انا زهرة نيسان

في هذ اليوم الجميل ، وفي ساعات الصباح الباكر ، صرخة صرخة أعلنت فيها مجيئي إلى هذه الحياة ، أعلنت فيها أنني أتيت فحضروا لي إسمي وشهادة الميلاد ، خرجت من رحم أمي رغما عني وكأنهم يقولون يجب أن تخرجي فقد حان موعد القطاف ، خرجت يا أمي ولم أعلم أنه أجمل وأفضل أمن مسكن كان في أحشائكي ، كم أتمنى أن أعود إلى أحشائكي أن لا أخرج طيلة الحياة ، أفرح بفرحكي أكل من أكلك وأنام وقت نومك ، نكون كالجسد الواحد الذي لا ينفصل أبدا لا شكلا ولا مضمونا ، ابقى اتخيل الحياة وأنا في جسدك انها جميلة و لا يوجد فيها من يتمنى لي الفشل وأعتقد أن الجميع مثلك يتمنون لي النجاح والنجاح الباهر أيضا، أعتقد أن الجميع طيبون لانكِ تمتلكين طيبة القلب التي ليس لها حدود ، أعتقد أنهم لا يكذبون ولا يخونون أعتقد وأعتقد الكثير من الأمور التي كنت أظنها وانا في جسدك أنها غير موجودة ، لكنني خرجت يا أمي ورأيت الناس يختلفون عنك ويختلفون كثيرا ، لماذا يا أمي يختلفون عنك ؟! أردت إجابة لهذه السؤال !!
وأجلست أمي وقلت لها ، ماذا يعني عيد ميلادي ؟ رايتُ في عيناها الفرح والسرور وكأنهما أرادا أن يقولا الكثير الكثير من الأمور ولكن صوتها الدافىء غلب على عيناها وقال " يوم ميلادك ميلادي ، فرحة عمري ، مهجة فؤادي يوم أفتخر أنك إبنتي / ابني ، هذا اليوم رغم الألم والتعب الذي شعرته به ولكنني أنجزت واتييت بالطفل من دمي ،فلذة كبدي ،عندما كنت في مولده بضعة أيام ، كنت أشعر أن روحي بين يدي ، وأنا الجسد وهل تعتقد أن الروح تعيش بلا جسد بل بالعكس الروح التي تجعل للجسدِ حياة ، لأنه من دونها يعتبر الجسد "جثة هامدة " ، ومهما تكلمت وعبرت عن إحساس الام لابنها / ابنتها لن تشعر إلا عندما تكون اباً / اماً ، قبلت رأسي أمي وذهبت وأنا في الطريق رأيت طفل صغير لا يتجاوز عمره ست سنين يلعب ويركض بلبالونات ويريد أن يطيرهم في الهوا، فسألته لماذا أطرت بهم ، قال " اليوم أكمل ستة سنين من عمري ، وهؤلاء ستة بلونات طاروا كما طاروا ٦ سنين من عمري ، تفاجئت من حديث الطفل وابتسمت قلت في نفسي " العمر كالبالون ما أسرعه في طيران ، تابعت المسير ودخلت المقهى حتى أتصفح الأخبار اليومية ، رأيت عائلة صغيرة ، يحتفل كل من الزوج والأطفال بالزوجة والأم وعندما أتى قالب الكيك كان يوجد عليهم بعضا من شموع وعندما إنطفئت هذه الشموع تذكرت أنها انطفئت عدد من سنين عمري ، خرجت وتابعت المسير ودخلت الحديقة لعلي استنشق هوا عذب وإذ اسمع من امرأة ورجل مرا عليهم الدهر تقول زوجته " اليوم ميلادك وساقدم لك وردة واحدة، وأتمنى أن تكون هذه السنة كهذه الوردة برائحتها وشكلها ومضمونها .
أبتسمت وقلت في نفسي " ياااااه ما ألطفك ، أنتي التي لم تشعريني أن العمر قد إنقضى بل أعطيتني أمل ورسالة "أن أعش كل سنة بسنتها في أحزانها وأفراحها ، لا ألتفت الى سنين العمر قط .
إلتفت من بعيدا رأيت إمراة تظهر عليها أوجاع الولادة ، ضحكت وقلت هذا الطفل سيكون أصغر مولد في عيد ميلادي ، وأصبحت أتسأل هل سيعيش كأحداث حياتي ، هل ستكون قصة حياتي مشابهه للقصته أم بعيده كل البعد عني ، اليوم ستكون له قصة جديدة وتشهد شهادة ميلاده على موعدها .
وضعت يدي في جيب البنطال ، وإذ أجد رسالة مكتوبه من أمي " إبني /بنتي الغالي /ة ، اليوم يصادف عيد ميلادك ،أتمنى من أعماقي قلبي أن يحفظك الله ويحميكي ويجعلك أكثر صلابة وقوة على تحمل مشاق الحياة ، هذا الفصل ، فصل الربيع وما أجمل هذا الفصل في الربيع تفتح الزهور وتبعث روائحها الزكية وتعطي لدنيا منظرا خلابا يملاه ُ السرور والفرح تعطينا الأمل والقوة وكأن الربيع يقول للشتاء" مابعد البرد والمطر إلا الدفىء والزهور المتفتحه ،فمهما إشتدا عليك الكرب والهم والحزن والضيق تأكد أن " ما بعد الضيق إلا الفرج " وكل عام وانت /ي زهرة نيساني
وبدايتي عامك الجديد أتمنى أن تسمع كلام سعادة حسني وهي تغني " الدنيا ربيع والجو بديع ، قفلي على كل المواضيع أقفل أقفل "