خبراء يدعون الحكومة لفتح حوار صريح حول الضريبة
دعا خبراء اقتصاديون وممثلون عن بعض القطاعات الاقتصادية والمالية لفتح حوار صريح حول مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد.
كما رسم هؤلاء مستقبلا قاتما للنمو والاستثمار في المملكة سيوقعه مشروع قانون ضريبة الدخل بصورته التي أقرها مجلس الوزراء.
وخلصوا أمس حول "أثر مشروع قانون الدخل على القطاعات الاقتصادية"، بحضور معنيين في فعاليات اقتصادية، وأدارتها رئيسة التحرير الزميلة جمانة غنيمات، إلى أن التوقيت غير مناسب لطرح هذا التشريع الذي يأتي في وقت يشهد الاقتصاد الوطني تباطؤا ويحوم حول نمو 2 %، محذرين من الأعباء التي سيفرضها مشروع القانون وتقود البلاد إلى مزيد من التقليل في الإنفاق، على النقيض من موازنة الحكومة التي وصفوا إنفاقها بأنه "غير كفؤ".
ويذهب هؤلاء إلى أن واقع مشروع قانون ضريبة الدخل يعاقب الملتزمين عبر زيادة نسب الضرائب على البنوك والتأمين وغيرها كشركات مساهمة عامة والتي بالأصل العائد على الاستثمار فيها يعد منخفضا نتيجة ارتفاع الكلف في بيئة العمل بالمملكة، مشيرين إلى أن القانون جملة وتفصيلا لا ينسجم مع حديث الحكومة عن التحفيز الاقتصادي.
ويحذر هؤلاء من أن ارتفاع أسعار الفائدة المتوقع خلال العام ونصف العام من هذا الوقت سيعني زيادة أعباء المقترضين من شركات وأفراد إلى جانب الزيادات الكبيرة التي أحدثتها السياسة المالية بإخضاع أكثر من 160 سلعة لنسب ضريبة عامة على المبيعات بنسب وصلت إلى 10 % سيؤدي الى موجة تضخم مع عدم تنامي في المداخيل الذي يعرض شركات ومؤسسات إلى الافلاس.
ويجد غالبية الخبراء أن الحل الأمثل في هذه الظروف هو اعلان الحكومة عن تقشف حقيقي وتخفيض موازنتها بنسبة 10 %، لتبلغ نحو 700 مليون دينار، دون المساس بالنفقات الرأسمالية بدلا من الزيادة في النفقات التي تنفذها ومعظمها جارية، مؤكدين أهمية التفكير بسياسة اقتصادية وليس بسياسة مالية تقوم على الجباية وتعتمد ارقاما بالأصل لا تتحقق للخزينة.
وحول انخفاض عبء الضريبة على المواطنين بالمقارنة بالعديد من الدول، بين هؤلاء أن الترويج لتلك النظريات ومقارنة المواطنين بغيرهم يفترض أن يوازيه طبيعة دخل المواطن الأردني مقابل أية دولة أخرى، بالإضافة إلى طبيعة الخدمات التي تقدم في تلك الدول وخصوصا من سكن وتعليم وصحة.
وبين هؤلاء أن النتائج السلبية ستدفع بعض المواطنين، جراء تخفيض الإعفاءات بنسبة وصلت إلى 40 % عند مقارنة القانون الساري للعائلة والذي يمنح الأسرة 28 ألف دينار مقابل 16 ألف دينار، إلى تقليص نفقاتهم بصورة مضرة وتؤثر على شبكة الأمان الاجتماعي.
واعتبروا أن مشروع القانون أفرد مواد ورفع نسبا تصل إلى مشاركة الشركات الملتزمة الى 50 % ( 40 % كحد أعلى وأخرى 10 % على التوزيعات النقدية)، لكن المشرع تهاون في التفكير ووضع النصوص القانونية اللازمة التي تحقق الدخل من المتهربين وخصوصا من أصحاب المهن الحرة.
الحكومة تطرح مشكلات لا حلولا
قال الخبير المالي، مفلح عقل، إن الوضع الاقتصادي في الأردن في سوء والحكومة تزيده سوءا عن طريق سياسات تتبعها ستؤدي إلى نتائج سلبية.
