامكانات الحقيقية لمشروعات العلماء والمخترعين في بلدنا لا تزال كامنة في العقول، من دون ان تجد البيئة اللازمة لاخراجها الى حيز الوجود عبر الاخذ بيدها واتاحة الفرصة امامها للشهرة الواسعة، والاستفادة من مخترعاتها التي تضطر في معظمها الى البحث عمن يحتضنون حقوقها خارج الوطن.! 

الاحصاءات فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية تشير الى ان 2534 طلب براءة اختراع تم تقديمها في الاردن خلال الخمس سنوات الماضية، في حين ان عدد براءات الاختراع الممنوحة لم تتجاوز المئتين وبراءة واحدة من هذا الكم الكبير مما قدمه المبدعون والمبتكرون الاردنيون، اي ان الغالبية العظمى من اختراعاتهم لم تكتمل ولم تصل الى المستوى الذي يشكل اختراعا معترفا به مع انها يمكن ان تحقق ذلك في نسبة لا يستهان بها لو وجدت من يرعى هؤلاء ويمول بحوثهم وتجاربهم في مختلف المجالات. لم يعد خافيا ان الاردن لا يزال يعتبر من ادنى الدول في توفير المخصصات المالية اللازمة للبحوث العلمية مقارنة مع حجم الناتج المحلي الاجمالي، فعلى مستوى القطاع العام تفتقر الموازنة العامة للدولة دوما الى تخصيص المبالغ اللازمة لتمويل المشروعات البحثية وكذلك الحال في جميع الجامعات الرسمية.

اما بالنسبة للقطاع الخاص سواء كان صناعيا او زراعيا او خدميا او غير ذلك من قطاعات انتاجية متنوعة فانه لا يولي الابحاث العلمية والمختبرية المتعلقة بمجالاته اية اهمية معتمدا على شراء حقوق الاسماء التجارية الخارجية واستيراد المواد الاولية والاكتفاء بمجرد عملية التصنيع داخل الاردن. 

اما في مجال رعاية المبدعين وخلق الاجواء الملائمة لعبقرية عقولهم في الاختراع والابتكار، فان عدم وجود ذلك على سلم الاهتمامات والاولويات الرسمية او حتى الجمعيات والتنظيمات العلمية ذات العلاقة هو سمة اردنية مزمنة، ولعل صندوق دعم البحث العلمي الذي تم انشاؤه خلال السنوات الاخيرة هو الوحيد الذي قد يمثل خطوة في تعديل مسار البحث العلمي، مع انه يفتقر الى الاموال الكافية حتى لتبني المشروعات العلمية، وهنا يلفت النظر ما اعلنت عنه وزارة التربية والتعليم في المؤتمر الوطني لتطوير امتحان الثانوية العامة من انها تتدارس امكانية اكتشاف المواهب لدى الطلبة المتفوقين منذ سنوات دراستهم الاولى وفي حال تطبيق ذلك فانه يعتبر نقلة نوعية في التأشير مسبقا على من يمتلكون القدرة على الاختراع والابتكار على ان تتم متابعتهم العلمية لاحقا ! . 

من المفارقات ان الاردن كان من الدول الرائدة في التشريع لحماية براءات الاختراع عندما اصدر ولاول مرة قانون امتيازات الاختراع في عام 1953 اي قبل ما يزيد على ستين عاما، ورغم ذلك فانه لم يواصل مساعيه نحو تطوير هذا المجال العلمي الحيوي من مختلف جوانبه للحاق بركب دول العالم المتقدمة، في حماية الاختراعات واستخدام ما ينتج عنها في استقطاب رؤوس الاموال ونقل التكنولوجيا والمساهمة في النمو الاقتصادي، حيث تعتبر اول عشرين دولة منها في هذا المجال هي اليابان والولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية والمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا والسويد واستراليا وفنلندا واسرائيل واسبانيا والدنمارك والنمسا وبلجيكا.