الجلطات والأمراض النفسية.. عدو سري لكرة القدم في كأس العالم
كأس العالم في كرة القدم هي موعد ينتظره المشجعون بترقب كل أربعة أعوام. إلا أن الخبراء الصحيين يحذرون من ان البطولة الأهم للعبة الشعبية الأولى عالميا، قد تتسبب بمخاطر تبدأ من المرض وتصل إلى.. الوفاة.
وحددت البحوث الطبية سلسلة مخاطر صحية تراوح بين الأزمات القلبية والجلطات، وصولا إلى ممارسة الجنس بشكل غير آمن، الحوادث، الانتحار، وارتفاع في العنف الأسري.
في العام 2010 الذي شهد إقامة مونديال جنوب افريقيا، حذرت دراسة للنشرة الأميركية الطبية "جورنال اوف ميديسين" من ان كرة القدم "ليست لعبة فقط"، مشيرة الى ان الاحداث الرياضية الكبرى قد "تزيد بشكل كبير الاخطار المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية ومعدلات الوفاة".
الأشخاص الذين يكونون تحت خطر أكبر هم من يعانون عادة من مشاكل في الشرايين والأوعية الدموية، بحسب الدراسة التي أشارت إلى ان هذه الفئة تشمل أيضا أولئك الذين يجدون أنفسهم تحت ضغط أكبر، أي "مشجع متحمس، (يوم) مباراة ذات أهمية كبرى، مباراة تنافسية بشكل كبير، خسارة، أو خسارة (فريق) مباراة أقيمت على أرضه".
وأشارت الدراسة إلى أن العديد من المشجعين الذين تابعوا مباريات عبر شاشات التلفزة، غالبا ما صاحوا بشكل "جعلهم قريبين من أزمة قلبية"، لاسيما عندما يهدر فريقهم فرصة سهلة لتسجيل هدف.
الا ان الباحثين يشددون على أهمية أخذ هذه الأمور على محمل الجد، إذ أن المشاعر القوية التي يختبرها مشجعو كرة القدم لاسيما الضغط والقلق والغضب، كلها عوامل قد تساهم في زيادة خطر الأزمات القلبية.
وتقول المتخصصة بالقلب في جمعية القلب البريطانية جولي وورد "نعرف ان هذا وقت مثير للحماس، لكن لا يجب ان ينسى (المشجعون) صحتهم القلبية".
ومن الإجراءات التي يحض عليها المتخصصون، تناول حبوب الاسبيرين التي تساهم في تسهيل جريان الدم، تمارين التأمل، وتجنب عادات مضرة مثل التدخين وتناول الطعام غير الصحي وشرب الكحول.
وبحسب دراسة أجريت في نيوزيلندا، توصل الباحثون الى رابط بين الفوز والخسارة في المباريات الرياضية، ونسبة "إقبال" الاشخاص على المستشفيات. ففي العام 2003، وبعد خسارة المنتخب النسائي المحلي في نصف نهائي كأس العالم لرياضة الركبي، ارتفعت نسبة الدخول الى المستشفيات بسبب مشاكل في القلب، 50 بالمائة. في المقابل، كانت هذه النسبة أقل بكثير بعد فوز الفريق نفسه في المباراة نفسها عام 2011.
ويشدد المتخصصون أيضا على ان أمراض القلب ليست الخطر الوحيد.
ففي دراسة أجريت على هامش كأس العالم 2014 في البرازيل، توصل الباحثون الى ان متابعة المباريات قد تؤدي الى ما يعرف بـ "جلطة العين"، وهي حالة طبية عبارة عن انسداد شرايين في العين.
وقارن الباحثون بين عدد الحالات المسجلة من هذه "الجلطة" خلال أربعة اسابيع بعد كأس العالم 2014، والفترة نفسها من العام 2013.
وفي ظل ارتفاع في الحالات بعد المونديال، خلص الباحثون إلى أن "الضغط العاطفي الذي يسببه كأس العالم هو عامل خطر" في هذا المجال.
في مجال الصحة النفسية، يعتبر الخبراء ان الأحداث الرياضية قد تساهم في زيادة شعور الأشخاص بالانتماء إلى مجموعة و"هوية مشتركة"، في حين انها قد تساهم في "زيادة الأمل" لدى مشجعي المنتخبات التي نادرا ما تحقق انتصارات، انطلاقا من الأمل في ان تكون "هذه المرة هي الأولى".
الا ان "الأمل" قد يكون سيفا ذا حدين: فمع التوقعات الكبيرة والحماس الشديد، قد تكون الخيبة قاتلة، وتقود إلى ما هو أبعد من البكاء فقط، اذ أظهرت دراسات ان معدلات الانتحار ترتفع بشكل ملحوظ بعد المونديال.
وأشارت دراسة العام الماضي الى تسجيل "ارتفاع كبير" في عدد حالات الدخول الى المستشفى لسيدات في طهران، بعد تجرعهن السم خلال الأسابيع الأربعة لمونديال 2014 الذي شهد إقصاء إيران من الدور الأول.
في المقابل، وفي العام 2012، أظهرت دراسة تسجيل "انخفاض كبير" في حالات الانتحار في فرنسا خلال كأس العالم 1998 التي استضافتها على أرضها وانتهت بإحرازها اللقب للمرة الأولى في تاريخها.
خطر آخر يواجهه المشجعون خلال كأس العالم هو القيادة بعد شرب الكحول، ما يرفع بشكل كبير من احتمالات حصول حوادث سير، اضافة إلى ممارسة الجنس بشكل غير آمن وتزايد العنف الأسري.
فقد أظهرت دراسة أجريت العام 2013 حول أنماط العنف الأسري خلال مونديالات 2002، 2006 و2010، ان خطر العنف الأسري في انجلترا ارتفع بنسبة 26 بالمئة عندما فاز المنتخب الوطني أو تعادل، وبنسبة 38 بالمئة عندما خسر.
وتشدد وورد على ضرورة "شرب الكثير من المياه" خلال متابعة المباريات، والتقليل من المشروبات الغنية بالسكر او الكافيين "لأنها قد تؤثر على نبض القلب". من الضروري أيضا "عدم الجلوس لفترات طويلة" والتحرك مرة كل نصف ساعة على الأقل.