بطل العالم يحتفل بالكأس الثانية مع الفرنسيين
وصل منتخب فرنسا لكرة القدم المتوج بلقب كأس العالم لكرة القدم للمرة الثانية في تاريخه إلى باريس أمس الاثنين.
وحطت الطائرة التي تقل المنتخب الفرنسي في المطار الرئيسي قرب باريس قبيل الساعة 17,00 بالتوقيت الفرنسي.
وتوجّهت البعثة إلى جادة الشانزيليزيه للاحتفال باللقب مع عشرات الآلاف من المشجعين قبل ان يستقبلهم الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في الإليزيه.
وكان قائد المنتخب الحارس هوغو لوريس، ويحيط به المدرب ديدييه ديشان، أول الخارجين من الطائرة حيث قام برفع الكأس الذهبية الشهيرة قبل أن يتجه إلى السلالم ثم إلى أن يعبر سجادة حمراء.
وتوّجت فرنسا أول من أمس الأحد بطلة لكأس العالم للمرة الثانية في تاريخها بعد فوزها على كرواتيا 4-2 في المباراة النهائية في موسكو.
وكان منتخب "الديوك" توج للمرة الأولى على ارضه العام 1998 حين تغلب في النهائي على البرازيل بثلاثية نظيفة.
وسينال لاعبو المنتخب الفرنسي وسام الشرف بسبب "الخدمات الاستثنائية" التي قدموها للبلاد، كما حصل مع لاعبي المنتخب الفرنسي عقب تتويجه بكأس العالم للمرة الاولى عام 1998، لكن قصر الأليزيه أكّد أن تسليم هذه الأوسمة سيحصل بعد أشهر عدة.
واستقبل الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون وزوجته بريجيت بعثة المنتخب في قصر الأليزيه أمس، حيث دعي نحو 3 آلاف شخص لحضور الحفل في حدائق المقر الرئاسي، منهم العديد من الشباب من أندية كرة القدم في العالم، ومنها بوندي حيث بدأ نجم المنتخب الحالي كيليان مبابي.
ويعود اللاعبون الى بلادهم حاملين الكأس الذهبية التي يبلغ وزنها 6,175 كلغ، منها 4,9 كلغ من الذهب الخالص، في مشاهد تعيد التذكير باحتفالات زين الدين زيدان وزملائه بالكأس نفسها ذات تموز (يوليو) 1998.
وبعد الاحتفال تحت الأمطار الغزيرة لملعب لوجنيكي، درة تاج الملاعب الروسية الـ 12 التي استضافت المونديال منذ 14 حزيران (يونيو)، كان الاحتفال الفرنسي تحت الشمس الساطعة للعاصمة الفرنسية التي غصت شوارعها، من الشانزيليزيه إلى شان-دو-مارس ومحيط قوس النصر، بعشرات الآلاف من الفرنسيين الذين رقصوا على إيقاع النصر.
وقال المدافع لوكاس هرنانديز بعد الفوز أول من أمس: "ما زلنا لا ندرك ما حققناه، إنه أمر كبير جدا، عندما نصل (الاثنين) إلى باريس، أعتقد أننا سندرك جميعا ما فعلناه. أريد الاحتفال مع كل الفرنسيين".
وأضاف "أتمنى شيئا واحدا فقط، هو الوصول إلى باريس ورؤية هؤلاء الناس في الشارع والصراخ تحيا فرنسا"، بينما اعتبر زميله كورنتان توليسو ان الفوز باللقب "كان حلما، حلم طفل. نحن فخورون جدا جدا، مثل كل الفرنسيين، المتواجدين في جادة الشانزليزيه، في (مدينة) ليون في كل مكان. نتلهف لملاقاتهم من أجل الاحتفال. نحن أبطال العالم".
الصحف الفرنسية تحتفل
"أيضا"، "السعادة الأبدية"، "لقد جاء يوم المجد"، "رأسنا في النجوم": عينة من عناوين الصحف الفرنسية الصادرة أمس، والتي حيت لاعبي المنتخب المتوجين ببطولة العالم.