وأضاف عقل أن الدليل على ذلك أن المؤشرات المالية الأخيرة تشير إلى أن المديونية في ازدياد على عكس ما تقول الحكومة أنها خفضت الدين العام، إلى جانب أن العجز ما يزال مرتفعا.
وقال: "أعتقد أن الضريبة ليست علاجا وإنما هي زيادة لمشكلة وبؤس المواطن وفقره."
بين عقل أن الشركات توزع أرباحها ضمن ثلاث شرائح، وهي أولا كضريبة تدفع للحكومة، ثانيا جزء منها كأرباح غير موزعة لكي تستطيع من خلالها التوسع وزيادة الانتاجية، وثالثا هي توزيعات للمساهمين، مشيرا إلى أن هذه المعادلة في حال طغت واحدة فإن المكونات الثانية سوف تتأثر سلبا.
وقال عقل إنه في حال اتخذنا البنوك، كمثال فإنها لن تستطيع زيادة قاعدتها في الإقراض إلا إذا زادت قاعدتها الرأسمالية، والبنوك لا تستطيع زيادة قاعدتها الرأسمالية إلا من خلال النمو بالاحتفاظ بأرباح غير موزعة، لافتا إلى أن زيادة الضريبة على البنوك سيضعف معدل النمو لديها.
وأشار إلى المخاطر المحيطة بالمنطقة والتي تتطلب وجود قطاع مصرفي قوي، مستغربا من التحيز دائما ضد البنوك، بأنها قطاع يربح بمعدلات عالية وبسهولة دون النظر إلى التكاليف العالية والمخاطر التي تتحملها البنوك لتحقق عوائدها.
وأكد عقل أن زيادة فرض الضرائب على البنوك سيضعف قدرتها على النمو واضعاف قدرتها على منح التسهيلات وإضعاف قدرتها على توزيع الأرباح.
بدوره، قال مدير عام جمعية البنوك، عدلي قندح، إن أي سياسة اقتصادية أو ضريبة تكون بناء على الدورة الاقتصادية للبلد، ولكن الدورة الاقتصادية في الأردن تمر في تباطؤ شديد منذ سنوات، ولذلك يجب أن تكون هناك سياسات تحفيزية للاقتصاد في ظل عوامل وظروف خارجية وأخرى داخلية.
وأضاف قندح أنه نتيجة وجود تلك العوامل فإن على الحكومة استخدام الأدوات المتوفرة من سياسات نقدية ومالية لتحفيز النمو الاقتصادي، ولكن للأسف ما هو حاصل في المملكة منذ سنوات هو أن الحكومة لجأت لسياسات اقتصادية وتحديدا في السياسة المالية بصورة عكسية تثبط النمو وبالتالي نحن نعمل عكس التيار، وهذا سوف يعمل على تفاقم حالة الركود وهذا ما نلمسه يوميا وسنة بعد سنة.
وأشار إلى أن الدليل على عمل الحكومة عكس التيار هو مؤشرات النمو التي نشهدها والتي تعتبر قليلة جدا إلى جانب تفاقم معدلات البطالة في ظل الأزمات الإقليمية والهجرات إلى الأردن.
ورأى قندح أنه عند العمل على السياسة الضريبة يجب أن لا نركز على ضريبة دخل فقط وإنما النظر إلى نظام ضريبي شامل، وعند مراجعة النظام الضريبي في الأردن نجد خللا وتركيزا على ضريبة المبيعات وهذا يضر بالطبقة الفقيرة والمتوسطة وبالتالي هناك تحيز ضد تلك الطبقتين.
وأشار إلى أننا نرى في مشروع قانون ضريبة الدخل المطروح حاليا أن الحكومة وسعت الشريحة ورفعت النسبة أيضا بنحو 40 % وهذا ضغط كبير ومزيد من العبء على المواطنين، مبينا أنه في الأصل لا بد من مراجعة النظام الضريبي بشكل شامل ومجمل.
