قانون ضريبة الدخل والعبء الضريبي .. للحقيقة وجه آخر

نافح خبراء صندوق النقد الدولي في معرض تبرير مطالبتهم بإجراء تعديلات هيكلية على قانون ضريبة الدخل بأن مؤشر العبء الضريبي (المؤشر) في الأردن (يقاس بنسبة حصيلة الحكومة من إجمالي الضرائب المحصلة إلى الناتج المحلي) منخفض.
وبالرجوع الى المسار التاريخي إلى هذا المؤشر، نجد أنه بلغ نحو 20 % العام 2006 ثم انخفض إلى 16 % في العام 2010، وإلى 15 % في العام 2017. إذا فادعاء الخبراء يبدو في ظاهره صحيحاً.
لكن مهلا: فللحقيقة وجه آخر ... وربما وجوه عديدة أخرى، قد تغير الاستنتاج إلى الاتجاه الآخر. ومن هذه الوجوه يمكن أن نوردها بهذا الشأن ما يلي:
اولا. المقارنة المعيارية: لا تبدو قيمة المؤشر منخفضة، إذا ما تم مقارنتها مع بعض الدول الأخرى. وهنا علينا أن نكون موضوعيين في اختيار دولة أو دول المقارنة. فقد بلغ المتوسط العالمي لهذا المؤشر نحو 15 % في العام 2016 حسب آخر البيانات المنشورة. ولنأخذ دولة مثل مصر مقاربة في الوضع الاقتصادي معنا والذي بلغت قيمة المؤشر فيها نحو 13 % خلال السنوات الأخيرة وكذا بالنسبة لدول أوروبا الوسطى والدول الآسيوية المتوسطة والمنخفضة الدخل التي بلغت نفس النسبة. اذا، فنحن على الحد الأقصى تقريبا في منحنى العبء الضريبي، وأية زيادة في هذا العبء ليس لها أي مبرر اقتصادي موضوعي.
ثانيا. مستوى الدخل الحقيقي: في حين انخفضت قيمة مؤشر العبء الضريبي بنسبة 4.4 % خلال فترة 2010 الى 2017، نجدا أن مستوى الدخل الحقيقي للمواطن الأردني انخفض بنسبة تقارب نحو 20 %. أي أن هناك زيادة صافية في العبء الضريبي خلال هذه الفترة بنسبة تطاول 15 %، وهو أمر لعمري عبء ثقيل يقع على كاهل هذا المواطن.
ثالثا. في اعتقادي أن نسبة الـ 15 % لمؤشر العبء الضريبي في العام 2017 هي أعلى من ذلك في واقع الأمر، وذلك لأن قسما من الناتج المحلي الاجمالي قد تولد نتيجة وجود اللاجئين الذين يشكلون حسب مختلف التقديرات نحو 20 % من السكان، في حين لا يتم تحصيل ضرائب بشكل يوازي قيمة مساهمتهم في هذا الناتج، ومن ثم لاحتساب القيمة الحقيقية للمؤشر لا بد من خفض قيمة الناتج المتولد عن اللاجئين، وهو الأمر الذي قد يرفع قيمة هذ المؤشر. وقد اجتهدت لاحتساب قيمة الزيادة المفترضة، لكن البيانات المتوفرة متواضعة، ودعوني أغامر علميا بالقول أن قيمة مؤشر العبء الضريبي الحقيقي والفعلي قد ترتفع، أغلب الظن، من 15 % إلى نحو 17 %.
اعتقد أن على صناع القرار الاقتصادي الأخذ بنظر الاعتبار الحقائق الموضوعية السابقة عند إعادة صياغة قانون جديد وتحقيق المعادلة الصعبة بين الحاجة لتعزيز الموارد المالية المحلية وعدم إثقال كاهل المواطن الأردني بمزيد من الأعباء... كي "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم".