الامن العام ... يد وحدها لاتصفق

لن أكتب على عجل، بل أترك لمواطنينا الاعزاء الحكم والنظر والتبصر في ماتطالعنا به الكوادر المنتمية للوطن من أفراد الامن العام ومرتباته من التمكن والقبض على مروجين وبائعين للسموم والمخدرات، فلم تعد هذه القضية مثارا للمطالعة والقراءة بل باتت ظاهرة تشكل هاجسا مخيفا ومشكلة تستفحل يوما بعد يوم، وهي أخطر مما يؤرقنا من مشاكل داخلية على امتداد ارض الوطن وسمائه، فالنشامى يقدمون للوطن ارواحهم ودمائهم زكية في سبيل حماية الوطن وناسه من ظاهرة السموم وكل مروجيها ومتعاطينها، يستلهمون ويتشاركون توجيهات وتوجهات من قيادتهم الوطنية الصادقة، والذي بعد ان لانزكي على الله احدا، أنه يحمل هم امن الوطن في وجدانه وكيانه بليله ونهاره .
منذ ان تولى عطوفة مدير الامن العام اللواء فاضل الحمود زمام الامر في قيادة دفة امننا الوطني الداخلي والرجل لايألو جهدا في البحث عن الاسباب والوسائل الوقائية والعلاجية لهذه المشكلة الكبرى التي تستنزف عقول شبابنا وبناتنا وتدفع بهم الى طرق الهاوية والتهلكة، وتنذر بشر مستطير لايحسن معه ان استقوى واستفحل اي علاج او وقاية، ولعل الامر مسؤولية تشاركية بين جهات اربع تتشابك قيما بينها لتكوين درعا واقيا وحصينا لكل ابناء الوطن وبناته.
افراد ادارة مكافحة المخدات واجهزة الامن الوقائية وغيرها ليست ذراعا وحيدا يمسك بكل اطراف هذه القضية، فهم وان كانوا على درجتهم الوطنية والمهنية العالية الا ان اليد الواحدة لا تصفق ابدا، فأطراف العملية هم الاسرة ومؤسسات التعليم والاعلام وجهاز التنفيذ الذي يبدو انه الوحيد في الساحة، وقد رمت الاطراف الاسرية والتعليمية والاعلامية الحمل على جهاز الامن العام وكأنه المعني الوحيد في هذا الامر الذي اقل مايمكن ان نصفه بأنه خطير وخطير للغاية.
لايجوز ان تبقى الاسرة الاردنية على نمطية التربية لابنائها فالواجب يقتضي ان يكون وطنيا قبل ان يكون اسريا بتربية تتبع اساليب الترغيب والترهيب والتوعية الحقة والمنتجة لابنائها وان لايقتصر دورهم على ترك الامور على سجيتها وسبحانيتها، بل ان تكون وقائية قبل ان يتوسط الابن او البنت في بركة السموم والمخدرات، ولعل الانتشار العبثي لاجهزة الاتصال والتواصل بين الابناء في غياب الرقابة الصارمة من الاباء على الابناء هي الحلقة المفقودة في دور الاسرة الاولي والاساس.
كما وان مؤسساتنا التربوية والتعليمية لم تتعد في دورها من السرد القرائي والعابر لموضوع آفة السم والتخدير، فلا برامج عملية ولا خطط ابداعية او رؤية مستقبيلة لمواجهة هذه الظاهرة وكأن الامر لايعني الا فئة تمسك بها ايدي نشامى الامن العام، وهنا نذكر وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية الاخرى ان ماتحت الرماد اخطر مما ترى، فما نحتاجه اكثر من اشارة لخطر المخدرات او وضع ملصق او المشاركة بيوم او احتفال حولها، وربما ان من يعلق الجرس في هذه المؤسسات لم يستدرك الخطر والخطورة في تفشي الظاهرة وتناميها وان كل مايستهدفونه من تعليم يدمره غياب هذه الحلقة من خططهم ومناهجهم ومقرراتهم .
اما الدور الاعلامي فهو الأخر لم يضع في اولياته او برامجه ان يكون صاحب المبادرة وتحمل المسؤلية الاخلاقية والمجتمعية، فلا يقبل ان تبقى وسائل الاعلام غائبة او مغيبة عن القيام بدورها المهم والاهم في هذا الركن من جرائم السموم والمخدرات، فلم نجد وسيلة مقروءة او مسموعة او مرئية تتكلم عن هذا الموضوع الا عندما يرعى وجودها شركة او راع او دافع لثمن الاعلان او الموضوع، وهذا ليس الا قصورا واضحا واستهزاءا بخطورة الامر واهميته، الا اننا نستثني ولانعمم لان هناك وسائل اعلام وطنية ومهنية تدرك ماعليها فعله تجاه هذه الظاهرة المخيفة.
وفي النهاية ولئلا نترك الامن العام يقف وحيدا في الساحة للتصدي لهذا الامر الكبير فان المسؤلية تقع على عاتق الجميع خاصة الاطراف الثلاثة التي اسلفنا، فغياب احدها كغيابها كلها وحلقات التصدي يجب ان تعمل بتشاركية وتنسيق كامل وتام وضمن أطر مخطط لها جيدا وضمن اكتوارية متوسطة وبعيدة المدى، والحق الذي لايغطى بغربال هو ان جهاز الامن العام قد ناء بهذا الحمل وحده، ولايجوز ان ننتظر حتى نرى ظهره وقد انكسر، فهو منا وفينا ولنا، واعانته والتشاركية معه واجب مقدس كما هو واجب اي فرد تجاه ابناءه وبناته، حمى الله وطننا وقائدنا واجهزتنا الامنية الساهرة والقاهرة لكل مكامن الشر والاشرار.