قتل الاقتصاد
خبير الاستثمار وإدارة المخاطر الدكتور سامر الرجوب قال إن مشروع القانون لن يعالج الاختلالات الضريبية وهدفه هو ملاحقة المكلفين الملتزمين حاليا وزيادة الاعباء عليهم وليس معالجة التهرب الضريبي.
ورأى الرجوب أن هناك تسلطا واضحا وموجها ضد الطبقة الوسطى، ويوجد انتقائية بشكل عام لتحصيلات القطاعات التي تعتقد الحكومة أنها تحصل دخولا عالية.
واعتبر الرجوب أن معدل النمو الحالي هو 1.8 % وأنه سيستمر بالنزول، ويأتي مشروع القانون هذا برفع ضرائب في ظل كساد، مبينا أن "الحكومة لا تحل مشكلة وإنما تعمل على تفاقم المشكلة".
ورأى الرجوب أن الحكومة دائما تتحدث عن خطة تحفيز اقتصادي وللأسف هذا لا يعتبر تحفيزا وإنما خطة تنمية شاملة وهناك فرق كبير بينهما، موضحا أن خطة التحفيز عادة تكون مبنية على قواعد ثابتة منها تخفيض الفوائد واعطاء اعفاءات للعديد من القطاعات للنمو وزيادة الانتاجية، ولكن ما تقوم بهد الحكومة هو رفع تكليف الانتاج وزيادة العبء على الطبقة الوسطى.
وأكد أن استمرار تلك السياسات سوف يخفض نسبة النمو الاقتصادي إلى نقطة المقتل وهي أقل من 1.5 %، مشددا على أنه لايوجد أي تحفيز في خطة التحفيز التي تتحدث عنها الحكومة، وإنما رصد مبلغ مالي كبير.
وانتقد الرجوب تركيز الحكومة على هدف تخفيض العجز مع ترك التركيز على النمو وبذلك فإنها تقتل الاقتصاد.
وداعا للطبقة الوسطى
قال الخبير المالي في قطاع التأمين، مؤنس حداد، إنه إذا كان هدف الحكومة تحفيز الاقتصاد فإن عليها تخفيض الضرائب، وليس زيادتها وتوسيع الشريحة في المكلفين.
وبين حداد أن النظريات الاقتصادية في الدول تشير إلى أنه في حال وجود ركود اقتصادي فيجب منع ارتفاع الضرائب وإنما تخفيضها لتحفيز النمو.
وأكد أن رفع حجم الضريبة على المواطن سيقلل من قدرته الشرائية، وبالتالي القضاء على الطبقة الوسطى المستهدفة من هذا القانون، مما يحدث فجوة كبيرة بين الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية.
ورأى حداد أنه كلما زادت الشريحة الضريبية زاد التهرب الضريبي، وليس كما تهدف الحكومة إلى تخفيض التهرب، مبينا أنه وبحسب الدراسات الضريبية فإن أي زيادة في الشريحة الضريبية بشكل مبالغ فيه يؤدي إلى انخفاض الحصيلة الضريبية المتحققة وهذا ما يسمى بأن الضريبة تأكل نفسها.
الأمن الغذائي الأردني
من جانبه، قال مدير الاتحاد العام للمزارعين محمود العوران إنه بالنسبة لموضوع التهرب الضريبي هناك سؤال مهم يتمثل في أن عقوبات التهرب موجودة أصلا، ولكن السؤال هل فعلتها الحكومة، لنتحدث الآن عن تغليظ العقوبات في مشروع القانون؟.
وأضاف العوران أنه عند الحديث عن القطاع الزراعي فإنك تتحدث عن الأمن الغذائي وأن معظم القطاعات صناعية أو تجارية تعتمد على هذا القطاع.
وقال العوران إن معظم دول العالم تدعم القطاع الزراعي لأهميته، مستغربا من دور الحكومة تجاه القطاع المحلي.
واستهجن العوران محاسبة مشروع قانون ضريبة الدخل لشركات الزراعة على المبيعات وعدم المحاسبة على صافي الدخل، معلقا أن "هذا غريب ومخالف لباقي القطاعات وهذا يعتبر ظلما".