"أمس، اليوم وغدا (نأمل ذلك) نحن فخورون كوننا فرنسيين، من خلال هذا الفريق الذي يجمعنا ويمثلنا"، عبارة هلّل بها دانيا ميراز في صحيفة "كورييه بيكار". اما في "ليبيراسيون"، فقد حيا لوران جوفران المدرب ديدييه ديشان "صاحب السياسة العظيمة في كرة القدم على المستطيل الأخضر وخارجه"، الذي "أعد (الفريق) جيدا، وقاده بحنكة، ومكن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم من الاحتفال، وخصوصا في يوم العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز (يوليو)، باطلاق الالعاب النارية بألوان العلم الفرنسي".
واضاف الكاتب محتفلا "لقد جلب المجلس الدستوري للتو الجزء الثالث من الثلاثية الوطنية، الاخوة في القانون الوضعي. لقد فهم اللاعبون الرسالة. وباتت كرة القدم تشكل الجمهورية، وهذا خبر سار".
أما بالنسبة إلى سيباستيان جورج، فقد كتب في "ايست ريبوبليكان" عن "نجاح لاعبي المنتخب الازرق، في الجمع بين ابناء البلاد وقد ساعدت المحن الذين تعرض لها الفرنسيون في السنوات الاخيرة في تأمين اللحمة".
أما روبير فيليبين فقد أمل في صحيفة "لا مانش" في ان يؤدي انتصار المنتخب الازرق "الذي يتم الاحتفال به بكل بساطة، إلى ترجمة الحاجة الى اللقاء، وان نعيش الحدث (الانتصار) جميعنا، وبالتالي الخروج من الانغلاق وان نلتقي كفرنسيين متساوين وفخورين بهويتنا".
أما باسكال كونكي فرأى في مقالة في "آخر اخبار الالزاس" أن قاهري كرواتيا "يأتون من الأشياء المتجذرة في تربة هذا البلد، أو في جذورها الممتدة في توغو والكاميرون، وكل ما يجعل الشعب الفرنسي مميزا، ويغني فرنسا وثروتها. سواء أعجبنا ذلك أم لا، فإن هذا الفريق هو انعكاس، وصورة المجموعة المتحدة التي يرسلها الينا ممتعة".
ورأى انه "اذا اراد الفرنسيون ان يؤمنوا بالغد، فعليهم أخذ العبرة من الابطال الذين زحزحوا الجبال الروسية".
وكتب فرنسوا ارمينوينفي "لا كروا": "الفرحة والطاقة اللتان بذلتا لتحقيق هذاالانجاز، تشكلان اصولا ثمينة يجب الحفاظ عليها".
واضاف "نحن متحدون في هذا لانتصار. وقد بلغ منتخبنا مصاف الملائكة مساء الاحد، ونحن مدعوون لابراز هذا المسار. المسألة لا تتعلق فقط بالمبادئ، بل بالكفاءة".
أما لوران بودين فرأى في "الالزاس" انه "على الدولة ان تحذو حذو لاعبي رجال (المدرب ديدييه) ديشان الذين تمكنوا من زحزحة الجبال الروسية". واقترح "ان تكون النجمة الثانية التي سترصع قميص المنتخب الفرنسي (في اشارة إلى اللقب المونديالي الثاني)، تكون قدوة للمجتمع الوطني".
فلورانس شيدوتال أملت في "لا مونتاين" ان تتمكن فرنسا من الخروج من الانقسامات التي تشهدها، وتأخذ الطاقة من الفوز الذي تحقق، للانطلاق الى الامام".
وذكرت "بأن التحول الى الانهزامية هو سم مدمر". لوران مولو كتب في "لومانيتيه" عن الاستقبال الذي خصصه الرئيس ايمانويل ماكرون للاعبين بعد ظهر اليوم في قصر الاليزيه، وقال: "لا يحمل اللاعبون في ايديهم الا كأس العالم ونجمة ثانية على القميص. لكن ذلك يشكل مؤشرا رمزيا للسلطة السياسية للاقتداء به، ولتعيش ملحمة الانتصار الذي تحقق هذه السنة خارج المستطيل الأخضر".
إشكالات وحوادث
إلى ذلك، عكّرت اشكالات وقيام عشرات من الشبان بنهب متجر شهير على جادة الشانزيليزيه، احتفال عشرات الآلاف من مشجعي المنتخب الفرنسي، بحسب ما أفاد صحفيون في وكالة فرانس برس.
وقام نحو ثلاثين شخصا وضع بعضهم أقنعة، باقتحام متجر "بوبليسيس" بعد تحطيم زجاجه الخارجي، قبل أن يغادروه وهو يحملون قناني النبيذ والشامبانيا، بينما قام بعضهم بالابتسام والتقاط صور بالهواتف الخليوية.
