200 مليون من البنك الدولي لدعم النمو الحضري
كشفت وثيقة صادرة عن البنك الدولي أمس عن قرض بقيمة 200 مليون دولار من البنك لتمويل برنامج تنفذه وزارة التخطيط والتعاون الدولي بعنوان "برنامج الأردن الحضري والمحلي للنمو المتوازن والشامل".
ووفقا للوثيقة، فإنّ تكلفة هذا البرنامج تصل إلى 400 مليون دولار، مول نصفها البنك بقرض بقيمة 200 مليون دولار، فيما تمول الحكومة البرنامج بـ20 مليون دولار.
وقال البنك إنّ الأردن يواجه اليوم "تنمية اقتصادية غير متوازنة" مع تركيز مكاني للنمو والفقر، مشيرا إلى أنّ عدد سكان المملكة ازداد بشكل كبير في المراكز الحضرية، بسبب النمو السكاني الطبيعي وبسبب استقبال عدد من اللاجئين الفارين من صراعات المنطقة.
وقال البنك، في تقرير له، إنّ النمو الديموغرافي السريع أثر على الناتج المحلي الإجمالي وحصة الفرد من الناتج المحلي، وكان له تأثير قوي على البطالة، وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعام 2017 ما نسبته 2.3 %؛ أي بزيادة قدرها 0.3 نقطة مئوية فقط على معدل العام 2016. ويتنافس اللاجئون السوريون والمهاجرون وعمال من جنسيات أخرى مع السكان المحليين للحصول على وظائف رسمية وغير رسمية وفرص كسب الرزق، ما يدفع الأجور إلى الانخفاض.
وقال البنك إنّ معدلات الفقر والبطالة تختلف عبر المملكة، ويتركز النشاط الاقتصادي بشكل كبير عند 77 % في محافظات عمان والزرقاء وإربد، من أصل اثنتي عشرة محافظة في المملكة. وقد أدى ذلك إلى وجود تباينات كبيرة في مستويات المعيشة مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في "المناطق المتأخرة".
وذكر أنه رغم أن معدلات الفقر أعلى في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة في الجنوب، إلا أن معظم الفقراء يعيشون في المراكز الحضرية وسط الأردن وشماله.
وقال التقرير "أصبح تعزيز النمو الاقتصادي وتوليد العمالة أهم أولويات الحكومة. وقد أثر النزاع والحروب الأهلية المتعددة في المنطقة، إلى جانب الركود الاقتصادي العالمي، تأثيرا شديدا على الاقتصاد الأردني".
وقال التقرير إنّ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي شهد تباطؤا غير متوقع في 2015 و2016؛ حيث إن التداعيات الجيوسياسية تسببت في خسائر. ووفقاً لخطة الاستجابة الحكومية الأردنية (JRP) 2018-2020، فإن تدفق أكثر من 650 ألف لاجئ مسجل رسمياً إلى البلاد أدى إلى توتر المجتمعات المضيفة؛ حيث زاد اكتظاظ المراكز الصحية والمدارس، وشكل اللجوء ضغطا على الخدمات البلدية الرئيسية، وزاد من التنافس على الإسكان والعمالة. واضطر الشباب والفقراء العاملون إلى دخول منافسة متزايدة على العمل، في وقت أصبح فيه وضعهم غير مستقر بشكل متزايد؛
وأكد البنك أنّه على الرغم من أنه تم حشد مساعدات مالية دولية كبيرة لدعم المجتمعات المضيفة الأردنية، إلا أن نسبة متزايدة من السكان تشعر أنهم مستبعدون من نموذج النمو الحالي.
وبين التقرير أنّه ما يزال الحيز المالي للأردن مقيدا. وبالرغم من أن الوضع المالي للأردن قد تحسن في 2017 بسبب جهود الحكومة في تطبيق إصلاحات بالتعاون مع برنامج صندوق النقد الدولي، إلا أنّ الاختلالات المالية تعالج ببطء. وما يزال العجز المالي الإجمالي يبلغ 6 % من الناتج المحلي الإجمالي، باستثناء المنح.