وقال إن القطاع لم يتخلص من ضريبة المبيعات التي فرضتها الحكومة على القطاع مع بداية العام لنتفاجأ الآن بفرض ضريبة دخل على المبيعات وليس على الأرباح.
ورأى العوران أن هناك مخططا قديما على القطاع الزراعي عمره 15 عاما هدفه عدم وجود زراعة ناجحة في الأردن لغاية العام 2025 لصالح الكيان الصهيوني الذي هو الوحيد الذي بقي من الدول المجاورة قادرا على التصدير في ظل الأزمات السياسية في الإقليم.
وقال إن المخطط بدأ بالحديث عن عدم توفر المياه في الأردن ونقص السدود. وربط العوران أيضا المخطط بعدم وجود ممثل عن القطاع الزراعي الأردني في المؤتمرات الدولية والمحلية، قائلا "أنا أتحدث عن زعزعة في الأمن الغذائي سوف نشهدها قريبا".
وقال العوران إنه عندما أتحدث عن أمن غذائي اتساءل عن استراتيجيات لحماية هذا الأمن.
وحول تأثير القانون على قطاع الزراعة، قال العوران إنه سيحدث تحويل للأراضي الزراعية إلى سلع، في ظل انخفاض الأراضي الزراعية كونها ليست كالأراضي الأخرى التي تشهد ارتفاعا في أسعارها.
وبين أنه سيحدث غياب للأمن الغذائي في ظل وضع حصار اقتصادي في المنطقة نتيجة الأزمات السياسية.
وقال إن القطاع الزراعي يعاني من مشكلة التغير المناخي من جهة والتشريعات والقوانين من جهة أخرى والتي بدأت برفع أجور العمالة الوافدة في هذا القطاع.
وأوضح أنه إذا بدأنا نتحدث عن حل في هذا القانون فإننا نقبل أن يكون هناك فرض ضريبة على ربح الشركات الزراعية وليس مبيعاتها، ولكن الحديث دائما أن المزارع خسران ولا يربح.
ولفت إلى أنه يجب أن يتم التركيز في الضريبة على الوسيط وسوق الجملة المركزي الذي هو من يربح.
"مشروع القانون" يضرب الاستثمار
بدوره، قال الخبير المالي سامر سنقرط إنه عادة عند رفع النسب الضريبية على القطاعات الاقتصادية المختلفة فإن ذلك يؤدي إلى تقليل الدخل المتاح للاستثمار والإنفاق، وبالتالي تخفيض الاستهلاك مما يؤدي إلى تثبيط النمو الاقتصادي.
ورأى سنقرط أن التوقيت لمشروع هذا القانون جاء في وقت سيئ بالنسبة للظروف الاقتصادية الصعبة والركود والتباطؤ الاقتصادي.
وأكد أن مشروع القانون طارد للاستثمار لأن هناك العديد من المستثمرين ينقلون استثماراتهم خارج الأردن، نتيجة ارتفاع الضرائب وعدم الاستقرار التشريعي الذي أدى إلى فقدان الشركات القدرة على التخطيط للمستقبل وتحديدا التي تخطط للتوسع مستقبلا.
وقال سنقرط إنه من الطبيعي أن زيادة نسب الضريبة على القطاعات سيكون له أثر سلبي على الاستثمار وعدم القدرة على التوسع في المشاريع.
وأضاف أن ارتفاع التكلفة الضريبية على الشركات يعني انخفاض السيولة والقدرة على الاستثمار، ومثال على ذلك أن رفع الضريبة على البنوك سيزيد بطريقة غير مباشرة الفائدة على الاقتراض، وبالتالي فإن التمويل لغايات الاستثمار سوف يتراجع ما سيؤدي إلى تقليص فرص التوسع في الاستثمار.
وأما بالنسبة لناحية الادخار فإن البنوك سوف تلجأ إلى تخفيض الفائدة على الودائع، وبالتالي تراجع الدخل المتأتي من هذه العملية مما سيؤدي إلى تقليص حجم الاستثمار أيضا.
وأكد سنقرط أنه سوف يؤثر مشروع القانون على مفهوم ازدياد الثروة في المجتمع، وبالتالي مع فرض الضرائب ستتأثر قدرة المواطن على الاستهلاك والإنفاق مما سيؤدي إلى تقلص الطلب بشكل عام.
