المعشر: برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي
بلغة هادئة وعقلانية، أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة الدكتور رجائي المعشر أن الحكومة تعكف على إعداد برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي، ومشروع قانون جديد لضريبة الدخل؛ عادل ويراعي جميع الفئات والطبقات، تسبقه حوارات عميقة ومكثفة مع القطاعات كافة، وليكون بديلا عن مشروع القانون السابق "سيئ الذكر".
وبين المعشر، خلال لقائه صحفيين وكتابا اقتصاديين أمس، بحضور وزير المالية عزالدين كناكرية، ووزير الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات، ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية، موسى المعايطة، ووزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين، أن "الحوارات ستكون جادة وتهدف إلى الوصول إلى توافق، فلا معنى لحوار بلا توافق، ولذلك دشنت الحكومة سلسلة حواراتها مع الإعلام، ولاحقا ستكون هناك حوارات مع الصناعيين والتجار والنقابات والأحزاب".
وبين المعشر، في اللقاء الذي غلب عليه الطابع النقاشي مع الكتاب والصحفيين، "مازلنا نضع معالم برنامج الإصلاح الوطني الاقتصادي، وسنبحث مع صندوق النقد الدولي في 16 من الشهر الحالي، خلال زيارة البعثة إلى المملكة، احتياجاتنا وطروحاتنا وسنقدم رؤيتنا، بما يناسب متغيراتنا المحلية، وسنطلب مفاوضات جديدة مع الصندوق".
وقال "إن الحكومة تسعى لتأطير رؤية حول مشروع القانون الجديد تربطه مع العبء الضريبي، الذي تجاهلته الحكومات في السنوات الأخيرة، على أن تجيب الرؤية تلك على العديد من التساؤلات حول ضريبة المبيعات، ولماذا هي 4 أضعاف ضريبة الدخل؟ متسائلا: هل هذا عادل للطبقات الفقيرة والمتوسطة؟، الا يعد تشوها؟، لكن المعشر استدرك بالقول:" أنه لانية لتخفيض ضريبة المبيعات".
و"أكد أنه لايمكن دراسة العبء الضريبي دون أن يكون هناك توازن بين ضريبة الدخل وضريبة المبيعات، ولا يعني ذلك، مرة أخرى، خفض ضريبة المبيعات، لكن يعني أن لا يكون هناك زيادة عليها لاحقا".
وقال المعشر إنه "من الضروري إعادة بناء قاعدة لضريبة الدخل لتمكننا من عمل دراسات على الأعباء الضريبية، ومن ثم إعداد قانون ضريبة دخل عادل"، مشيرا أن مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة لدراسة العبء الضريبي تستعين بخبراء من الخارج، مبينا أن "اللجنة في طور التشكل".
وعن سلبيات مشروع قانون ضريبة الدخل السابق، الذي سحبته الحكومة بعيد تشكيلها، قال المعشر إن مشروع القانون السابق قسم المستهدفين إلى مجموعات، وكانت أبرز إشكالياته "عبء الإثبات"، الذي فرضه مشروع القانون المسحوب على المكلف في حين كان يجب فرضه على المقدر، مبينا أن تغيير هذا الإجراء سيغير منهجية الإدارة الضريبية، مؤكدا أهمية تحديد دور المقدر قانونيا.
وأضاف المعشر أنه يجب التفريق بين التجنب الضريبي والتهرب الضريبي، مبينا أن التجنب الضريبي يأتي نتيجة استغلال الثغرات القانونية في القانون، وهو ما يقتضي معالجة الثغرات تلك، أما التهرب الضريبي فهو إخفاء المكلف، بشكل مقصود، لمعلومات عن دخله، وعقوبته كانت على شكلين؛ الأول غرامات نتيجة تأخره في الإجراءات، والثاني السجن على من تثبت عليه التهمة، مؤكدا "أننا إذا استطعنا إغلاق منافذ التجنب الضريبي وبعض منافذ التهرب الضريبي، نستطيع أن نحسن الأداء دون المساس بالطبقتين المتوسطة والفقيرة".
وأشار نائب رئيس الوزراء إلى النسب الضريبية المفروضة على الأفراد والقطاعات، مبينا أن هذا المحور جدلي وإشكالي، مؤكدا أن هناك معايير عالمية تعتمد لهذه الغاية، متسائلا: "ما هو المعيار العالمي الذي نريد اعتماده، مع الأخذ في عين الاعتبار أن الهدف هو عدم تحميل المواطن أعباء جديدة، لأن المواطن حمل أعباء كثيرة، وكان الضحية الأولى للإجراءات الصعبة للحكومات"، مؤكدا أنه "لابد من أسس ومعايير تتناسب والمجتمع الأردني، ومؤشرات الفقر والبطالة وسلة الاستهلاك...".
وأكد المعشر أن "تأطير وإعداد مشروع قانون جديد يجب أن يحيط بالجانب الاجتماعي والاقتصادي والمالي، وأن لايؤدي، مثلا، إلى هجرة الكفاءات الوطنية إلى الخارج، فلابد من اتخاذ قرار بعد نقاش عميق وموضوعي وفهم تام لكل المسائل".
وقال إنه "لابد من تحقيق التكافل الاجتماعي، وهو ما يعني أن يتحمل الغني ويساهم بشكل أكبر في تحمل العبء الضريبي، وأن لايتم تحميله للفقير، بل أن يساعد الغني الفقير".
وأكد أنه "لابد من دراسة آثار وتبعات زيادة الضريبة على القطاع الصناعي، والتجاري، وقطاع الاتصالات، وشركات التمويل الأصغر"، لافتا أنه عند زيادتها على قطاع البنوك، مثلا، فإن الأخيرة ستعكسها على المقترضين من المواطنين"، متسائلا:" ماهي النسبة المعقولة لفرضها على تلك القطاعات؟".
وبين المعشر أن مشروع القانون السابق جاء بنوعين جديدين من الضريبة؛ وهما ضريبة الأرباح الرأسمالية، وضريبة توزيع الأسهم، متسائلا:" هل يمكن قبولهما؟، وهل يمكن تجاوزهما؟".
وختم المعشر حديثه، بالقول "كل شيء قيد المراجعة، حتى خطة التحفيز الاقتصادي"، مبينا أن المشكلة فيها تتمثل في آلية تخصيص الأموال لبعض القطاعات.
من جانبه، قال وزير المالية "إن الحل السحري في وضعنا الاقتصادي الراهن يكمن في تحفيز النمو، فلابد من التركيز على النمو الاقتصادي".
وأضاف، خلال اللقاء، أن "النقطة الجدلية حاليا تتمثل في ماهية النسبة المثلى للضريبة على القطاعات"، مؤكدا أن "لدينا استحقاقات ولدينا إطفاء للديون في اليوروبوند، لكننا نملك خطة تسديد وخطة تدفق نقدي، وتتطلب منا أن نعزز الاستقرار المالي والنقدي، وتحقق استراتيجية الدين العام عبر تخفيضها"، مبينا أن "هناك تحديات يجب مواجهتها".
وفي مداخلة له أكد وزير الدولة للشؤون القانونية أنه "ليس لدى الحكومة مشروع ضريبة لتسويقه، ولكن هو عصف ذهني للاستماع للآراء كافة".
اللقاء مع الدكتور المعشر، وبعض الوزراء، كان عصفا ذهنيا ونقاشا، حضرت فيه النوايا الحكومية الحسنة، لفتح آفاق للحوار، ولم يكن مجرد بيان حكومي تتلوه على مسامع الصحفيين وتمضي، ولا محض قراءة لترجمة رديئة لإملاءات صندوق النقد الدولي.