بسطات للسلاح الأبيض في عمان.. والمسؤولية غائبة
جراءة نيوز - عمان : نتشر على أرصفة شوارع وسط عمان بسطات لبيع «السلاح الأبيض» على مرأى من الجهات المعنية بمنعها، وفي ظل غياب واضح لتطبيق القانون الذي يجرمها ويعاقب على بيعها.
أشكال مختلفة من السلاح الأبيض على تلك البسطات، سيوفا وخناجر بكافة الأشكال والأحجام، وأنواعا عدة من السكاكين (موس كباس، موس أبو سبع طقات، مشارط)، وعصوات خاصة شبيهة بالتي تحملها الأجهزة الأمنية، و»البومة» (أداة توضع في الكف ولها أطراف حادة، وتستخدم للضرب وتشويه الجسد والوجه)،و أنواع أخرى ذات ألوان جميلة، وتصميم جاذب ومشجع على شرائها وحملها.
الراحة، والطمأنينة، والبيع بحرية بعيداً عن الخوف سمات بدت واضحة على أصحاب البسطات، الذين برروا تجارتهم بالسلاح الأبيض، بالظروف المعيشية الصعبة، وغياب العمل البديل الذي يغنيهم عن هذه المهنة، إضافة إلى أن عائلاتهم تقتات على بيع البسطات.
ولم يجيبوا على كيفية حصولهم على السلاح الأبيض، واكتفوا بالقول : إن هناك محلات جملة توزع على البسطات لا نستطيع أن نكشف عنها، مشيرين إلى أنهم لا يبيعون السلاح لمن يعلمون انه من «الزعران» وأصحاب السوابق.
وحول مدى خوفهم من العقوبة على بيع ما هو ممنوع قال أصحاب البسطات : منذ فترة طويلة ونحن نبيع، ولم نلمس أي اعتراض، ولم نتعرض لتفتيش.
وتابعوا الدولة مهتمة بالوضع العام ولا وقت لديها للانشغال بمثل هذه القضايا.
تبرير تخطى القانون، وقفز على الإنسانية، بيع وربح، وفي المقابل طعن وقتل وجرائم بالجملة يلعب السلاح الأبيض دورا كبيرا في إدارة مشهدها، من خلال تأمين المجرمين وأصحاب السوابق بتلك الأدوات التي تعتبر من أكثر أنواع الأسلحة استخداما في ارتكاب الجرائم.
مديرية الأمن العام نفت مسؤوليتها المباشرة عن بسطات السلاح الأبيض، مؤكدة أنها تقع ضمن اختصاص أمانة عمان الكبرى، ودور الأمن مساند لدوريات الأمانة عند خروجها للتفتيش على تلك البسطات.
ولم يتم الحصول على تعليق من أمانة عمان حول القضية، بعد محاولات اتصال عدة مع ناطقها الإعلامي الذي لا يرد على هاتفه.
وفي الوقت الذي أكد فيه بائعو البسطات أن الظروف المعيشية الصعبة هي الدافع الرئيس لهذه التجارة، نفى أصحاب محال مجاورة لها أن تكون حاجة الباعة المادية هي سبب بيعهم لأدوات ارتكاب الجرائم، لافتين إلى أنها تجارة مربحة، وتدر عليهم دخلا كبيرا.
وأشاروا إلى أن سعر القطعة الواحدة يرتفع إلى أضعاف مضاعفة في فترات معينة، كان يزداد الطلب عليها، أو تصبح نادرة عند تأخر قدوم البضاعة المهربة من الخارج.
لم تعد الأسلحة قضية عابرة يُمر عليها مرور الكرام، بل حالة مستعصية قد تتحول إلى ظاهرة خطيرة تهدد أمن مجتمع بأسره، وتعبد الطريق أمام ارتكاب الجرائم خصوصا بين فئات الشباب، الذين أصبح حمل بعضهم لتلك الأدوات سلوكا، وجزءا من حياة يباح فيها الطعن والقتل على أتفه الأسباب.
وتنتشر بسطات السلاح الأبيض مع ارتفاع نسبة ارتكاب الجرائم في الأردن، حيث تشير تقارير الأمن العام إلى ارتفاع الجرائم في العام 2011 عن العام الذي سبقه بنسبة 17 %، مسجلة 31 ألفا و 475 جريمة، في حين كان عدد الجرائم في العام 2010 26 ألفا و878.
وبحسب التقارير ذاتها فإن الجرائم التي وقعت على الإنسان في العام 2011 بلغت 1633 جريمة، وارتفعت جرائم الشروع بالقتل إلى 575 جريمة بنسبة ارتفاع 27.5 % عن العام 2010، فيما بلغ عدد جرائم القتل العمد 87 جريمة، بنسبة ارتفاع 26 %.
مواطنون أكدوا أن بيع السلاح الأبيض وحمله أمر مقلق ومخيف في ظل الأوضاع غير الصحية التي يمر بها الأردن والمنطقة بأسرها، في إشارة إلى أعداد النازحين الكبيرة من مناطق الصراع في دول عربية مجاورة، وما يترتب عليها من تأثير على الأمن الداخلي، وزيادة الجرائم.
الخمسيني يوسف أبو دية انتقد الغياب التام للجهات المعنية بهذه الممارسات الخطيرة، مشيرا إلى أن غياب الرقابة، وعدم تطبيق العقوبات الرادعة على تجار «السلاح «الأبيض، يجعل منها تجارة كبيرة لها زبائنها وتدار من قبل «مافيات».
فيما قال رائد شعبان إن القلق والخوف باتا حلما مزعجا يراود كل مواطن مع جرائم القتل اليومية التي نسمع بها ونقرأ عنها يوميا، موضحا أن عدم الاهتمام، وضعف الرقابة عن تجار «السلاح الأبيض»، خدمة كبيرة تقدم لكل مجرم مفلس دينيا وأخلاقيا وإنسانيا.