بدوره، قال الرجوب إن صافي الزيادة في الاستثمارات الأجنبية في الأردن انخفضت بنسبة 26.5 % في كانون الثاني (يناير) الماضي مقارنة مع نفس الشهر من العام السابق.
وأكد الرجوب أن التوقيت الحكومي برفع الضرائب على قطاعات مهمة سيعمل على هروب عدد أكبر من الاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى أن بندا مهما ويعتبر من محركات الاقتصاد وهو السيولة والتي ستتأثر سلبيا وبشكل مباشر نتيجة ارتفاع الضريبة.
وقال الرجوب إن "الحكومة تلعب على محركين رئيسيين في الاقتصاد وهما الاستهلاك والاستثمار، إذ قامت برفع الضريبة وهذا يؤثر على الجانب الاستثماري ورفع الفائدة من جهة وهذا يؤثر على الجانب الاستهلاكي، وللأسف الحكومة أضعفت هذين المحركين بشكل كبير بسياساتها".
وقال العوران إن مشروع القانون يعد طاردا للاستثمار ويؤثر على الرقعة الزراعية في وقت يجب فيه تغطية احتياجات السوق المحلية من الأصناف الطازجة سواء كانت الخضار أو الفواكه بدلا من استيرادها من السوق الصهيونية "ليصبح غازنا وغذاؤنا وماؤنا من هذه السوق".
وفي هذا المحور، قال سنقرط إن ضريبة التوزيع الجديدة المفروضة على أرباح الأسهم تعتبر مزدوجة لأنها تؤخذ مرة عن مجموع صافي الأرباح والمرة الثانية عن التوزيع، وهذا يؤثر سلبيا على السوق المالية، علما أن عدد الشركات التي توزع قليل جدا مقارنة بعدد الشركات الإجمالي.
حداد رد في هذا الخصوص، أن الضريبة على الأسهم ثلاثية لأنه وإضافة إلى أن الأسهم تخضع لضريبة دخل و10 % ضريبة على التوزيع، فإن الأشخاص الاعتباريين الذين يحصلون على هذه الارباح يسجلون في قائمة الدخل كعوائد توزيعات بحسب المعايير الدولية وبالتالي تدخل ضمن الربح لهذه الشركات وهذا الربح خاضع للضريبة بنسبة 40 % لشركات التأمين ما يجعل هذه الاسهم تخضع للضريبة 3 مرات، وهو منفر للاستثمار في هذه السوق.
عقل، من جهته، اعتبر أن إنتاجية العامل الأردني متدنية، وأن التحسين من هذه الانتاجية من خلال استعمال المزيد من التكنولوجيا فإنه يساهم بجزء من زيادة الإنتاجية، غير أنه من المعيقات التي تظهر في هذا المجال أن الأرباح تخضع للضرائب ما يجعل الاستثمار في التكنولوجيا ليس مجديا، كما أن موضوع الفوائد ليس عليه سيطرة، لأنه ومنذ ربط الدينار بالدولار لم نعد نستطيع السيطرة عليه ما يجعل قضية زيادة الفوائد أمرا محسوما.
وقال إن الأمر لايقف عند موضوع الإقراض بل يتعداه إلى عبء الدين على الحكومة والتي يترتب عليها الآن حوالي 28 مليار دينار، هو يزيد من عبء خدمة الدين التي تقارب 1200 مليون دينار سنويا تضاف إلى الأقساط.
وقال إن هذه العوامل تجعل الاقتصاد محملا بكثير من الأعباء، وبحاجة إلى حلول بعيدة عن طريق فرض الضرائب، مشيرا إلى ان العجز المالي متزايد إذ سجل في الشهرين الأولين من العام حوالي 300 مليون دينار، علما بأن البنوك تدفع الضرائب المترتبة عليها في هذه الفترة للاستفادة من الخصم بمقدار 6 %.
