النائب الطراونة : لكم ايها الرحلون السلام

جراءة نيوز - رثى النائب مصلح الطراونة شهدائنا فقال على صفحته على افبس بوك:

 لكم أيها الراحلون في السلط اليوم و في الكرك أمس، و في القدس من قبل، و على كل بقعة من هذا الوطن، لكم جميعا سلام، سلام لعطائكم السخي، و لكرمكم المبهر، سلام لكم لأنكم البسيطون، وحين نذرتم للعطاء، كان عطاءكم أكبر من الوصف، سلام لقمح عيونكم اللامعة ساعة الشهادة، سلام لحبات العرق الشهي تتساقط من جباهكم و أنتم ترعبون عدوكم الجبان، سلام لصدى أصواتكم السابحة في نسائم السلط و الكرك و إربد و القدس، سلام لعل السلام يدنوا بنا لكم، و لعل ساعة موت شريف تأخذنا إليكم

كيف يمكن أن أكتب؟ وكيف يمكن أن تكون الكلمات ضمادا لمصاب لا يبرى إلا بالأفعال؟ كيف يمكن أن يغرد القلم في وقت نحتاج فيه أن يغرد الرصاص؟ كيف يمكن أن أواسي أمهات المصابين و الشهداء بعدد قليل من الكلمات؟ وهن اللواتي قدمن مهجهن فداء لهذا الوطن؟، ونحن نتمطى في مكاتبنا و على أرائك مجالسنا نكتب بهواتفنا الذكية؟ هل هذه مواساة لهن؟ ماذا ستنفعنا الكلمات و تجارة أفيون العقول و السلط تكتوي من ثلة من الجبناء كما اكتوت الكرك من قبل؟

وجع ما بعده وجع، و ألم ما بعده ألم، أسماؤهم تتردد في ذهني ( معاذ الدماني، معاذ الكساسبة، سائد المعايطة ، راشد الزيود، و آخروون) سابقون، ولاحقون، هل كانوا معروفين قبل أن يقدموا صفقة الوداع الأخير مع هذا الوطن؟ ، هل تغنوا ( حنا كبار البلد و حنا كراسيها)؟ هل ترددت أسماؤهم بين جنبات المناصب و الكراسي؟ هل وردت أسماءهم في إعفاء من الدراسة في لندن أو بريطانيا؟ هل خصصت أموال الدولة و سخرت لرفاهيتهم و هم في واجبهم الميداني، يا الله كم كم نحن شراذم و صغار، يالله كم نحن صغار أمام جباههم السمر، و عيونهم الباكية على هذا الوطن.

وجعك وصوتك لا يغادراني، ولا أستطيع الفكاك من سعلتك الملونة بدمك الطاهر يا معاذ، سور قصيرة رددتها قبل موتك بلحظات، تذكرتك إلى الدار الآخرة كانت عمل جبان، و طريقك سور قصيرة، و رصيد لا ينفذ من الإيمان، لن أستطيع أن أختزل الوجع بكلماتي فالوجع أكبر و أعمق، و المصاب جلل، ليس لأنك و أمثالك قدمتم أغلى ما يملك المرء صفقة واحدة دون تقسيط ودون محاباة، بل لأن الحروف أصغر مما تقدمون بل لأنكم أنتم الحماة تعيشون بصمت و تموتون بصمت، و أبناء كبار البلد و كراسيها ينعمون بوافر العطايا و المنح، ولكن لا تنزعج هذه هي الأوطان تقوم على أكتاف الشرفاء و يسرقها الجبناء المستغلون، و تشاء إرادة الله و دمك الحر و عنفوانك اللامتناهي أنت و زملاؤك أن تكونوا في ثلة الشرفاء، أن تكونوا سنابل فخر تحركها نسائم العز، و تترك خلفك العطايا للمتسولين على أبواب المناصب، و على عتبات الامتيازات.

ختاما أسأل الله لكم مغفرة و رحمة، و أسأل الله لذويكم الصبر و السلوان، و اسأل الله لهذا الوطن المكلوم، صبرا كصبر أيوب، وحمى الله الأردن أرضا و قيادة و شعبا و لقواته الأمنية تحية إجلال و إكبار، فأنتم الأمان الحقيقي حين جرح الوطن على حين غرة

و السلام .. أخوكم مصلح