الملك «يرد» القانون وبماذا سيرد الإخوان ؟

استجاب الملك للنداءات التي طالبت برد قانون الانتخابات وبغض النظر عن طريقة الإخراج (إقراره ثم توجيه رؤساء السلطات الثلاث بتعديله) فلقد جنب البلاد قانونايعمق الازمة السياسية بدل أن يسدل الستار عليها وكنت قد كتبت ( في عمون) بداية الشهر الماضي داعيا الى مبادرة ملكية خارقة للعادة تغير مسار المداولات في مجلس الامة عند مناقشة القانون لوضع صيغة للنظام التمثيلي تلاقي تأييدا كافيا من الرأي العام بما يحرج المعارضة ويساند المشروع الإصلاحي للدولة،  وذلك ما أرى أنه السبيل الجاد لإخراج البلاد من دوامة الربيع العربي.

خلال الايام الاخيرة ظهر اجماع وطني وبين أطياف مختلفة من المجتمع بان دور الملك،  حاسم ومطلوب لتعديل مسار الاصلاح كلما تطلب الامر ذلك،  تجمع على ذلك المعارضة والموالاة،  فالدعوات الى الملك برد القانون صدرت من احمد عبيدات رئيس الجبهة الوطنية للاصلاح ومن امين عام جبهة العمل الاسلامي حمزة منصور ومن أعضاء في لجنة الحوار الوطني ومن احزاب وكتاب وسياسيين، وهذا ما يؤكد على دور الملك المطلوب شعبيالتعديل مسار الاصلاح كلما تطلب الامر ذلك،  خاصة بعد أن أظهرت عملية اقرار الصوت الواحد،  وسط احتجاج شعبي واسع،  بان القوى المعادية للاصلاح تملك قوة ضاربة.

الآن وقد ( رد ) القانون بماذا سيرد الاخوان المسلمين على المبادرة الملكية؟

موقف الاخوان وحزبهم سيكون أكثر اقناعا وقوة لو أن الشيخ حمزة منصور قد أعلن في معرض مناشدته للملك برد القانون خلال الاسبوع الماضي بان حزبه سيشارك في الانتخابات اذا ما رد القانون وعدلت المادة (٨) بدفن الصوت الواحد،  مثل هذا التصريح لو صدر كان سيضع حدا للقناعة المتداولة بين أروقة الحكم بان الاخوان لن يشاركواحتى لو تضمن القانون ثلاثة أصوات،  وبأن الاسلاميين يراهنون على وصول الاخوان المصريين والسوريين الى الحكم ليكتسبوا أوراق قوة تجبر النظام على القبول بنظام تمثيلي يسمح لهم بالوصول الى مجلس النواب بأغلبية تفيد طابع النظام.

في كل الأحوال، وكما فعلت في انتخابات ٢٠١٠،  أدعو الاخوان المسلمين الى المشاركة لأنه اذا لم يقم مجلس النواب بإلغاء الصوت الحالي في الدورة الاستثنائية فلا سبيل الى دفنه الا من خلال التصدي له وتغييره في المجلس المقبل. فالجماعة وحزبها قوة سياسية وشعبية رئيسية لا يتجاهلها الا من ادمن على الوهم باقصاء الاسلاميين أو تجاهلهم.

ان مشاركة الاسلاميين في الانتخابات هو في صالح النظام والوصول الى التعددية الحزبية في المجلس،  والمشاركة هي أيضاً في صالح الاخوان ومطالبهم الاصلاحية لأن المنبر النيابي،  مهما كان حجمه،  مصدر قوة للمعارضة تطل منه على الرأي العام فتكسب المزيد من الشعبية التي هي أهم الأوراق عند أي حزب واوافق على ما ذهب اليه نائب رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطروانه من قول: بأنه لو كان حزب العمل الاسلامي متواجدا تحت قبة البرلمان لكانت الصيغة التي خرج بها قانون الانتخاب مختلفة عما أقر بسبب دعمهم لأكثر من صوت للدائرة الانتخابية،  منوها الى ان ٤٠ نائبا من المجلس الحالي من أصل ١٢٠ دعموا فكرة ثلاثة أصوات: ٢ للدائرة وواحد للقائمة الوطنية.

المشاركة في الانتخابات المقبلة في ظل مناخات الربيع العربي ستحقق للإسلاميين مكاسب اكثر من أي وقت مضى لأنهم أمام متغيرين إيجابيين: الاول-اجراء الانتخابات تحت إشراف الهيئة المستقلة التي أعطيت التزامات قوية من راس الدولة بالنزاهة،  والمتغير الثاني أن اللجوء الى الاحتجاج في الشارع أصبح متيسرا وهو ما كان من المحظورات التي جعلت من عمليات تزوير الانتخابات تمر بدون مساءلة.

رسالة حسن نوايا من الاخوان مطلوبة بعد المبادرة الملكية برد القانون ولا حجج مبررة لعدم التفاعل إيجابيا مع مواقف الملك أولا من أجل محاصرة قوى الشد العكسي وثانيا من أجل نقل المعارضة من الشارع الى الممارسة على منابر السلطة التشريعية والتنفيذية ولإخراج البلاد من حالة شد الحبل الى مرحلة الاصلاح الميداني.

كما أن رسائل حسن النوايا مطلوبة ايضا من النظام بمبادرات تستكمل مسيرة الاصلاح تقود الى الهدف المتمثل بضرورة مشاركة جميع الاطراف في الانتخابات،  مبادرات على شكل تقديم الوعود بأن مسيرة الاصلاح ستتواصل وان جميع الملفات قابله للتداول والمراجعة في عهد البرلمان المقبل بما في ذلك ملفات الفساد.