ورأى أنه إذا استمر العجز على معدله السابق فإنه سيظهر الكثير من الصعوبات والعقبات مع تخوف من أي سياسة تبالغ في فرض الأعباء على المواطنين وأن تؤدي إلى التأثير على الانفاق الكلي وخروج بعض الشركات من السوق لعدم مقدرتها على تحقيق الدخول والأرباح، وبالتالي إفلاس بعض الشركات.
وانتقد عقل إدخال السوريين إلى الأرقام الاقتصادية الوطنية، الأمر الذي بات من الصعب معرفة الوضع الحقيقي للاقتصاد بدون وجود السوريين الذين لايدفعون الضرائب، ومعرفة مكونات الاقتصاد الأردني.
أما بالنسبة للعبء الضريبي على المواطنين فيما يتعلق بضريبة الدخل، فقال عقل إن دخول المواطنين اصلا متدنية، فيما بين الرجوب أن الأرقام العالمية تشير إلى العبء الضريبي في الأردن على الأفراد يقدر بنحو 22.22 % فيما هو في مصر يقدر بنحو 22.5 % والولايات المتحدة 37 %، والمنطقة الأوروبية 41.5 % والمملكة المتحدة45 % وروسيا 13 %. لكن الضرائب بشكل عام تعتمد على نقطتين الأولى مستوى الدخل في الدول، ومستوى الرفاه.
التكاملية الغائبة والتوازن المفقود
وأضاف الرجوب أن الضرائب نظام متكامل بمعنى أن فرض الضريبة على الدخل يجب أن يقابله خدمات في مجالات أساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم الاساسي والجامعي والترفيه، وهي عوامل تدخل جميعها في معادلة مقارنة العبء الضريبي بين الدول إضافة إلى النظر إلى مستوى الأسعار في كل منها، مشيرا إلى أن الأسعار في الأردن أعلى بكثير من العديد من الدول إذا ما تمت مقارنتها بمتوسط الدخل.
من جهته، بين عقل أن مقولة أن العدد الأكبر من الأردنيين لايدفعون ضريبة الدخل وأن العبء الضريبي في الأردن اقل من مستواه غير صحيحة، لأنها لاتأخذ بعين الاعتبار مستوى دخل الفرد.
البنوك ليست أكثر ربحية وإنما أكثر شفافية
من جهته، أكد قندح إن لمشروع القانون أثره السلبي على القطاع المصرفي، وبالتالي على الاقتصاد، وأن النظر على أرباح البنوك لايؤخذ بالارقام المطلقة، بل يجب النظر إلى نسبتين هما العائد على الموجودات والعائد على حقوق المساهمين، وهما في تراجع واضح في العامين الأخيرين، وبالنظر إليهما يتبين ان البنوك ليست القطاع الأكثر ربحية.
وأكد قندح أن البنوك هي أكثر القطاعات شفافية؛ حيث تعطي نتائجها لأكثر من 4 أو 5 جهات.
وقال قندح إن القطاع المصرفي في الأردن هو أكثر القطاعات التي تدفع الضرائب مقارنة بباقي القطاعات الاقتصادية في الأردن وكذلك بمقارنته بالقطاعات المصرفية بدول الإقليم والعالم.
ورأى أن المشكلة في القطاع ستتفاقم لأن التوقيت غير مناسب بسبب التوجه إلى رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وهذا الأمر سينتج عنه رفعها محليا أيضا بسبب ارتباط الدينار بالدولار والسعي للحفاظ على الاستقرار النقدي في الأردن، وأن الآثار السلبية ستنعكس ايضا على كلف الإقراض، الأمر الذي سينعكس على الاقتصاد بشكل عام، وبالتالي على معدلات النمو، وخصوصا أن القطاع المصرفي يشكل 94 % من القطاع المالي في الأردن. وإذا تمت زيادة الضريبة فإن ذلك سيجعلنا ثاني أكبر دولة في العالم من حيث نسبة الضريبة على البنوك.
