هل تطبيق العمل المرن للمرأة يضيف للناتج المحلي 11 مليار دينار؟

في الوقت الذي تعد نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية من أقل النسب في العالم، بحسب ما رصده منتدى الاستراتيجيات الأردني في ورقة تقدير موقف سابقة ، يأمل خبراء بعد صدور تعليمات العمل المرن تحسن مساهمتها بالاقتصاد.
وتبدو أرقام منتدى الاستراتيجيات الأردني صادمة، حيث تقدر هذه الورقة أن الكلفة المتأتية من تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة بلغت 11 مليار دينار في العام 2013 أو ما يعادل 46 % من الناتج المحلي الاجمالي في ذلك العام.
ويستند المنتدى في ورقة تقدير الموقف السابقة، الى أرقام رسمية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة للعام 2013 والتي بلغت نسبة المشاركة الاقتصادية للرجال حوالي 60.4 %.
ويتابع المنتدى في تحليله وعلى فرض أن الفجوة الجندرية في سوق العمل الأردني قد تلاشت بالكامل وبأن المرأة الأردنية تشارك اقتصاديا كما نظيرها الرجل (بنسبة 60.4 %)، سيتم إضافة 870.868 امرأة إلى سوق العمل، أي بزيادة نسبتها 357.5 % تقريبا.
وأوضح منتدى الاستراتيجيات بأنه في الأخذ بعين الاعتبار الانخفاض الذي سيطرأ على مجموع عدد ساعات العمل والإنتاجية، سنجد بأنه باستطاعة كل امرأة أردنية جديدة في سوق العمل أن تسهم بما مقداره 12.668 دينارا أردنيا للناتج المحلي الإجمالي السنوي.
ويضيف المنتدى والذي تعرض   بعضا من تلك الورقة السابقة في ضوء صدور تعليمات العمل المرن في الجريدة الرسمية بأن المساواة الكاملة بين الجنسين في سوق العمل قد تمكن الاقتصاد الأردني من رفع الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013 من 23.911 مليار دينار إلى 34.943 مليار دينار، أي بارتفاع بما نسبتهُ 46.14 %.
كما سيرتفع الناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد من 3.702 دينار إلى 7.260 دينارا، أي بزيادة نسبتها 96 %. وبعبارة أخرى، يظهر سيناريو المساواة الكاملة بأن تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة قد كلف الاقتصادي الأردني حوالي 11 مليار دينار في العام 2013.
وتعادل هذه الزيادة في الناتج المحلي حوالي ثلاثة عشرعاما من النمو الاقتصادي (على معدل نمو 3 %).
يذكر بان نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة انخفضت في الأردن من 16 % في العام 2010 إلى 12.6% في العام 2014. ويعني ذلك أن امرأة واحد فقط من كل 8 نساء أردنيات إما تعمل أو تبحث عن عمل، مقابل ثلاثة من كل خمسة رجال.
ويجمع خبراء وناشطون في حديثهم  أن من شأن هذه التعليمات أن تساعد في تطبيق "نظام العمل المرن" الذي صدر قبل عام.
لكن في المقابل ؛ دعا الخبراء لتفعيل القانون لضمان تطبيقه، من خلال نشره وتوزيعه على مختلف المؤسسات، إضافة إلى تطبيق حوافز من شأنها أن تشجع المؤسسات على تطبيقه.
ويعرف "العمل المرن"، وفق التعليمات الصادرة أخيرا أنّه " كل جهد فكري أو جسماني يبذله العامل لقاء أجر، ضمن أحد اشكال عقد العمل المرن المحدد في النظام".
ونظام العمل المرن الذي أعلن في شباط (فبراير) العام الماضي أتاح العمل، "بأوقات متقطعة أو جزئية" وأشار النظام إلى أنّه من يستفيد من هذا النظام هو "العامل الذي أمضى في الخدمة لدى صاحب العمل ثلاث سنوات متصلة، والعامل الذي لديه مسؤوليات عائلية، والمرأة الحامل أو العامل الذي يتولى رعاية طفل أو رعاية فرد من أفراد العائلة أو رعاية كبار السن بسبب اعاقة أو مرض والعامل المنتظم بالدراسة الجامعية والعامل ذو الاعاقة".
وكان مجلس الوزراء تبنى هذا النظام، وحدد بموجبه أشكال العمل المرن ومنها العمل لبعض الوقت، العمل ضمن ساعات مرنة وبشكل يتواءم مع احتياجات العامل، ولا توثر أحكام هذا النظام على أي حق من الحقوق التي يمنحها قانون العمل للعامل.
ونص النظام على أن أشكال العقد المرن هي العمل لبعض الوقت: حيث يحق للعامل تخفيض ساعات العمل وذلك بعد موافقة صاحب العمل إذا كانت طبيعة العمل تسمح بذلك وايضا العمل ضمن ساعات مرنة، يكون للعامل فيه الحق وبعد موافقة صاحب العمل بتوزيع ساعات العمل المحددة يوميا، وبشكل يتواءم مع احتياجات العامل، وبألا يقل مجموع عدد ساعات العمل التي يعملها بشكل يومي أو أسبوعي عن ساعات العمل المعتادة للعامل.
