مكتبة الطفل المتنقلة في العقبة ابتهاج للصغير والكبير

تعود بدايات المكتبات والمكتبة المتنقلة في العقبة إلى أكثر من 1200 عاما، ذلك في العهد الاموي فقد كان المحدث ابن عقيل بن خالد الأيلي يكتب عن الزهري، وقال عنه ابو حاتم كان صاحب كتاب وكانت له كتب وكانت كتبه عند ابن اخيه المحدث سلامة بن روح الأيلي، وكان الناس يقصدون هذه الكتب، وكان ذلك عام 813 م. (كما جاء في كتاب التاريخ الثقافي في العقبة – للمؤلف عبد الله كرم المنزلاوي).
اليوم في القرن الحادي والعشرين وفي مدينة العقبة الاردنية تحديداً عند مشاهدة باص المكتبة المتنقلة المخصصة للأطفال الذي يحوي مئات الكتب امامك تشعر بالابتهاج والفخر سواء كنت كبيراً ام صغيراً، تلك الصورة باتت حقيقة ملموسة في العقبة ومحافظات المملكة والقرى المجاورة لها وحتى في القرى البعيدة والمناطق النائية، فهذه المكتبة التي تعتبر سبق على مستوى المملكة جعلت من الثقافة متاحة بيسر امام شرائح المجتمع وهو ما افرز ان تنجح هذه المكتبة في ان تحافظ بقاء القراءة عادة يومية وفي متناول الجميع باختلاف تكويناتهم ومستويات الثقافة لديهم.
انشئت المكتبة المتنقلة التابعة لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة عام 1998 وتم تطويرها خلال عشرون عاماً، حيث بدأت بعربة (كرفان) مقطورة يُجر.. ومن ثم كرفان محمول.. ومن ثم باص حديث وجميل جداً. في عام 2006 تم مشاركتها ضمن مشروع مكتبة الطفل المتنقلة الذي أطلقته وزارة الثقافة برعاية الملكة رانيا العبدالله. وفي عام 2009 تم تطويرها وتحديثها باستخدام حافلة وتزويدها بكافة الأجهزة والمستلزمات وبكلفة حوالي (70000) دينار. وتضم المكتبة المتنقلة اليوم حوالي ألفي كتاب وقصة باللغتين العربية والإنجليزية بالإضافة إلى باقي الوسائل التعليمية مثل الحاسوب والتلفزيون والفيديو والمسجل والبروجكتر وألعاب الأطفال وغيرها، وتقوم المكتبة المتنقلة بزيارات ميدانية للمدارس والأحياء وقرى المحافظة ومحافظات المملكة، وتقدم خدمات الإعارة والقراءة والمسرحيات والأنشطة التثقيفية والحاسوب وعرض الفيديو والبروجكتر وغيرها لأكثر من (5000) زائر سنويا.
شكلت المكتبة المتنقلة في العقبة وسيلة متقدمة ونمطاً متطوراً لإيصال الخدمة المكتبية إلى المناطق النائية والمعزولة والوعرة ومناطق البادية، وفي سبيل جعل ثقافة القراءة أسلوباً محورياً في الحياة، اتجهت المكتبة العامة في العقبة إلى إيجاد هذه الوسيلة لتتمكن من خلالها الاتصال بمثل هذه التجمعات السكانية والقرى النائية لنشر الوعي الثقافي.
تقوم المكتبة المتنقلة بتقديم خدماتها الى القراء الذين لا يستطيعون الانتقال الى المكتبة العامة، وتسعى المكتبة المتنقلة الى زيادة وعي المواطنين، ومساعدة المجتمع في المناطق النائية على استثمار أوقات الفراغ بما هو مفيد وممتع، والمساهمة في القضاء على الأمية من خلال تعاون المكتبة المتنقلة مع المراكز والمؤسسات والمدارس واستخدام المواد السمعية والبصرية في تنفيذ هذه البرامج، وايصال المعلومة بسلاسة وتدعيم ذلك بإعطاء الجوائز المادية والمعنوية المختلفة. والاعتناء بالأطفال عبر تقديم بعض الكتب والنشرات والملصقات الجدارية، ودعم الروابط الاجتماعية وتعزيز أواصر العلاقات الإنسانية من خلال إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات واللقاءات المبرمجة في المحطات التي تصلها المكتبة المتنقلة.
ما ساعد المكتبة المتنقلة على تحقيق أهدافها، وجود الشاب الطموح والمتألق والمثابر حسين الدردساوي الذي عمل ويعمل بجد على استغلال الموارد بالشكل الأمثل من خلال سد احتياجات القراء والمستهدفين بمصادر المعلومات المختلفة، ولديه مرونة في الأداء إذ يمكن إعارة الكتب من خلال محطات الكتب أو المدارس، ويعمل باستمرار على تغيير المجموعة المكتبية وانتقائها بدقة بما يتناسب ورغبات واحتياجات مجتمع المستفيدين، ويقوم الدردساوي بتوجيه وإرشاد المستفيدين للكتب القيمة والإصدارات الجديدة والإجابة على اسئلتهم واستفساراتهم من خلال خبرته ومعرفة بطبيعة العمل المكتبي ومصادر المعلومات المختلفة، ويعمل على تحسين الخدمات المباشرة اذ تمتاز المكتبة المتنقلة بأنها أكثر فاعلية من المكتبات الاخرى حيث ان خدمة المراجع وإرشاد المستفيدين تجري غالباً في وقت قصير، من خلال الألفة والتعاون بين الدردساوي وجمهور المستفيدين في هذه المناطق التي يقع بعضها في مناطق نائية وبعيدة عن مدينة العقبة.
ختاماً نأمل من المعنيين تقديم كل الدعم لهذه المكتبة والعمل على تذليل اي مصاعب مستقبلية قد تواجهها وتزويدها بشكل دائم بأحدث الكتب وأفضل البرمجيات. فلا ينبغي أن يكون الكتاب حكرا على فئة قادرة على اقتنائه أو قدر لها أن تعيش في مناطق مرفهة نسبيا تتواجد فيها المكتبات الخاصة والعامة. من حق الجميع الاستمتاع والانتفاع بما تجود به الكتب من مادة تغذي امكاناتهم اللغوية وتثقفهم وتنمي قدراتهم الفكرية وتوسع مداركهم وآفاقهم، فالكتاب حق للجميع، فقراء وأغنياء!