الملك يؤكد على أهمية الدور الفرنسي في إيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية
جراءة نيوز - باريس - صالح الدعجة : أجرى جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم الثلاثاء مباحثات مع الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند في قصر الإليزيه في باريس تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، والتطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا جهود تحقيق السلام، ومستجدات الأوضاع المتفاقمة في سورية.
وهنأ جلالته الرئيس اولاند بفوزه بانتخابات الرئاسة الفرنسية، معربا عن تقديره لدعم فرنسا المستمر لجهود تحقيق التنمية المستدامة في الأردن، وتنفيذ البرامج والمشروعات التنموية الكبرى في عدد من القطاعات الحيوية، خصوصا الطاقة والنقل والمياه.
وأكد جلالته خلال المباحثات أهمية الدور الفرنسي في محيطه الأوروبي وعلى الصعيد الدولي لإيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وتكثيف الجهود لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للعودة إلى المفاوضات المباشرة لحل جميع قضايا الوضع النهائي، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
وتطرقت المباحثات إلى التطورات المتسارعة على الساحة السورية، حيث أعرب جلالته عن قلق الأردن للتصعيد الحاصل وازدياد حدة العنف هناك، وانعكاساته على دول المنطقة.
وأكد جلالته أن الأردن يؤمن بضرورة إيجاد مخرج سياسي للازمة السورية، ويدعم جهود المبعوث الأممي والعربي كوفي عنان للتوصل إلى حل يوقف سفك دماء الأبرياء، ويحافظ على وحدة سورية وشعبها، لافتا إلى أن الوضع السوري المتأزم يستدعي تضافر جميع الجهود العربية والدولية.
كما استعرض جلالته والرئيس الفرنسي، خلال المباحثات، مآلات الربيع العربي وتأثيراته على مستقبل المنطقة، والتحديات الاقتصادية التي تواجه شعوبها وسبل التعامل معها، مؤكدا جلالته أهمية الاستفادة من هذا الربيع لتحقيق مخرجات إيجابية لشعوب المنطقة.
وأشار جلالة الملك إلى الخطوات الإصلاحية التي اتخذها الأردن للتسريع في تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل الذي يمكن الأردنيين من الانتقال إلى مرحلة جديدة يواصلون من خلالها مسيرة البناء والتحديث والتطوير بعد إنجاز القوانين الناظمة للحياة السياسية التي استوجبتها التعديلات الدستورية التاريخية، خصوصا قانون الانتخاب.
ولفت جلالته إلى أن العد التنازلي قد بدأ فعلا لإجراء الانتخابات النيابية في الأردن مع نهاية العام الحالي وفق قانون الانتخاب الجديد الذي اصبح نافذا منذ بداية هذا الأسبوع، ولأول مرة بتاريخ المملكة بإشراف وإدارة هيئة مستقلة للانتخاب، بما يؤدي إلى الانتقال بالإصلاحات من المرحلة النظرية إلى مرحلة التطبيق الفعلي.
من جهته، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية عمق علاقات الصداقة التي تجمع فرنسا والأردن، ورغبته في تعميق الشراكة بين البلدين على الصعد السياسية والاقتصادية والأكاديمية والعلمية والثقافية.
وعبر عن تقديره للأردن على الاستجابة لمتطلبات شعبه بالرغم من الظروف الصعبة المحيطة به، معربا عن دعمه للمملكة لتعميق دورها الاستراتيجي الهام في المنطقة وتعزيز فرص تحقيق السلام والاستقرار.
وثمن التزام الأردن بعملية السلام والجهود الساعية لاستئناف الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولا إلى حل للصراع من خلال المفاوضات.
وشدد الرئيس الفرنسي ، ووفقا لبيان صدر عن الرئاسة الفرنسية في ختام المباحثات، على إدانته للوضع الدموي في سوريا، وأكد دعمه لمهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية، كوفي عنان، وكذلك للجهود الساعية لتنفيذ خطة السلام التي تبنتها الأطراف المشاركة في اجتماع جنيف يوم السبت.
وعبر عن تقديره لمشاركة الأردن في إجتماع مجموعة أصدقاء سوريا القادم والمزمع عقده في باريس في السادس من تموز، مؤكدا دعمه لموقف المملكة في تحمل أعباء استضافة آلاف السوريين جراء الأزمة التي تشهدها بلادهم.
وأعرب الرئيس اولاند عن مساندة فرنسا لجهود الإصلاح الشامل في الأردن في سياق العلاقات الثنائية، وفي إطار الإتحاد الأوروبي وشراكة دوفيل المنبثقة عن مجموعة الثمانية، معربا عن سعادته لقرار الأردن تولي الرئاسة المشتركة للاتحاد من أجل المتوسط، مما يعني تكريس جهوده لتنفيذ مشاريع ملموسة تلبي حاجات شعوب المتوسط.
وحضر المباحثات سمو الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته، ووزير الخارجية ناصر جودة، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، والسفيرة الأردنية في فرنسا دينا قعوار، وعدد من كبار المسؤولين الفرنسيين، والسفيرة الفرنسية في الأردن كورين بروزيه.
وكانت جرت لجلالة الملك عبدالله الثاني لدى وصوله قصر الأليزيه مراسم استقبال رسمية، حيث استعرض جلالته حرس الشرف الذي اصطف لتحيته.