يأتي هذا في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد المملكة من بطالة قدرت خلال العام الماضي بحوالي 18.3 % ، وقدرت خلال الربع الأخير من العام الماضي 18.5 % وبلغ المعدل للذكور 16.1 % مقابل 27.5 % للإناث لنفس الفترة.
من جهته أكد الخبير حمادة أبو نجمة أن هذه التعليمات جاءت بعد عام على صدور نظام العمل المرن، حيث أنها جاءت توضيحية وتنفيذية للنظام، لتساعد صاحب العمل والعامل على تطبيق هذا النظام.
وأكد أن هذا القانون من شأنه أن يزيد من مشاركة المرأة والشباب في سوق العمل. وذكر حمادة أن التعليمات تقدمت على النظام إذ أعطته صفة الإلزامية خصوصا في المادة 4 من التعليمات، ما دامت طبيعة العمل تسمح بذلك.
ووفقا للخبيرة في حقوق الإنسان والمرأة الرئيس التنفيذي لجمعية معهد تضامن النساء الأردني أسمى خضر فإنّ هذه التعليمات تخفف من ظاهرة الانسحاب من سوق العمل وتحد منه خصوصا النساء، ويمكّن من استثمار طاقاتهن وشهاداتهن بطريقة جيدة.
كما أن هذا النظام من شأنه وفق خضر أن يحقق الفائدة للشركات التي أصبحت تستطيع أن توفر من تكاليف دوام بعض الموظفين في مقراتها.
على أن خضر أكدت ضرورة تعميم هذا النظام والتعليمات على المؤسسات والشركات لمعرفة وفهم مواده وبنوده بشكل أكبر، إضافة إلى تقديم الحوافز للجهات التي تطبقه.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة قال إن "قطاع التوظيف والعمل يحتاج إلى الكثير من القوانين والأنظمة إلا أن المهم هو تطبيق هذه الأنظمة والتعليمات على أرض الواقع"
وبين أن نظام العمل المرن خطوة للأمام لكنه لا يعالج مشكلة البطالة بشكل كامل وهو بحاجة إلى تطبيق وبحاجة إلى تغيير ثقافة وعقلية المسؤول في القطاعين العام والخاص.
وأكد أن هذه التعليمات وغيرها من الأنظمة والقوانين ليس لها قيمة ما دامت لم تغير عقلية صاحب العمل في القطاع الخاص والمسؤول في القطاع الخاص.
وجاء في تعليمات النظام أن على كل صاحب عمل يستخدم 10 عمال أو أكثر ويطبق نظام العمل المرن أن يعدل النظام الداخلي لتنظيم العمل في مؤسسته ليتضمن أشكال العمل المرن المطبقة في المؤسسة، فئات العمال التي يطبق عليها العمل المرن داخل المؤسس وأيام الراحة الأسبوعية بما يتوافق مع عقد العمل المرن الخاص بالعامل والإجازات السنوية بما يتوافق مع عقد العمل المرن الخاص بالعامل وتعديل لائحة الجزاءات بحيث تتوافق مع العمل المرن.
كما جاء في التعليمات إجراءات تحويل صفة عقد العمل من دائم إلى مرن أو العكس على أن تتضمن تحديد مواعيد تقديم طلبات تحويل العقود تقديم الطلب خطيا من العامل الذي يرغب بتحويل صفة العقد من دائم إلى مرن أو العكس وفقا للنموذج المعتمد من قبل صاحب العمل الفترة أو الفترات التي يطلب بها العامل تحويل عقده إلى مرن متضمنا تاريخ بداية عقد العمل المرن وتاريخ نهايته، الأسباب الاستئنافية لقبول تحويل العقود خارج المواعيد المحددة، مدة البت في طلب تحويل العقد واشعار العامل بتغيير صفة عقده من دائم إلى مرن أو العكس أو رفض الطلب على أن لا تتجاوز المدة بحدها الأقصى أسبوعا من تاريخ تقديم الطلب، أسباب قبول إعادة عقد العمل المرن الى دائم قبل التاريخ المتفق عليه لهذه الغاية، إجراءات الاعتراض على قرار الإدارة برفض تحويل صفة العقد وجهة الاعتراض.
وجاء في المادة 4 من التعليمات أنّه لا يجوز لصاحب العمل رفض طلب تحويل عقد العمل الأصلي لأي عامل إلى فئة العمل المرن في المؤسسة، إلا إذا استند قراره إلى أحد الأسباب التالية، وهي؛ إذا ترتب على تحويل صفة العقد تكاليف مالية إضافية على صاحب العمل، إذا ترتب على ذلك اثر سلبي على جودة العمل واداء العامل، إذا كانت طبيعة عمل العامل تتطلب تواجده اليومي في مكان العمل وضمن ساعات العمل المعتادة.
وتذكر إحصائيات البنك الدولي بأن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في الأردن خامس أقل نسبة عالميا، كما أن الأردن كان في المرتبة 140 من أصل 142 دولة على المؤشر العالمي للمشاركة الاقتصادية للمرأة.