اقتصاديات جانب العرض : نموذج للتحفيز

في خطوة عملية لتحفيز جانب العرض؛ أي لتحفيز المزيد من الإنتاج والاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد خرجت حكومة دولة الإمارات بباقة مميزة وحزمة تنافسية غير مسبوقة فتحت فيها الآفاق لكل من يرغب في التوسع والاستثمار، ولكل من لديه مشاريع ريادية أو حتى أفكار إبداعية.
وكلَّلت ذلك كله بدعم البحث والتطوير والإبداع الابتكاري والمبدعين والمبتكرين، هذا النموذج ميزته الأساسية أنه ليس خطة على الورق بل قرارات تم اتخاذها على أرض الواقع فالتخطيط والخطط وحدهما لا يعنيان شيئا إن لم توضع معهما، جنبا إلى جنب، الخطط التشغيلية التنفيذية الجادة التي تعني أنَّ المُخطط يعني ما يقول ويعمل لتحقيق ما يهدف إليه. 
اليوم أصبح بإمكان الشركات الكبرى وكبار المستثمرين تملك كامل حصصهم في استثماراتهم؛ أي بنسبة 100 % دون أي معيق، وأصبح بإمكان أصحاب الأفكار الإبداعية والمشاريع الريادية الحصول على الإقامة الدائمة لمدة عشر سنين قابلة للتجديد، طالما أنَّ الفكر يتجدَّد والإبداع يستمر والعطاء قائم.
بل وأصبح من حق أصحاب الاستثمارات استقطاب العقول من شتى بقاع الأرض واحتضانها في الدولة، والاستثمار في أفكارها دون عوائق للإقامة أو التوسُّع، وهذه خطوة تعني اهتمام الدولة في تحفيز الاستثمار في مجالات البحث والتطوير على المستويات المختلفة، وخاصة في المجال الطبي والتكنولوجي وفي مجالات إنترنت الأشياء، وغيرها من متطلبات النهوض في الاقتصاد ضمن معطيات الثورة الصناعية الرابعة التي يعيشها العالم اليوم.
والمستفيد الأعظم من ذلك كله هو الاقتصاد نمواً وتنميةً، والمستفيد أيضا هم المقيمون والعاملون في هذا الاقتصاد.
التوسُّع في الحوافز واستقطاب الاستثمارات، واتخاذ قرار بتجميد قوانين الضرائب والرسوم لمدة ثلاث سنوات لطمأنة المستثمر أنه لا يتم استدراجه لكي يبدأ العمل، ومن ثمَّ يُوَاجَه بسيلٍ من الضرائب والرسوم، كل ذلك هو مفتاح تنشيط قطاعات العقار والمال والتقنيات والخدمات العامة والخاصة. 
هذه الخطوات الجادة تفاعلت معها شتى منصات التفاعل والتواصل الاستثماري، وبالضرورة فإنَّ ترتيب دولة الإمارات في تقارير التنافسية وبدء الأعمال سيقفز إلى مراتب متقدمة عالميًّا، علماً بأنها تتربَّع في أعلى هرم الترتيب على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن بالضرورة سيكون ترتيب الدولة في المراتب العشر الأولى خلال السنوات القليلة القادمة بدون جدال.
الشاهد من ذلك كله أنَّ الدول التي يهمها تحفيز اقتصادها وتحريك عجلة نموه، وتحقيق معدلات تنموية متوازنة تلجأ إلى قرارات تحفيزية فعلية على أرض الواقع فلا يكفي الإعلان عن الخطط والمبادرات، بل يجب البدء بتنفيذ حالة من الحراك الفوري على كافة مستويات الدولة، لاتخاذ قرارات فورية تشير إلى جدية الدولة في حفز الاقتصاد واستقطاب الاستثمارات وتشجيع المبدعين والمبتكرين، ليس فقط من داخل الدولة، وإنما على نطاق القرية العالمية الواسعة.
بدأت الحكومة في الأردن بنشاط كبير في مجال تحفيز الاقتصاد، بيد أنَّ ذلك لم يعد على شاشة الرادار الحكومي واختفى لصالح الحراك القائم حول قانون الضريبة الجديد الذي بات الخبر الوحيد عن الاقتصاد الأردني وعن الخطط المستقبلية له. 
إنَّ الحقيقة التي نحتاج أن نعيها اليوم، هو أن تحقيق النمو وتحريك عجلة الاقتصاد هو الضامن الأكبر للاستقرار المالي، ولتخفيف عبء المديونية، ومكافحة العجز المالي، وهو الكافل لتوليد فرص العمل، ومحاربة البطالة، وتخفيف حدة وأثر جيوب الفقر، بل وزيادة حصيلة الإيرادات الحكومية بما فيها الضرائب. 
في حين أنَّ الأدبيات الاقتصادية لم تُشر يوما إلى أنَّ قوانين الضرائب، بالرغم من أهميتها، ستؤدي إلى تحقيق أيٍّ من تلك الأهداف، بما فيها أهداف زيادة الحصيلة الضريبية، وعلى العكس فإن زيادة الضرائب قد يؤدي إلى تراجع حصيلة الإيرادات الضريبية.
إن سياسات جانب العرض وتحفيز الاستثمار بشكل فعلي وجاد هي المخرج المأمول، ولنا في النموذج المذكور هنا ما يُعزز ذلك.