أما بالنسبة لصغار المقترضين، وفق قندح، فإن أغلب قروضهم تندرج تحت القروض الاستهلاكية، وهي تشكل حولي 30 % من اجمالي القروض، وهي تشمل ايضا القروض السكنية، وستتأثر قدرتهم على السداد ما سيؤثر بشكل عام على القطاع المصرفي، خصوصا وأن العبء سيزيدعلى المواطن مرتين الأولى من زيادة الفائدة على القطاع المصرفي والثانية من الضريبة التي ستفرض على دخله في وقت ستشمل فيه الضرائب الجديدة شرائح مصنفة اصلا تحت خط الفقر، كما أن تخفيض الشرائح المعفاة من الضريبة سيقلل من السيولة المتوفرة بين يدي المستهلكين.
وقال الرجوب إن القانون الغى التشجيعات للشركات الصغيرة والمتوسطة، لأنه وحد النسبة بين الضرائب على البنوك وعلى شركات الاقراض، كما أن نسبة الفائدة في الأردن هي متغيرة وأن المعدل الافتراضي للفائدة خصوصا للشركات المتغيرة سيتأثر في حال استمرت نسبة الفائدة بالارتفاع تزامنا مع زيادة الضرائب، لأن طريقة تعاملها مع المقترضين تختلف عن البنوك، خصوصا فيما يتعلق بالرهن مقابل الإقراض.
قطاع التأمين
في هذا المجال، قال حداد إن مصادر شركات التأمين هي عبارة عن تأمينات وأن 60 % من شركات التأمين هي من أقساط السيارات، لاسيما التأمين ضد الغير باعتباره الزاميا، مشيرا إلى أنه منذ العام 2010 لغاية الآن لم تزد اقساط هذا النوع من التأمين، وسط التزامات على شركات للتأمين مثل دفع 20 ألف دينار كتأمين في حالة الوفاة.
وقال إنه في حال نوعت شركات التأمين مصادرها فإن ذلك سيحقق ربحا ناتجا عن أنواع التأمين يأتي من حصيلة استثمار أموال التأمين في السوق المالية وهي لم تعد محفزة والاستثمارات العقارية وهي ايضا غير محفزة لان القانون ينص على تنزيل الخسائر الرأسمالية فقط مقابل الأرباح الرأسمالية.
متوالية المؤشرات السلبية
أكد عقل أن القانون يؤثر بشكل سلبي على الأفراد ودخلهم، وبالتالي يؤثر سلبا على النمو والانتاج وبالتالي التضخم في الاسعار، وبالتالي الزيادة على المكلفين وهذا سينقل الضريبة إلى المستهلك، وعلى مقدرة البنوك على التمويل.هذه التعديلات سترفع نسبة الدفع إلى 40 % على من يدفعون الضريبة حاليا.
وقال إن على الحكومة ان تفكر بحلول خارج نطاق زيادة العبء على المكلفين، والأجدى بها التوفير بخفض النفقات بشكل جدي دون التأثير على النفقات الرأسمالية لان ذلك سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة، وان تعمل بشكل جدي في خفض نفقاتها بما لايقل عن 10 % على جميع المستويات.
وبين سنقرط أن خطة الحكومة تتضمن محورين الأول الاصلاح الهيكلي والآخر تحفيز النمو أما القانون الحالي يتنافى مع مبدأ تحفيز النمو ويؤثر على النشاط الاقتصادي، وبالتالي فإن تخفيض الضريبة وليس رفعها يؤدي إلى زيادة النشاط الاقتصادي وزيادة الأرباح وبالتالي زيادة الحصيلة الاجمالية لضريبة الدخل.
تساؤلات حول آليات مراقبة الوظائف الحرة
أما بالنسبة للتهرب الضريبي، فأكد الرجوب أن القانون لم يشر إلى آليات لمراقبة دخول الوظائف الحرة وغير النظامية وكيفية اخضاعها إلى الضريبة، الأمر الذي أكده قندح بقوله إن الحكومة تعلم جيدا القطاعات الاقتصادية المتهربة من دفع الضريبة وهي نسبة كبيرة، مقترحا وضع فصل خاص في القانون لضبط هذه المهن.
الرجوب رأى نقطة ايجابية في القانون تأتي تحت بند تخفيض الضريبة بنسب تصل إلى 0 % خلال 5 سنوات على القطاع الصناعي لكن مع تحديد النشاطات الاقتصادية.