عناب: تراثنا الثقافي يواجه تحدي التخريب والاعتداء

ينكأ مؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، المنعقد في عمان، العديد من الجراح والآلام لتجربة 14 دولة عربية، في كثير منها تتم عملية تدمير الآثار وسرقتها ونهبها وتهريبها وتسريبها تحت ضوء الشمس.
ويفتح هذا المؤتمر الباب مشرعا أمام العديد من تجارب الاخفاق والنجاح، والتواطؤ أحيانا.
الاخفاق في الحفاظ على آثار وتراث حضاري، على امتداد خريطة الوطن العربي، طالته أعمال التخريب ونالت منه الاعتداءات المتكررة في ظل غياب الوعي، كما قالت وزيرة السياحة والآثار، لينا عناب.
أما تجارب النجاح، المحدودة بطبيعة الحال، فهي تستدعي التعميم والتطوير المستمر عبر "التوثيق الرقمي للقطع والمواقع الأثرية والمعالم التاريخية، وتكثيف استخدام وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في التوعية الأثرية وتقييم حالات الحفاظ على التراث والآثار في الوطن العربي"، كما قال مدير عام دائرة الآثار العامة، الدكتور منذر جمحاوي.
لكن، ذروة التراجيديا أن يبقى هذا المؤتمر أو الاحتفالية، وما يدور فيها، ذا طابع موسمي، أو أن يأخذ طابعا فلكلوريا طقوسيا، أو أسيرا للاحتفال باليوم العالمي لحماية التراث الانساني، والذي يصادف في الثامن عشر من نيسان (ابريل)، وبعد انفضاض "السامر"، يعود التخريب و"التسريب"، والتدمير للآثار كما كان بل ربما يزيد ويتفاقم.
الوزيرة عناب، رأت أن "يمثل فرصة للتأكيد على التحدي الأكبر الذي يواجهه تراثنا الثقافي في الوطن العربي من أعمال التخريب والاعتداءات المتكررة وغياب الوعي بأهميته".
وأكدت، في كلمة افتتاح أعمال الدورة الثالثة والعشرين لـ"مؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي" الذي تنظمه دائرة الآثار العامة بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الألكسو أمس في عمان، أهمية العمل العربي المشترك لحماية الارث الحضاري في الوطن العربي لما يحمله هذا الارث من مخزون تاريخي إبداعي أصيل عبر العصور ساهم في نهضة البشرية واصبح سجّلاً لإبداع الأمة، وذاكرة حافظة لقيمها، ومقوّما من مقوّمات هُويتها الحضارية وخصوصيتها التي تتفرد بها بين الثقافات والحضارات.
وبينت الوزيرة ضرورة المحافظة على التراث كتراث إنساني ارتبط بأجدادنا ضمن منظومتهم القيمية والدينية والأدبية التي نظمت حياتهم وخلقت منهم عنصرا انسانيا فاعلا في الحياة ومتميزا في العطاء وخدمة الإنسانية وله البصمات التي تركها تحكى قصته ضمن موروث ثقافي غني ومتميز فيه الكثير الكثير من الرسائل والأحداث، ما يدفعنا لضرورة التعامل معه كاداة للتنوير والحوار بين الشعوب، وأن يكون بمنأى عن الصراعات السياسية والدينية المسلحة.
وقالت الوزيرة إن "موروثنا الثقافي في الأردن يعتبر كنزا يحكي قصة حياة الإنسان عبر التاريخ، وقصة المكان التي تختزل فيها حياة الإنسان، ذاك الإنسان الصياد المترحل لبوادر الاستقرار، ثم الإنسان الصانع والمكتشف للانظمة المائية والمعادن، لبلد تصارعت عليه الأمم وبنت فيه المدن الكلاسيكية الهلينيستية الرومانية الجميلة كمدن الديكابوليس، لبلد الديانات والانبياء، قصة المكان التي توضح الأهمية التاريخية والدينية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي يتمتع بها الأردن".
وبينت عناب، خلال المؤتمر الذي يستمر لمدة يومين تحت عنوان: "التقنيات الحديثة في برامج ومشاريع التعريف بالممتلكات الثقافية في الوطن العربي والتوعية بضرورة الحفاظ عليها"، إن افتتاح المؤتمر جاء مع الاحتفال باليوم العالمي لحماية التراث الإنساني، والذي يصادف في الثامن عشر من نيسان (ابريل) من كل عام كما أقره المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة تماشيا مع الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم في باريس في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1972.
من جهته، أكد جمحاوي أهمية المؤتمر في تنسيق الجهود العربية وتبادل الخبرات والتجارب بين الآثاريين والمختصين في مجالات حفظ وإدارة التراث الثقافي في الوطن العربي خاصة في مجال استخدام التقنيات الحديثة في أعمال التوثيق والحفاظ على الارث الحضاري وتعزيز المهارات وبناء القدرات العربية لتمكينها من استدامة هذا الإرث للأجيال القادمة.
وأضاف الجمحاوي إن حوالي 30 مشاركا من 14 دولة عربية يشاركون بهذا المؤتمر وسيعرضون وعلى مدار يومين تجارب بلدانهم في الحفاظ على تراثهم الحضاري في مجالات التوثيق الرقمي للقطع والمواقع الأثرية والمعالم التاريخية، وتكثيف استخدام وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في التوعية الأثرية وتقييم حالات الحفاظ على التراث والآثار في الوطن العربي، كما وستعقد عل هامش هذا المؤتمر ثلاثة ورش متخصصة مهمة يديرها خبراء عرب يعملون في مراكز دولية تناقش مواضيع حول الحفاظ والادارة واعداد ملفات تسجيل الممتلكات الثقافية والنظم والتشريعات والجوانب القانونية الداعمة لهذه المواضيع.
ويأتي المؤتمر استكمالا لأعمال الدورة الثانية والعشرين والتي انعقدت في مدينة الكويت في العام 2016 وكانت بعنوان "التراث الأثري والتاريخي في الوطن العربي والأخطار الراهنة".
من جهة أخرى، أعلنت دائرة الآثار العامة أمس عن إطلاق شعارها الجديد المتمثل بالتاج النبطي المنحوت من الحجر الوردي.
واستمد الشعار الجديد ملامحه من الحضارة النبطية الأكثر تفردا وتميزا بعناصرها المعمارية ونقوشها، وقد جاءت خطوط هذا الشعار مستوحاة من التاج النبطي الذي يزين واجهات المعالم الأثرية في البترا وغيرها من المواقع النبطية.