وأكدت الرئاسة الفرنسية، في بيان لها في ختام مباحثات جلالة الملك والرئيس اولاند، دعم فرنسا لقطاع الطاقة في الأردن، حيث خصصت قرض بقيمة 150 مليون يورو، على أن تؤمن الدفعة الأولى قريبا.
ويشار إلى أن اتفاقية القرض الميسر بين الحكومة الأردنية والوكالة الفرنسية للتنمية جاءت لدعم جهود الحكومة الأردنية لتخفيض عجز الموازنة، وتعزيز فعالية قطاع الطاقة في المملكة، وذلك تقديرا من فرنسا لالتزام الأردن بالإصلاحات الاقتصادية وانعكاسا للتعاون المتميز بين البلدين في المجالات التنموية.
كما تم التوصل إلى اتفاق بين البلدين للتعاون في مجال الحماية والأمن المدنيين بين وزارة الداخلية الأردنية ونظيرتها الفرنسية، واتفاقية أخرى حول الإعفاء المتبادل من تأشيرة الإقامة القصيرة لحملة جوازات السفر الدبلوماسية بين وزارتي الخارجية في البلدين.
وتعد فرنسا من أكبر الدول الأوروبية التي لها استثمارات في المملكة في مجالات الاتصالات والمياه والبنى التحتية.
وفي إطار متصل، التقى جلالة الملك في باريس اليوم رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك إيرولت، وبحث معه آليات تطوير التعاون الثنائي، والأوضاع الراهنة في المنطقة.
وأكد جلالة الملك خلال اللقاء عمق علاقات التعاون بين البلدين، مشيرا إلى الفرص المتاحة لتطويرها ومأسستها في جميع المجالات، خصوصا في الميادين الاقتصادية والاستثمارية بمساهمة القطاع الخاص الأردني والفرنسي.
وتناول اللقاء بحث سبل تحريك العملية السلمية وحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، والأوضاع المتأزمة في سورية.
وثمن رئيس الوزراء الفرنسي جهود جلالة الملك الموصولة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وقيادته المتميزة لجهود الإصلاح الشامل في الأردن في مختلف المجالات.
وأشاد في هذا السياق بقدرة الأردن على الإسهام بشكل كبير في الإبقاء على زخم عملية السلام في المنطقة بالرغم من التطورات المتلاحقة إقليميا، مؤكدا حرص فرنسا على الاستمرار في دعم المملكة اقتصاديا.
كما استقبل جلالة الملك في مقر إقامته في العاصمة الفرنسية باريس رئيسة لجنة الصداقة الأردنية الفرنسية في مجلس الشيوخ الفرنسي، كريستيان كاميرمان، حيث جرى بحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصا سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات البرلمانية والتشريعية.
وتطرق جلالته إلى التحديات السياسية التي تواجه الشرق الأوسط في هذا الوقت، واستحقاقات الربيع العربي في المنطقة.
كما استعرض جلالته الخطوات والإجراءات التي اتخذها الأردن على طريق تحقيق الإصلاح الشامل وتوسيع المشاركة في الحياة السياسية وعملية صنع القرار، والتي كان أهمها التعديلات الدستورية، والقوانين الناظمة للحياة السياسية، لافتا جلالته في هذا الاطار إلى أهمية دور الشباب الأردني في المضي قدما في الإصلاح وبناء مستقبل أفضل للأردن.
وعبر جلالته عن تقديره لدعم فرنسا ومساندتها للمملكة في جهودها الإصلاحية، مشيرا إلى فرص الاستفادة من الخبرات الفرنسية الرائدة في تعزيز عملية الإصلاح في المملكة، خصوصا دعم آليات عمل الهيئة المستقلة للانتخاب وإنشاء المحكمة الدستورية، بما يساعد على بناء حياة ديمقراطية حزبية برامجية.
من جانبهم، أعرب رئيس وأعضاء اللجنة عن تقديرهم لجهود الإصلاح التي يقودها جلالته ولدوره في العمل على تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، مؤكدين حرصهم على تطوير علاقات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وفي العمل مع الجانب الأردني لتعزيز التعاون في المجالات العلمية والثقافية والأكاديمية.
وفي تصريحات لوكالة الأبناء الأردنية والتلفزيون الأردني، قالت رئيسة لجنة الصداقة البرلمانية الأردنية الفرنسية في مجلس الشيوخ إن اللقاء مع جلالة الملك ركز على قضايا مهمة، خصوصا مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط والجهود التي يبذلها الأردن من أجل تحقيق الإصلاح.
وأكدت كريستيان أن مجموعة الصداقة متحمسة للعمل من أجل تطوير العلاقات مع الأردن وتقديم الدعم له، لاسيما في مجالات تعزيز الديمقراطية وتطوير التشريعات السياسية.
وعبرت عن سعادتها والمجموعة بلقاء جلالة الملك، وقالت "نحن سعداء بلقاء جلالته فهو قائد يمتلك رؤية تقدمية من أجل بلاده ويسعى لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط".
وأكدت أن مجموعة الصداقة الأردنية الفرنسية في البرلمان الفرنسي ستعمل مع الرئيس الجديد من أجل دعم الأردن في مشروعه الإصلاحي، وكذلك تقديم مزيد من الدعم الفرنسي للمملكة في مجالات الطاقة والتنمية.