عمان: متسوِّلة تبني فيلا لوالدها وتشتري له سيارة .. وأُخرى تمتلك مرسيدس
كان هاجس المتسولين في ماضي الأيام هو جمع بعض النقود لستر الواقع المر والمساعدة في مجارات حياة بسيطة بحلوها ومرها، أما متسولو اليوم فهم يبحثون عن الثراء السريع وكسب الأموال لا لأنهم فقراء بل لأن لهم أطماعاً في حصد أكبر مبلغ مالي من أجل مصالح معينة أو الوصول إلى أهداف من الصعب وصولهم إليها إلا من خلال هذا العمل. عدا عن بعض المتسولين الذين يُصارعون الزمن منذ سنوات لحصد مبلغ كبير لتوظيفه في إستثمارات معينة.
متسولون.. بعضهم 'تشققت' أرجلهم من ممارسة هذه 'المهنة' منذ سنوات، وجمعوا مبالغ كبيرة لم يكن يحلموا بها، ومنهم من مات وترك وراءه إرثاً كبيراً لـ 'لا أحد'، لأن ليس لديه عائلة أو أقرباء، كالمتسولة التي ماتت منذ سنوات في أحد جبال عمان ووجدوا خلفها آلاف الدنانير مخبأة في علب حديد على أرفف المطبخ، وتم حينها تحويل هذه الأموال إلى إحدى الجهات الحكومية.
ومؤخراً ضبطت لجنة مكافحة التسول التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، متسولاً في لواء الهاشمية بمحافظة الزرقاء بحوزته 11 ألفاً و350 دينارا؛ حيث كالمعتاد تم إحالة المضبوطات النقدية من قبل المحكمة إلى وزارة التنمية الاجتماعية وفق ما نص على ذلك قانون العقوبات النافذ. فالأموال التي يتم ضبطها مع المتسولين تقوم المحاكم بإحالتها إلى 'التنمية'.
وأيضاَ أثناء قيام دوريه قسم مكافحة التسول التابعة لمديرية الأمن العام بمرافقة موظفي وزارة التنمية الاجتماعية في منطقة دير غبار تم ضبط حدث يقوم بالتسول والإستجداء من المواطنين مدعياً أنه من ذوي الإحتياجات الخاصة. وتم ضبط الحدث على كرسي متحرك حيث تبيَّن من خلال التحقيق معه أنه سليم ولا يُعاني من أية أمراض أو عاهات.
ومن الشواهد على 'مهنة' التسول وما تُدرَّه من أموال، أن فرق مكافحة التسول ضبطت في شهر نيسان 2012 متسولة أمام إحدى المستشفيات الخاصة في العاصمة عمّان. واكتشفت بعد التحقيق معها، وجمع معلومات عنها، أن المتسولة تمتلك سيارة من نوع مرسيدس تقدر قيمتها بـ '28 ألف دولار'.
ونستذكر هنا قصة المتسولة التي عرض أحد المحسنين عليها راتباً شهرياً مقابل أن تترك التسول فرفضت، حيث أن هذه المتسولة كانت تقف على باب مسجد بمنطقة حي رمزي بالزرقاء في شهر آب 2010 فحزن على حالها ووضعها أحد المحسنين حيث أخبرته بأنها أرملة لا تجد قوت يوم لأبنائها، وأنها جهدت للحصول على أي عمل فلم تجد، ما اضطرها إلى اختيار مهنة التسول، فرق قلبه لحالها وعرض عليها الحصول على راتب شهري مدى الحياة (180 دينارا) مقابل توقفها عن التسول، فاختارت التسول.. 'طبعاً لأن دخلها أعلى بعشرات الأضعاف من الراتب.
أما أغرب قصة تسول ضبطتها وزارة التنمية الإجتماعية في عام 2016 كانت لفتاة مبتورة اليدين ساعدت والدها على بناء فيلا فخمة في أحد أحياء العاصمة عمان واشترت له سيارة 'جيب'، وذلك من المبالغ الكبيرة التي جمعتها على مدى سنوات تتجاوز العشرين، والذي ساعدها في ذلك بتر يديها مما إستقطب إستدرار عطف الناس، حيث كانت تضع 'خُرجاً' في رقبتها لكي يضع لها الناس النقود فيه، وتجوب شوارع عمان طيلة النهار وباصاتها، ومنظرها يؤذي المارة وخاصة في وسط البلد، أحد أصحاب المحلات التجارية في وسط البلد يقول بأنها بنت فيلا لوالده واشترت له سيارة جيب، بينما يقول صاحب محل أحذية أنها تملك عمارتين وسيارة تكسي واشترت سيارة لأهلها من نقود التسول، وما زالت تستجدي الناس منذ ما يُقارب العشرون عاماً، حتى أن بعض أصحاب المحلات وسائقي 'سرفيس' أحد الخطوط يتساءلون كيف مثل هذه المتسولة كلما يتم ضبطها من قبل فرق التفتيش في وزارة التنمية الإجتماعية، تعود في اليوم التالي للتسول؟.
هؤلاء المتسولات تركن بصمة 'الشحده' في أماكن عديدة حتى أصبحن مشهورات لدى الكثيرين، وأُخريات يتوزعن على الإشارات الضوئية في بعض أحياء عمان ويستعطفن السائقين بكافة الوسائل، حتى أن بعضهن أصبح يستخدم وسيلة بيع 'العلكة' للإستجداء أكثر و'تحزين' السائقين عليهن كونهن يقمن بالبيع وليس التسول. ومن هذه الإشارات إشارة البنيات بجانب مديرية الأمن العام ومسجد عبدالهادي، والإشارة التي بجانب مسبح الياسمين ومدرسة برهان كمال في الذراع الغربي، والإشارة التي أسفل مستشفى الحياة في منطقة الياسمين. وغيرها الكثير. ناهيك عن الوقوف أمام المساجد والمولات والمطاعم.
بقي أن نقول.. إلى متى ستبقى ظاهرة التسول تستفحل في شوارعنا حتى أصبحت تسبب للكثير من المواطنين 'القرف' من الأساليب التي يُمارسها بعض هؤلاء المتسولين وإلحاحهم عليهم للحصول على بعض النقود وبأساليب متعددة وحكايات 'مُخترَعة' تُشفق المواطنين عليهم؟.