وأكد التقرير أن الاختلالات الداخلية والخارجية تولد احتياجات مالية كبيرة للأردن، وعادة ما يتم الوفاء بهذه الاحتياجات عن طريق المساعدات الدولية والاقليمية. ومع ذلك، فإن الاعتماد المفرط على المساعدات هذه "غير مستدام" ولا يعالج الضعف الكامن للاقتصاد الكلي على المدى الطويل، مؤكدا حاجة الأردن إلى تحسين الإنفاق العام بدون المساس بالاستقرار المالي والاقتصادي بمجرد تخفيض مصادر التمويل الخارجي.
وأشار التقرير الى أنّ الحكومة التزمت ببرنامج يشجع التنمية الاقتصادية مع سد الاحتياجات الإنمائية قصيرة وطويلة الأجل، مع الاشارة الى أنه تم صياغة هذا الالتزام في خطة تحفيز النمو الاقتصادي 2018-2022 والموضحة في رؤية الأردن 2025.
وقال التقرير إنّ الخطة تهدف الى تحقيق التوازن التنموي والحد من التفاوت وتوزيع عائدات التنمية بشكل عادل، ويعزز هذا الهدف الجهود الحالية التي تبذلها الحكومة لمعالجة معدلات البطالة المرتفعة في الأردن، لا سيما في "المناطق المتأخرة" في البلاد، وتعزيز النمو الاقتصادي.
وأضاف التقرير أن نجاح الحكومة في دفع عجلة هذا البرنامج الطموح سوف يتطلب تحقيق التوازن بين الاستثمارات الرأسمالية والإصلاحات المؤسسية، والنمو الحضري المستدام.
وأشار البنك الى أنّ النمو الديموغرافي السريع في المراكز الحضرية يؤدي إلى ضغوط هائلة على البنية التحتية وتقديم الخدمات. وقد تسارع نمو السكان الطبيعي في الأردن بسبب تدفق اللاجئين الناجم عن الأزمة في المنطقة. وانتقل معظم المهاجرين إلى المدن وضواحيها. وهذا المعدل غير المسبوق للنمو السكاني جعل من المستحيل على رأس المال والاستثمار أن يدركه.
وذكر البنك أنّه تضاعف حجم أمانة عمان الكبرى وحدها إلى 4 ملايين شخص. كما تضاعفت مراكز النمو الحضري الأخرى في المحافظات الشمالية؛ حيث يعيش أكثر من مليوني شخص في إربد والزرقاء والرصيفة والمفرق، مشيرا الى أنّ 56.5 % من سكان الأردن الآن يعيشون في هذه المراكز الحضرية الخمسة.
وأشار البنك الى أنّ مدن وبلدات الأردن غير مجهزة للتعامل مع هذا النمو السريع، ما يؤدي إلى التوسع الحضري المكلِّف، والخدمات الأساسية المكلفة وغير الكافية، والاستبعاد الاجتماعي المتزايد.
ووفقاً لتحليل البنك، فإن المراكز الحضرية الخمسة وحدها ستستهلك 69.4 كيلومترا مربعا من الأراضي المتاحة إذا استمرت في التوسع على نمط النمو الحالي. وبالمقارنة، في ظل سيناريو الرؤية المتمثل في نمو حضري أكثر تعقيدا، سيكون لدى المدن إمكانية توفير ما يصل إلى 89 % من تكلفة البنية التحتية الأساسية؛ أي ما يعادل حوالي 360 مليون دينار بحلول العام 2030، وما يصل إلى 26 % من نفقات تسليم الخدمات؛ أي ما يعادل حوالي 8 ملايين دينار في السنة. على الرغم من هذه الآثار المهمة طويلة الأجل على النمو الاقتصادي والجانب المالي، فإن صانعي السياسة المحليين في الأردن يفتقرون الآن إلى القدرة والموارد لتغيير النمو الحضري.
وقال البنك إنّ عدم التساوي في الوصول إلى الخدمات الأساسية في "المناطق المتأخرة" يزيد من التفاوت الإقليمي المتنامي، مشيرا إلى أنّ الحكومة قامت بمحاولات عدة لدعم التنمية المحلية وتعزيز النمو الاقتصادي في "المناطق المتأخرة" في المحافظات الجنوبية والشرقية حيث معدلات البطالة والفقر هي الأعلى. لكن النتائج كانت "مختلطة" ولم تحقق "الهدف" الاقتصادي المنظور؛ حيث إن الشركات كانت قريبة من الأسواق وتركز جغرافياً للاستفادة من وفورات الحجم.