خبراء: رفع الفوائد يعيق الاستثمار

- في خطوة تهدف للحفاظ على جاذبية العملة المحلية بدأ البنك المركزي الأردني برفع أسعار الفوائد على الدينار حتى لا يصبح هنالك فارق بين الفائدة عليه والفائدة على العملة الأميركية.
وبطبيعة الحال، يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة على الدينار كلما رفع البنك الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة على الدولار حتى لا يصبح الاحتفاظ بالعملة الأميركية مربحا أكثر من الاحتفاظ بالعملة المحلية.
ورفع البنك سعر الفائدة على الدينار ربع نقطة مئوية مرتين كانت الأولى في شهر آذار (مارس) الماضي وآخرها في 14 من حزيران (يونيو) الماضي.
غير أن خبراء يحذرون من هذه السياسة، بسبب التأثير السلبي لرفع أسعار الفائدة على تحفيز الاقتصاد والاستثمار اللذين يعانيان من تراجع ملحوظ في الفترة الأخيرة.
وبين الخبراء أنه في الوقت الذي يهدف فيه صانع السياسة النقدية في المملكة لتحقيق الاستقرار النقدي والحفاظ على سعر صرف الدينار، إلا أن تحقيق هذا الهدف وسط تباطؤ النمو الاقتصادي وأسعار عالية جراء الضرائب والرسوم وكلف الخدمات، له آثار سلبية على المقترضين سواء الأفراد والشركات أو على الاستثمار.
ولفتوا إلى أهمية تناغم السياسة النقدية مع متطلبات الاقتصاد الوطني في المرحلة الحالية والتوازن بينهما بعيدا عن النتاقض، وخاصة مع توقعات برفع الفائدة أكثر من مرة حتى نهاية العام الحالي.
خبير الاستثمار وإدارة المخاطر د.سامر الرجوب قال إن "أسعار الفائدة في المملكة أصلا مرتفعة وزيادتها في الظروف الحالية لها آثار سلبية متعددة".
ولفت الرجوب إلى أن الزيادة في أسعار الفائدة للحفاظ على سعر صرف الدينار يعمل على تعطيل الديون وأزمة ائتمان نتيجة ارتفاع عبء الدين على الأفراد والشركات.
وقال إن "في حال استجابت البنوك لزيادة سعر الفائدة فإن الطلب على القروض سوف يتراجع وبالتالي قيمة التسهيلات الائتمانية ستقل ما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق".
وأوضح الرجوب أن لحاق المركزي الأردني بالفيدرالي الأميركي مقدما مصلحة الاستقرار النقدي على كل المصالح الاخرى، أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة واصبحت عائقا أمام الاقتراض وتؤثر سلبا على عرض النقد.
وأشار إلى أن أسعار الفائدة أصبحت ترهق المركزي لاضطراره الى رفعها ايضا على ادوات السوق المفتوح المتمثلة بكافة اشكال السندات الحكومية التي يبيعها المركزي للبنوك وبعض المؤسسات الحكومية.
وتطرق الرجوب إلى أن الفيدرالي الأميركي ينوي رفع أسعار الفوائد أكثر من مرة هذا العام وذلك يعني أن المركزي الأردني سيلحق به الأمر الذي يعني الوصول إلى أسعار فوائد تتجاوز الاحد عشرة في المائة، ما سيفاقم الآثار السلبية لمثل تلك السياسة الانكماشية غير المقصودة.
بدوره، قال الخبير المالي مفلح عقل إن "كفة الاستقرار النقدي هي الراجحة لدى صانع السياسة النقدية، ولكن في الظروف الحالية الصعبة سيكون هناك تأثير سلبي على الاستثمار وربحية الشركات".
وبين عقل أن العلاقة عكسية بين أسعار الفائدة والاستثمار، ويؤثر ارتفاعها على كلفة الاقتراض سواء الأفراد أو الشركات أو حتى الحكومة.
ولكن قلل عقل من حدة التأثير السلبي لن تكون كبيرة كونها ليست نسبة كبيرة من كلف التشغيل لدى الشركات.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة "إن قرارات السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة حساسة جدا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والتي وصل فيها معدلات التضخم إلى مستويات عالية ليس لها علاقة بالنشاط الاقتصادي وإنما سببها سياسات مالية خاطئة".
وأضاف زوانة أن "الاقتصاد المحلي يعاني من آثار صدمة مالية تتعلق بالضرائب والأسعار والرسوم والكهرباء والماء والمديونية .. وبالتالي أصبحت السياسة النقدية تلتقي مع السياسة المالية في الإعاقة على الاقتصاد".
واتفق مع سابقيه حول التأثير السلبي لرفع أسعار الفائدة على الاستثمار والأفراد والشركات، مبينا أن كلف الاقتراض سوف ترتفع ويتعطل الإنفاق.
وقال زوانة إن "فلسفة المركزي الأردني باللحاق بالفيدرالي الأميركي كانت مناسبة في السابق ولكن في الظروف الاقتصادية الحالية لم تعد مناسبة".
وأضاف أن "السياسة النقدية بحاجة لبعض المرونة والتفهم بعيدا عن هدف الحفاظ على سعر الصرف".
يشار إلى أن المركزي الأردني قرر الإبقاء على سعر فائدة برنامج التمويل الميسر المقدم من البنك المركزي للقطاعات الاقتصادية عند 1.75 % للمشاريع داخل محافظة العاصمة،
و1 % للمشاريع في باقي المحافظات، والإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي وسعر الخصم وسعر اتفاقيات إعادة الشراء لليلة واحدة دون تغيير، وذلك اعتبارا من يوم الثلاثاء الماضي.
وبحسب بيان صادر من البنك، فإن القرار يهدف رفع سعر فائدة نافذة الإيداع إلى تعزيز الاستقرار النقدي والمالي في المملكة وزيادة جاذبية الأدوات المحررة بالدينار الأردني مقابل العملات الأخرى، كما ويهدف الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسة الأخرى دون تغير إلى تعزيز توجه البنك المركزي الرامي إلى المساهمة في حفز النمو الاقتصادي وذلك من خلال مواصلة توفير السيولة للبنوك بكلف مناسبه تعكس هذا الهدف.
كما جاء قرار الإبقاء على أسعار فائدة برنامج البنك المركزي لدعم القطاعات الاقتصادية " برنامج منح سلف متوسطة الأجل" دون تغيير، وذلك بهدف تخفيف كلف التمويل على المشاريع المستفيدة بما يسهم في تعزيز دورها في حفز النمو الاقتصادي ودفع عجلة التشغيل إذ بلغ حجم السلف الممنوحة من خلال البرنامج نحو 520 مليون دينار.