كما قام البعض برمي مقذوفات باتجاه عناصر من قوات الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع، في الاحتفالات التي تلت فوز فرنسا أول من أمس.
وفي ليون، أشارت السلطات المحلية الى اندلاع اشكالات بين أفراد من الشرطة ونحو 100 شاب اعتلوا سيارة تابعة لها على هامش عرض المباراة عبر شاشات في ساحة عامة. وقامت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الشبان الذين ردوا برمي مقذوفات وإشعال حاويات القمامة.
وأفادت المصادر نفسها عن أن الاشكالات كانت ما تزال مستمرة لما بعد الساعة العاشرة والنصف ليلا بالتوقيت المحلي (20,30 ت غ)، من دون الاشارة الى توقيف أي شخص.
وفي بلدة قرب مدينة نانسي، أصيب طفل في الثالثة من العمر وفتاتان في السادسة بجروح خطرة بعدما تعرضوا للدهس من قبل دراجة نارية خلال الاحتفالات. وأشارت السلطات الى ان الدراج توارى عن الأنظار.
كما أفادت السلطات عن وفاة شخصين بسبب الاحتفالات: رجل في الخمسين من العمر تعرض لكسر في العنق إثر سقوطه في قناة مائية، وآخر في الثلاثينيات من العمر اصطدم بشجرة أثناء القيادة.
استقبال الأبطال لمنتخب كرواتيا
في الجهة المقابلة، استقبل منتخب كرواتيا استقبال الأبطال من قبل عشرات الآلاف من مشجعيه لدى عودته إلى زغرب أمس.
واحتشد أكثر من 100 ألف شخص في الساحة الرئيسية في زغرب وبدأوا بالغناء لدى رؤيتهم الطائرة التي تقل المنتخب على شاشة عملاقة.
ومرت طائرة المنتخب فوق المحتشدين برفقة طائرات عسكرية، وبعد هبوطها على المدرج في الساعة 3:25 بالتوقيت المحلي (13:25 ت غ)، خرج اللاعبون بقيادة نجم الوسط لوكا مودريتش وسط صيحات المشجعين في المطار.
وتوجه المنتخب عبر حافلة مفتوحة الى الساحة الرئيسية حيث يحتشد آلاف الاشخاص، وانتشرت على الطرقات الأعلام واللافتات التي حملت أسماء أماكن من جميع انحاء كرواتيا، وكذلك من خارجها من ضمنها البوسنة وحتى استراليا حيث توجد جالية كرواتية كبيرة.
وكتب على احدى اللافتات "هكذا يحب الكرواتي"، وعلى اخرى "عددنا قليل ولكن لدينا الإيمان وهذا يكفي".
وقالت الطبيبة سانيا كلاييتش لفرانس برس "اغلقت مكتبي للترحيب بأبطالنا".
وحيّت الصحف الكرواتية بفخر أبطال المباراة النهائية بعد نجاح هذه الدولة الصغيرة في تحقيق الإنجاز وخوض لقاء قمة مونديال روسيا.
"شكرا، أيها الأبطال! لقد بذلتم قصارى جهودكم!"، كان عنوان صحيفة "سبورتسكي نوفوستي" الرياضية الكرواتية.
"فاتريني (لقب منتخب كرواتيا ويعني الشجعان)"، انتم الأبطال، انتم الفخر، ستبقى اسماؤكم مدونة بأحرف ذهبية إلى الأبد!".
وأظهرت الصحيفة صورة لقائد المنتخب لوكا مودريتش الذي اختير افضل لاعب في البطولة وهو يحمل الجائزة المرموقة، لكن الحزن بدا واضحا على وجهه.
أما صحيفة "يوتارنيي ليست" فأضافت "قلوب شجاعة- لقد جعلتمونا فخورين بكم".
وكان لسان حال "فيسيرنيي ليست" مماثلا بقولها "كرواتيا تحتفل معكم، انتم ذهبنا".
ونوهت الصحيفة ايضا بأن كتيبة المدرب زلاتكو داليتش "جعلت كرواتيا افضل" على مدى الشهر الماضي. وقالت "أعادوا الكبرياء إلينا وأزاحوا التشاؤم قبل بداية البطولة"، في دولة يعتبر فيها الاقتصاد الأضعف في الاتحاد الاوروبي.